يشهد الوضع في العراق، تصعيدا خطيرا، ممّا ينمّي المخاوف من الانزلاق إلى حرب طائفية تدخل بلاد الرافدين في نفق آخر من العنف الذي يحصد مزيدا من الضحايا ويتسبب في تصدع وحدة الشعب وينذر بتفتيت الوحدة الترابية لهذه الدولة التي تعاني الويلات منذ احتلالها عام 2003 من طرف القوات الامريكية.
وبعد ما يقارب الاسبوع من بدء تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”هجومها الكبير في العراق وتمكنها من إحكام قبضتها على العديد من المحافظات السنيّة بالشمال ،قررت القوات العراقية شنّ هجوم مضاد بهدف تطهير المدن من الارهابيين واستعادة السيطرة على مدينة تكريت وقضائي الدور وبيجي.
وفي هذا الاطار،اعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أن “قواتنا الباسلة استعادت المبادرة وبدأت عملها لتطهير كل مدننا العزيزة من هؤلاء الإرهابيين”، مشددا على “تماسك قواتنا المسلحة الباسلة”.
ويحاول مسلحو “داعش” منذ بدء هجومهم مساء الإثنين الماضي والذي تمكنوا خلاله من السيطرة على مناطق واسعة من شمال العراق بينها محافظة نينوى، اقتحام مدينة سامراء التي تسكنها غالبية سنية وتحوي مرقدا شيعيا أدى تفجيره عام 2006 إلى حرب طائفية امتدت لعامين وقتل فيها الآلاف.
وقام المالكي الذي يحكم البلاد منذ 2006 ويسعى للبقاء على رأس الحكومة لولاية ثالثة بزيارة سامراء الجمعة بعد وقت قصير من دعوة المرجعية الشيعية العراقيين لحمل السلاح ومقاتلة التنظيمات المسلحة وحماية الأماكن المقدسة.
وفي ظل أجواء الحرب التي تعيشها العراق ،قال الرئيس الإيراني، حسن روحاني امس ، إن بلاده مستعدة لمساعدة العراق في إطار القانون الدولي إذا طلب منها، وحتى الآن لم يطلب العراق مساعدة.
وأضاف أن “تدخل القوات الإيرانية لم يبحث” مع حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي، مؤكداً أن هناك “فرقاً بين المساعدة والتدخل”. وأضاف “نحن مستعدون للمساعدة إذا طلب منا ذلك على أساس قواعد القانون الدولي وإرادة الشعب والحكومة العراقيين”.
وأضاف في مؤتمر صحافي بثه التلفزيون الإيراني على الهواء مباشرة، أن إيران ستدافع بقوة عن أراضيها إذا عرضت جماعات إرهابية أمنها للخطر.
وقال روحاني إن إيران يمكن أن تفكر في التعاون مع الولايات المتحدة لإعادة الأمن للعراق إذا واجهت واشنطن “جماعات إرهابية في العراق وفي أماكن أخرى”.
من جانبها، دعت واشنطن جيران العراق، بمن فيهم الإيرانيون، إلى الامتناع عن القيام بأي عمل من شأنه أن يزيد من زعزعة الوضع، وعدم تغذية التوتر الطائفي.
وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما إن واشنطن لن ترسل أي قوات برية إلى العراق، معتبرا أنه لا فائدة من أي عمل عسكري إذا لم يتجاوز الخلافات الطائفية هناك، لكنه طلب من مستشاريه للأمن القومي إعداد مجموعة من الخيارات الأخرى لمد يد المساعدة للقوات العراقية في تصديها لمقاتلي تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام”.
من جهة أخرى، نفت واشنطن انخراطها في أي محادثات مع إيران بشأن الأحداث الجارية في العراق إثر الانهيار المفاجئ للجيش العراقي في عدد من مناطق البلاد.