طباعة هذه الصفحة

عاشت يوميات التضامن مع العائلة بقسنطينة:

«الشعب» تنقل تفاصيل العثور على الرضيع المختطف «ليث»

قسنطينة: مفيدة طريفي

دموع فرح لا توصف ودعوات بإنزال أقصى الجزاء ضد المجرمين

تنفست ولاية قسنطينة الصعداء بعدما عثرت مصالح الأمن، أمسية يوم الجمعة، على الطفل الرضيع “كاوة محفوظ ليث” حيّا بمنطقة تمالوس، التابعة لولاية سكيكدة، والذي تمّ اختطافه من قسم التوليد والنساء بالمستشفى الجامعي ابن باديس بقسنطينة منذ حوالي 3 أسابيع، وتحديدا بتاريخ 27 ماي المنصرم، حيث تسبّبت في حالة هلع في الوسط الاجتماعي واستقطاب إعلامي لا مثيل له، ما ساعد في زيادة الوعي العام لدى المواطنين الذين شاركوا في عملية البحث والإفادة بالمعلومات.

حادثة السرقة التي كان ضحيتها الطفل الرضيع “ليث كاوة”، انتهت أخيرا بالعثور عليه بصحة جيّدة، ليعود إلى حضن والديه بعد رحلة شاقة من الانتظار والمعاناة والأخبار المتضاربة حول إيجاد مكان الطفل وهي الوضعية التي استنزفت أعصاب عائلة الطفل وكذا المواطنين الذين أبدوا اهتماما بالغا بالقضية التي تحولت إلى قضية رأي عام.

«الشعب” تنفرد برؤية الطفل محفوظ لــيث بأحضــــان والدتـــــــه

«الشعب” وبعدما وردتها معلومات حول خبر العثور على الطفل الرضيع بمنطقة تمالوس، عشية الجمعة، تنقلت إلى مقر إقامة عائلة الرضيع القاطنة بحي بن شرقي الشعبي، التي كنا قد زرناها سابقا، حيث شاهدنا عشرات المواطنين والعائلات التي جاءت تتأكد من صحة الخبر مهنئة العائلة بعودة الطفل المفقود منذ حوالي ثلاثة أسابيع، فبمجرد نزولنا من السيارة قابلونا بالزغاريد والبارود تعبيرا منهم على البهجة والسرور برجوع الغالي لندخل المنزل، حيث لم نتمكن من ولوجه بسبب اكتظاظه بالمهنئين الذين كانوا يشكرون الله على منّة العثور على الطفل بصحة جيدة، حيث أكدت خالة الرضيع “كاوة ليث” أنهم يحمدون الله على النعمة التي أولاها لهم، خاصة لأختها والدة “ليث” والتي قالت إنها تدهورت حالتها وأضحت لا تنام الليل، فبمجرد بزوغ الفجر لا تجدها سوى مرتدية حجابها ومتجهة نحو مديرية الأمن بوسط المدينة لعلها تجد ما يسرّ خاطرها وتجد فلذة كبدها الذي غاب عنها بسبب أيادٍ ملطخة بمعاناة أمّ حديثة الولادة وصيحات أب يبكي من أجل ابنه الوحيد بدل الدموع دماءً، هي الكلمات التي تحدثت بها خالة الرضيع ليث، لتتعالى أصوات النساء متحدثات لـ«الشعب” بأن الحق كان لابد وأن ينجلي وطالبوا بمعاقبة المجرمين الذين تجرّدوا من إنسانيتهم واقتلعوا فلذة كبد أمّ كانت تتحرّق شوقا لرؤية ابنها الوحيد بعد ابنتيها الوحيدتين.
وبعد الحديث مع أفراد العائلة، خاصة مع أعمامه الذين عبّروا عن فرحتهم بترديد كلمة “الله أكبر” ظهر الحق وزهق الباطل، لنتوجه بعدها نحو المستشفى الجامعي ابن باديس وتحديدا إلى قسم الأطفال على الساعة الثامنة ليلا وذلك لرؤية الطفل ووالديه اللذين يرافقانه بحجة قيامه بفحوصات روتينية وكذا للقيام بفحوصات الـ«دي.أن.أي”، للتأكد من هوية الطفل المسروق، إلا أننا وجدنا بعض الصعوبات في دخول ومقابلة الأم “كاوة.إ” من طرف وحدات الأمن، إلا أن إصرارنا وحبنا في استقصاء المعلومة الصحيحة، سهّل من مهمتنا بعدما أقنعنا المسؤول المكلف بالحراسة بمرافقتنا لاجتياز بوابة قسم الأطفال، لنتمكن من رؤية الوالدين والجدة مع الطفل الرضيع “كاوة محفوظ ليث” الذي كان ينعم بصحة جيدة وكان جميلا ذا عينين فاتحتين نائما في سلام وفي حضن والدته، التي احترقت من ألم فراقه، والتي استقبلتنا بفرحة وسرور شاكرة لنا وقوفنا بجانبها، حيث أكدت لنا أنها تحمد الله على قدوم اليوم الذي رأت ابنها من جديد وأنها تمكنت من ضمّه إلى صدرها وشمّ رائحته الجميلة وأنها لم تفقد الأمل في إيجاده رغم مرور العديد من الأيام وقالت إنها تنتظر طلوع النهار لتعود بابنها لمنزلها ولعائلتها وتنعم بالهدوء والراحة، لنغادر المستشفى حوالي الساعة العاشرة ليلا، آملين في لقائه في اليوم التالي ومرافقته لمنزله آمنا سالما لعائلته التي تنتظره بشوق.

