تشهد مختلف الفضاءات العمومية خلال رمضان بتيبازة توافدا مثيرا وغير معهود لمختلف الفئات الاجتماعية لم تشهده مختلف مدن الولاية على مدار سنوات خلت، بحيث انتعش مؤشر النشاط التجاري بشكل لافت وتضاعفت الحركة المرورية إلى درجة الاختناق.
أفرزت الاجراءات الجديدة التي اعتمدتها مصالح التجارة عبر الوطن والمتعلقة بتسويق مختلف المنتجات بدون وثائق تثبت الانتماء لفئة التجّار انتعاشا ملحوظا في مختلف أنواع النشاط التجاري بتيبازة، إلى درجة أنّ كلّ شيئ أضحى يباع ويشترى والجميع تحوّل بين عشية وضحاها إلى تجار محترفين، إلا أنّ هذه الظاهرة التي اكتسحت مجمل مدن الولاية منذ اليوم الأول من رمضان لم تساهم بشكل مباشر في خفض أسعار السلع، ولم تفلح المنافسة الشرسة الحاصلة بين التجّار الجدد في التأثير ولو جزئيا على الأسعار المتداولة، ومن ثمّ فقد انتشر التجار بمختلف الفضاءات والأزقة وتراجع اقتناء المنتجات من طرف الزبائن لأسباب ذات صلة بضعف القدرة الشرائية.
«المستهلك» تستنكر رفع الأسعار
وفي ذات السياق، أشار رئيس جمعية حماية المستهلك حمزة بلعباس إلى أنّ مفاهيم التضامن والتآزر خلال رمضان غابت هذه السنة عن أذهان الناس بفعل طغيان الجشع ورفع الأسعار الى درجة لا يطيقها العامة، كما تجلّت في الواقع العديد من صور الفوضى وغياب التنظيم من حيث انتشار الفوضى التجارية وغياب ظاهرة البيع الترويجي التي وعدت بها وزارة التجارة، مؤكدا على أنّ الاشكال القائم حاليا يكمن في غياب التنظيم والتنسيق ما بين الفاعلين والمتعاملين، وهو الدور الذي تضطلع به عدّة هيئات ومصالح متداخلة.
وفي ذات الإطار أكّد بلعباس على أنّ أسعار الجملة المنشورة من طرف إدارة سوق الجملة للخضر والفواكه بالحطاطبة لا صلة لها بالواقع، بحيث يعمد العديد من تجار الجملة الى تجاهلها واقتراح أسعار خيالية أحيانا، لا سيما حين يتعلق الأمر بمواد يقلّ بها العرض كالبطاطا والطماطم بالنسبة للخضر والبرتقال بالنسبة للفواكه، مرجعا السبب الى غياب مراقبي مصالح التجارة الذين شنّوا اضرابا متجددا منذ عشية رمضان.
إضراب ينعكس سلبا على الواقع
أفرز اضراب عمال البريد بتيبازة تزامنا وشهر رمضان تململا واسعا في اوساط العمال البسطاء الذين لم يتمكنوا من سحب اموالهم من حساباتهم ممّا انعكس سلبا وبشكل مباشر على قدرتهم الشرائية، والأمر ذاته بالنسبة لأرباب العائلات المعنية بمنحة التضامن وهي المنحة التي صرفت هذه السنة نقدا عن طريق الحسابات البريدية، بحيث لم يتمكن هؤلاء من سحبها في ظروف مريحة، ليغيب بذلك الفعل التضامني الذي عهدناه خلال السنوات الفارطة، الأمر الذي أسفر عن بروز ظاهرة التسوّل على نطاق واسع.
كما أسفر إضراب عمال قطاع التجارة عن بروز فوضى عارمة في النشاط التجاري من حيث عدم التزام التجار بالإجراءات الاحترازية من وباء كورونا وارتفاع الأسعار بالنسبة للمواد المقننة واللحوم البيضاء والحمراء وندرة العديد من المواد من السوق على غرار حليب الأكياس، إضافة الى تسويق المنتجات الأكثر استهلاكا في ظروف غير صحية دون مبالاة بالعواقب الوخيمة.
الفضاءات العمومية تستهوي الشباب
استغلّت فئة الشباب رفع عملية الحجر بولاية تيبازة للسهر والسمر بمختلف الفضاءات العمومية إلى غاية ساعة متأخرة من الليل، بحيث لوحظ انتشار هذه الفئة بالمقاهي والساحات والطرقات وحتى المساجد ايضا بخلفية أداء صلاة التراويح التي استقطبت أعدادا غفيرة لم تكن في الحسبان ببعض المساجد الكبرى، خاصة تلك التي تحوي على فضاءات مفتوحة مرفقة.
ويرى العديد من الشباب الذين تحدثت إليهم «الشعب» بشأن السهرات الرمضانية إلى أنّ نكهة رمضان بالنسبة إليهم تكمن في مغادرة البيت ليلا والتخلّص من الضغوط الاجتماعية التي أفرزها الواقع المعيش، ولعلّ ما يلفت الانتباه في هذه الظاهرة خروج النساء ليلا متجهات نحو وجهات مختلفة على غرار المساجد والأهل والأقارب ودور الثقافة، فقد لوحظ بأنّ معظم رواد دار الثقافة بالقليعة ضمن برنامجها الرمضاني من الجنس اللطيف.