طباعة هذه الصفحة

أشرف على افتتاح منتدى الاقتصاد الثّقافي، جراد:

سياسـة ثقافيـة جديـدة من منظور اقتصادي

حمزة محصول

نحو إنشاء مدن سينمائية

أكّد الوزير الأول عبد العزيز جراد، أمس، استعداد الدولة لدعم الاستثمار الخاص في المجال الثقافي، واستغلال المقومات الوطنية الكبيرة في القطاع، ودعا إلى وضع مبادرة «عملية» واضحة لتفعيل الاقتصاد الثقافي، كاشفا عن تحقيق إنجازات لافتة بالرغم من الصعوبات الناجمة عن تفشي وباء كورونا.
تعمل الحكومة على وضع رؤية جديدة لقطاع الثقافة، تنتهي بالتكريس الفعلي للصناعة الثقافية، بدل الاستمرار في منطق الاستهلاك والارتباط الشديد بالإمداد المادي للدولة، وفق ما كشف عنه عبد العزيز جراد.
المسؤول الأول عن الجهاز التنفيذي، وخلال افتتاحه لمنتدى الاقتصاد الثقافي، بالمركز الدولي للمؤتمرات، أكّد أنّ المقاربة البراغماتية لتطوير القطاع، نابعة من الأهمية الكبيرة التي يوليها له رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.
وقال خلال اللقاء الذي ينعقد بالشراكة بين وزارة الثقافة والمجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي، إنّ «الحكومة تعمل على تعزيز الأنشطة الثقافية من خلال عديد المحاور»، لافتا إلى أنّ النظرة الجديدة تتجاوز المفهوم التقليدي للثقافة، وتستهدف بناء «اقتصادي ثقافي حقيقي لما يوفّره من مداخيل معتبرة وملايين مناصب الشغل».
ومن أجل ذلك، عملت الحكومة، يضيف جراد، على دعم المنتجين في الصناعة الثقافية ودعم الخبراء الوطنية، وكذا إنشاء الهياكل القاعدية السينمائية والمسرحية، وتعزيز الإنتاج الفكري والفني وجعله في خدمة التنمية الاقتصادية.
وأوضح أنّ الإصلاحات العميقة التي باشرتها البلاد بهدف التحول إلى اقتصاد متنوّع، لا تستثني المجال الثقافي، لأنها تستدعي الاستثمار في كل ما يساهم في خلق الثروة ومناصب الشغل، خاصة وأن «الجزائر تملك مقوّمات هائلة».
وذكر الوزير الأول بإنجازات الحكومة في القطاع، بالرغم من الظّروف الصّعبة التي عرفتها الجزائر على غرار دول العالم بسب وباء «كوفيد-19»، كإطلاق منصة لبيع اللوحات الشكلية والكتب الالكترونية من أجل مرافقة الفنانين والمبدعين ضمن التأسيس لتنظيم سوق الفن.
وأفاد جراد، بفتح ورشات للبحث الأثري في المواقع التي عرفت اكتشافات وعددها 23 اكتشافا، مؤكّدا اتخاذ تدابير استعجالية لحماية الممتلكات الثقافية المكتشفة والمسترجعة، والشروع في الاستغلال الاقتصادي للمواقع الأثرية على غرار تجربة قلعة الجزائر التي تحتضن معارض للحرفيين والسياحة.
وأكّد المتحدّث، مرافقة الدولة للمنتجين والجمعيات الثقافية، التي استفادت من 154 مليون دينار سنة 2020، إلى جانب دعم أفلام سينمائية طويلة وقصيرة ووثائقية، ودعم 75 عملا مسرحيا وأعمال موسيقية وتشجيع 64 جمعية ثقافية.
وفي إطار دعم الشباب المبدع، ذكر بتتويج 24 مبدعا بجائزة رئيس الجمهورية، للشهيد علي معاشي، وتسجيل 75 مشروعا مصنّفا.
عناية بالفنان
 أكّد الوزير الأول، في المقابل، أنّ الفنان باعتباره المحرك الأساسي للفعل الثقافي يدخل في صلب اهتمامات الدولة، من خلال تقدير مقامه ودوره في المجتمع وحماية إنتاجه، مشددا على توفير البيئة المناسبة لإنتاج مشاريعه الفنية والثقافية.
وفي السياق، أعلن جراد عن استكمال النص المحدد لنظام العمل الخاص بالفنان والمسرحي، واصفا إيّاه «بالإنجاز الذي كان منتظرا من قبل الأسرة الفنية والمسرحية منذ مدة طويلة».
وأكّد وضع مخطط لبعث الإشعاع الثقافي والسياحة الروحية للبلاد على المستوى الدولي، داعيا بالمناسبة إلى الاستثمار في العلاقة الوطيدة بين الثقافة والسياحة لإعطاء «محتوى ثقافي لتثمين التراث والمتاحف والمدن العتيقة».
الاستثمار الخاص
 خلال المنتدى الأول من نوعه، الذي عرف حضور أعضاء الطاقم الحكومي، ومستشاري رئيس الجمهورية، أكّد جراد استعداد الدولة لدعم الاستثمار الخاص والتوجه نحو إنشاء مساحات ثقافية كبرى «ولم لا مدن إنتاج سينمائي؟».
ودعا إلى القيام بمبادرات عملية لتفعيل الاقتصاد الثقافي، وفق برنامج واضح، بالتوازي مع تعزيز الدور التربوي للثقافة «بما يضمن تقوية الهوية والوطنية والذاكرة التاريخية»، ليشدّد على إدماج التكنولوجيا والرقمنة في مساعي ترقية الفعل الثقافي والاهتمام بشبكات التواصل الاجتماعي وكل المسائل السمعية البصرية المتعددة.
وختم بالتأكيد على إيلاء عناية خاصة للفنانين والعاملين في الحقل الثقافي، وتأمين الحماية الاجتماعية لهم، وترقية الكتاب والمطالعة في المدارس الوطنية.
 بن دودة: منطق اقتصادي جديد
قالت وزيرة الثقافة، مليكة بن دودة، في كلمتها، بمناسبة ملتقى الاقتصاد الثقافي: «إنّ الثّقافة هي هويّتنا الدّفينة»، وإن ما تهدف إليه الحكومة يتمثل في إقامة منطق اقتصادي جديد يعتني بها (بالثقافة)، ويحفظ وجودها وانتشارها.
وكشفت أثناء عرض خاص بمقومات الثقافة الوطنية، أنّ الجزائر هي ثاني مهد للبشرية، وفق ما أكّدته اكتشافات عين بوشريط بولاية سطيف، وتملك 15 معلما مثبتا بخارطة الآثار تعود إلى ما قبل التاريخ ومختلف الحقب.
وأفادت بأنّ 44 بالمائة من المساحة الجغرافية للبلاد، عبارة عن مساحات ثقافية، أي بأكثر من مليون كلم مربع، مضيفة أن الجزائر تملك 25 قطاعا محفوظا و5 حظائر ثقافية و1020 مصنف ضمن اتفاقية التراث المادي.
وتابعت، بأنّ هناك 7 مصنّفات مدرجة ضمن التّراث المادي العالمي و8 مصنّفات ضمن التراث العالمي اللاّمادي، وتحصي الجزائر مليوني قطعة أثرية و50 متحفا وطنيا ومتاحف للمواقع الأثرية زارها 3 ملايين زائر خلال السّنوات الـ 5 الأخيرة. وتتكفّل 37 مؤسّسة بحماية التّراث الثّقافي على المستوى الوطني.