تشكّل فضاءات الترفيه ومرافق استقبال الشباب أحد أهم التحديات الحالية بالنسبة للسلطات المحلية والولائية، بالنظر إلى الدور المتزايد لفئة الشباب وتطلعاتها اليومية في إيجاد بدائل ترفيهية ووجهات للترويح عن النفس، بعيدا عن ظاهرة الجلوس وقتل الوقت في المقاهي وأحيانا يتسبب الوقت الزائد لفئة الشباب في سلوك الطريق الخطأ وكل ما يترتب عن ذلك من آفات اجتماعية سلبية.
عانى شباب ولاية بومرداس كثيرا من غياب فضاءات الترفيه والمرافق الشبانية المختلفة، ولا يزال لحد اليوم شباب البلديات النائية والقرى المعزولة محروما من أدنى المرافق الرياضية والثقافية، لأسباب عديدة البعض منها مرتبط بغياب الإرادة لدى السلطات المحلية في توزيع المشاريع القطاعية بعدالة بين الأحياء السكنية والقرى، حيث لا تزال اغلب المشاريع الترفيهية والرياضية على قلتها التي استفادت منها بلديات بومرداس متمركزة في قلب البلدية، مقابل حرمان شباب القرى النائية من أدنى مساحة مهيأة لممارسة الأنشطة الرياضية، أو الثقافية نتيجة الغياب التام لهذه المرافق رغم كثرة الحديث عن وجود مشاريع ونية حسنة من قبل السلطات الولائية للتكفل بشباب الولاية وتأطيره بمختلف الأنشطة الترفيهية، التربوية والرياضية.
وفي هذا الإطار، سطرت مديرية الشباب والرياضة لولاية بومرداس جملة من المشاريع لتغطية العجز المسجل في مجال المرافق الشبانية البعض منها تجسد على الأرض والبعض الآخر لا يزال مجرد مخططات على الورق، وبلغة الأرقام هناك حوالي 10 ملاعب لكرة القدم عبر بلديات الولاية استفادت من عمليات إعادة تهيئة شاملة، مركبين رياضيين جواريين في كل من الاربعطاش وحمادي، 6 مشاريع ملاعب جوراية في لقاطة، الاربعطاش، اعفير، شعبة العامر بقرية تيزي نعلي سليمان، وقرية عين الحمراء ببلدية برج منايل، 6 مشاريع مركبات رياضية جوارية في كل من حمادي، الاربعطاش، بالإضافة إلى مركبات رياضية أخرى استفادت منها كل من بلدية لقاطة، بن شود، اعفير وقدارة، ومشاريع مبرمجة تشمل 3 قاعات متعددة الرياضات في بلديات سي مصطفى، قورصو، الناصرية، إضافة إلى عدة مسابح أولمبية، وشبه أولمبية في كل من بودواو، شعبة العامر، خميس الخشنة، أولاد موسى، الناصرية وبرج منايل، دلس وحمادي، ومشاريع مستقبلية عديدة في إطار البرنامج الخماسي 2014/ 2019 وحتى من مخلفات الخماسي الحالي التي لم تتجسد بعد منها 10 دور للشباب، 4 فضاءات للعب، 4 بيوت للشباب في كل من زموري، قورصو وبومرداس، 4 مراكز للشباب ومركزين للتسلية العلمية وعدد آخر من المشاريع المبرمجة، لكن لحد الآن لم تسلم إلا مشاريع قليلة وبالتالي تبقى معاناة الشباب متواصلة، خاصة وأن بومرداس تنعدم فيها قاعات السينما والمسرح الجهوي، وبالتالي يشكل شاطئ البحر، ومقاهي الأنترنت بالنسبة للمحظوظين وجهة محتمة في الظرف الحالي، أما غير المحظوظين من شباب القرى فلم يبق أمامهم إلا لعبة الدومينو والتسمر في المقاهي.
بيت الشباب لدلس... مرفق أخرج المدينة من عزلتها
ساهم بيت الشباب لمدينة دلس الواقع بمنطقة “لقانقات” قبالة الميناء الذي سلم منذ نحو سنة في فك العزلة التي كانت مفروضة على هذه البلدية منذ سنوات، بسبب غياب مراكز الإيواء لاستقبال الزوار، كما تحررت من قيود التهميش والصمت الرهيب الذي دخلت فيه هذه المدينة الأثرية والساحلية لفترة تعدت العقدين من الزمن، حيث استطاع هذا المركز الجديد أن يعيد للمدينة حيويتها ويعيد مد جسور التواصل مع باقي مناطق الوطن، وفي هذا الشأن، يقول مدير بيت الشباب لدلس أعمر اوسلامة للشعب..” لقد استقبل بيت الشباب لدلس منذ افتتاحه قبل نحو سنة ضيوفا من 48 ولاية، وبفضله استطاعت البلدية تنظيم عدة أنشطة رياضية وترفيهية كانت إلى وقت قريب مستحيلة، بالنظر إلى طاقة الاستيعاب التي تصل إلى 300 سرير، وحوالي 120 سرير في الفضاء الخارجي عن طريق الخيم، ومن أبرز هذه النشاطات، منافسة كرة اليد، البطولة الوطنية لتنس الريشة ‘البادمنتون”، الألواح الشراعية، وغيرها من الأنشطة الأخرى، في انتظار تنظيم البطولة الوطنية في الرياضة القتالية بداية من 11 جوان، دورة في تدريب حكام كرة اليد أيام، 13، 14 و 15 جوان، قبل استقبال وفود من أطفال الجنوب لقضاء العطلة الصيفية والاستمتاع بموسم الاصطياف..”
هذا وعلى الرغم من النقائص التي لا يزال يعاني منها المركز حسب مديره، كغياب غاز المدينة، شبكة الأنترنت لتنشيط الفضاء الشباني داخل المركز، وعدم استلام الخيم المخصصة لتهيئة فضاء الاستقبال الخارجي، إلا أنه يعتبر إلى جانب بيت الشباب لبلدية رأس جنات، وقاعدة الرياضة البحرية من أهم مكاسب المنطقة التي ظلت محرومة لسنوات، في انتظار تجسيد باقي المشاريع الشبانية المسجلة للتخفيف من حياة التهميش والعزلة المفروضة على فئة الشباب التي تتطلع إلى حياة أحسن وتكفل أمثل بانشغالاتها اليومية.