يضع رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الفلاحة «خيارا إستراتيجيا» ضمن برنامجه الرئاسي، مثلما قال الوزير الأول ولكن هذا الخيار يحتاج اليوم إلى «استثمار قوي» ويتطلب «تسريع تسوية الوضعية القانونية للعقار الفلاحي ومحاربة البيروقراطية» حتى ينخرط جميع المتعاملين والشركاء في هذا المشروع التنموي، ويستطيع المساهمة كركيزة أساسية في الإنعاش الإقتصادي المنشود، وبناء صرح الجزائر الجديدة.
استعجل الوزير الأول عبد العزيز جراد، أمس، مواصلة عمليات معالجة وتطهير العقار الفلاحي من أجل القضاء على المضاربة في هذا المجال وترشيد استغلاله من طرف المستثمرين الحقيقيين. وأمر بالقيام في أقرب الآجال، باستكمال قانون التوجيه الفلاحي، باعتباره يشكل مرجعا أساسيا لهذا القطاع الحيوي. وقال جراد في كلمته للمشاركين في أشغال منتدى الفلاحة والصناعات الغذائية، نظم بالمركز الدولي للمؤتمرات، إن قطاع الفلاحة يواجه عدة تحديات من أجل وضع معالم جديدة لنموذج فلاحي عصري ومتطور يكرس التنمية المستدامة والمتوازنة لمناطق الوطن، من أجل تحقيق الأمن الغذائي، الذي يعتبر «عامل قوة الدولة وشرطا أساسيا لسيادتها».
وأكد جراد، أن بناء النموذج الاقتصادي الجديد القائم على تنويع النمو واقتصاد المعرفة كما أراده رئيس الجمهورية، استوجب على الحكومة وضع مخطط لتحديث الزراعة وتحقيق جملة من الأهداف الاستعجالية، منها ترشيد النفقات العمومية وتقليص فاتورة استيراد المواد الغذائية التي تفوق 10 ملايير دولار.
وذكر الوزير الأول بتعليمات كان قد وجهها رئيس الجمهورية للحكومة للإسراع في تنفيذ برنامج إعادة الاعتبار للقطاع الفلاحي واستغلال القدرات الوطنية، حيث أمر بتقييم وضعية العقار الفلاحي في كل الولايات والإسراع في تسوية الوضعية القانونية، للأراضي الفلاحية وحمايتها واستغلالها الأمثل، والعمل على إحداث القطيعة مع الأساليب القديمة بانتهاج طرق تسيير مبنية على تسهيل الإجراءات والعصرنة، ومحاربة كل أشكال البيروقراطية.
كما أمر بالإسراع في إنشاء ديوان يعنى بتنمية الزراعات الصناعية في الجنوب، والمناطق الصحراوية، واستكمال ربط المستثمرات الفلاحية والمشاريع الاستثمارية بالكهرباء، والموارد المائية، والإطلاق الفعلي للزراعات السكرية والزيتية والذرة لتخفيف أعباء الاستيراد والنفقات التي أثقلت كاهل الخزينة العمومية، توسيع المساحات المسقية، وضع سياسة وطنية للتخزين، من أجل معالجة اختلالات التسويق وضمان حماية منتوجات الفلاحين.
وطمأن جراد الفلاحين والراغبين في الاستثمار في القطاع الفلاحي، باستمرار دعم الدولة لهم، ومواصلة عملها على تطوير الفلاحة وعصرنتها عبر مقاربة تنموية واقعية، أساسها النجاعة في التسيير وعمادها الابتكار عن طريق مراكز البحث والمؤسسات الناشئة والصغيرة، وتوفير المناخ الملائم لعمل جميع الفاعلين من فلاحين وموالين ومستثمرين حقيقيين وباحثين في مخابر فلاحية عصرية متطورة.
وتعهد الوزير الأول بتشجيع المستثمرين في الصناعات الغذائية عن طريق منح تحفيزات عامة، منها ما تمويله يصل 90 بالمائة من كلفة الاستثمار، وتسجيل جودة الإنتاج وتثمين المنتجات الفلاحية من خلال تطوير الصناعات الغذائية الزراعية، من أجل رفع نسبة صادرات هذه المواد، مع تطوير السلاسل اللوجيستية.
مكاسب وإنجازات
عدد الوزير الأول الإنجازات والمكاسب التي حققها قطاع الفلاحة، خاصة في فترة الأزمة الصحية، حيث استطاع التصدي للوباء من خلال توفيره للمنتجات الفلاحية الأساسية من خضر وفواكه ولحوم.
وبلغة الأرقام قال جراد، إن قطاع الفلاحة ساهم في الناتج الوطني بنسبة تفوق 12,4 بالمائة، وبقيمة إنتاج عادلت 25 مليار دولار عام 2020، مقابل 23 مليار دولار عام 2019، كما وفر أكثر من 2,5 مليون منصب عمل مباشر، واعتبر ذلك «قفزة نوعية»، بالرغم من الظروف الصعبة الي عرفتها البلاد.
كما تمكن القطاع من تحقيق خفض محسوس في استيراد بذور البطاطا مقارنة بالسنة الماضية، من 92 ألف طن إلى 21 ألف طن، مما سمح بتشجيع البذور المنتجة محليا وتعميم استعمالها في 80 بالمائة من المساحة المزروعة، وتوسيع المساحات الفلاحية المسقية بأكثر من 20 ألف هكتار عبر 33 ولاية، ووضع إجراءات قانونية تسهل منح رخص حفر الآبار والقضاء على البيروقراطية في مجال الحصول على الماء، ودعم هياكل التبريد بإنجاز 13 مشروعا بقدرة تبريد 158 ألف متر مكعب عبر عدة مناطق من القطر الوطني من أجل تسيير أفضل لفائض الإنتاج.
وشملت الإنجازات المحققة، إطلاق عمليات كهربة المستثمرات الفلاحية، محصيا 62 ألف مستثمرة، منها 28 ألفا في جنوب البلاد، وتنمية الثروة الغابية بغرس قرابة 11 مليون شجيرة في إطار المخطط الوطني للتشجير، وهي المكاسب التي ستسمح بتحسين الإنتاج الزراعي وزيادة إنتاجيته وترشيد استخدام الأراضي الزراعية وترقية التنمية الريفية في المناطق الجبلية والسهبية والصحراوية.