بعد ليلة خضع فيها لفحوصات بقسم الأطفال “أسمهان كاوة” تعود بطفلها

انطلقنا، صباح السبت، نحو المستشفى الجامعي للاطمئنان على صحة الطفل الرضيع “ليث”، فوجدناه في غرفته مع والديه وكذا الأطباء الذين كانوا يعتنون بحالته الصحية كل ذلك تحت رقابة أمنية مشددة، حيث تحدثت لنا والدته بأنها تنتظر الخروج من أسوار هذا المستشفى بفارغ الصبر، لتنتهي فترة الترقب وتعود الوالدة وفي حضنها فلذة كبدها التي ذاقت الويلات في غيابه، فرحة آملة الأفضل بعودة المياه إلى مجاريها، شاكرة كل من وقف بجانبها وواساها في محنتها، خاصة رجال مهنة المتاعب، الذين لم يفارقوها منذ اختطاف وسرقة الطفل من المستشفى.
الطفل كاوة في سريره ووسط عائلته وجده وجداته الذين كانوا يبكون من شدة الفرح، حيث اعتبروها معجزة استبعدوا تحقّقها في ظل المعطيات التي جرت سابقا بولاية قسنطينة وحادثة إبراهيم وهارون، إلا أن البحث المستمر والتحقيقات الحثيثة لمصالح الأمن أبت إلا أن تعيد الطفل الرضيع إلى أهله ووالديه.

اتّصال هاتفي لإذاعة سكيكدة يكشف المستور

بحسب المعلومات الأكيدة التي تحصلت عليها “الشعب”، فإن قصة كشف مكان الطفل كانت بفضل اتصال هاتفي لمواطن لإذاعة سكيكدة، يفيد بوجود طفل رضيع بمنطقة “مولود بلاسكة بتمالوس” ولاية سكيكدة، لدى امرأة عاقر، لتتحرك بعدها الجهات الأمنية وتتمكن من العثور على الطفل “ليث كاوة” والقبض على المتهم الرئيسي في الاختطاف واسترجاع الرضيع، لتنطلق بعدها سلسلة التوقيفات التي مست كل المتورطين بالقضية وعلى رأسهم الشاب الذي شوهد ليلا رفقة الكهل الذي سرق الرضيع من قسم التوليد بالمستشفى الجامع والذي رأتهم الشاهدة على دخولهم صباحا حاملين الطفل “ليث” ملفوفا برداء أزرق، ليبقى الرجل الثاني في حالة فرار. وبحسب المعلومات التي توفرت لدينا، فإن الشاب الذي يعمل عون أمن بالقسم والمتورط في القضية، يبقى هو أيضا في حالة فرار. هذا وقد اعترفت المرأة التي عثر على الطفل بحوزتها، أنها اشترته بمبلغ يقدر بـ52 مليون سنتيم، لتعترف بجرمها وأنها كانت ضمن المجموعة التي خططت واختطفت الرضيع من المستشفى الجامعي ابن باديس. وقبل ذلك، تمكنت عناصر أمن دائرة تمالوس، بالتنسيق مع مصالح أمن ولاية قسنطينة والشرطة العلمية لولاية سكيكدة، من إلقاء القبض على المرأة التي كانت ضمن المجموعة التي سرقت الرضيع من مستشفى قسنطينة.

...وتوقيف 7 أشخاص آخرين متهمين في القضية

مصالح أمن دائرة تمالوس بلغتها معلومات بخصوص حصول هذه المرأة على رضيع وهي عاقر، وبعد تحرياتها بشأن القضية، تم توقيفها وتوقيف زوجها واسترجاع الرضيع في صحة جيدة. وتتواصل التحقيقات مع المتهمة وسط أخبار بوجود شبكة كبيرة لسرقة الأطفال الرضع.
من جانبه مدير الصحة للولاية، رفقة مدير المستشفى الجامعي، فقد أكدا بدورهما توقيف 8 أشخاص توقيفا إداريا، بينهم أعوان أمن وقابلات وممرضات.