طباعة هذه الصفحة

الأحـزاب أمـام تحـدي استرجـاع ثقة الناخب

مسؤوليـــة الناخب كبـيرة لاختيـار الأفضــل

فتيحة كلواز

يصطدم الموعد الانتخابي لتشريعيات 12 جوان المقبل، برهان الكفاءة والنضال السياسي بعيدا عن شبهة الفساد. فكل الأحزاب السياسية تسارع الزمن من أجل ضبط قوائم ترشحها حتى يتمكنوا من كسب أكبر عدد من أصوات الناخبين، حيث أكد أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر-3، رابح لعروسي، أن الأحزاب اليوم أمام تحدي استرجاع ثقة الناخب الذي تقع عليه مسؤولية كبيرة في اختيار الأفضل ليمثله في المجالس المحلية والبرلمان بغرفتيه.
يُرجع أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر-3 رابح لعروسي، في اتصال مع «الشعب»، ما تعرفه الأحزاب من تهلهل وضعف في ممارستها السياسية، إلى الظروف المصاحبة لنشأتها في الجزائر، حيث وصفها بالظروف غير العادية، حيث عرفت تلك المرحلة الزمنية تحولا سياسيا واقتصاديا كبيرين، تزامنا مع وقوع الجزائر في أزمة أمنية أو ما يعرف بالعشرية السوداء.
واعتبر التحول الحاصل حينها سببا في وضع خريطة حزبية في تلك الفترة مشوهة نتيجة أحداث تاريخية أسفرتها تلك المرحلة، رغم ذلك حافظ الحزب العتيد أو «الأفلان» الذي عرفته الجزائر منذ الاستقلال، على مكانته في الساحة السياسية بحكم انتشاره الواسع في أغلب بلديات الوطن، كونه الحزب الوحيد لمرحلة معينة ما ساعد على امتلاكه قاعدة شعبية كبيرة.
ولاحظ لعروسي، أن الخارطة السياسية اليوم تتميز بمزيج من الانتماءات والإيديولوجيات تعتمدها هذه الأحزاب السياسية في خطابها، فلكل واحد منها مرجعية «تاريخية»، و»هوياتية» على غرار الوطنيين أو الديمقراطيين أو الإسلاميين.
أما فيما يتعلق بالتركيبة البشرية للأحزاب السياسية، أكد المتحدث أنه في مرحلة معينة أفرزت منظومة حزبية مشوهة نتيجة عملية انتخابية كان يشوبها التزوير ووجود المال الفاسد، في مختلف المواعيد الانتخابية والاستحقاقات في فترة سابقة.
 في ذات الصدد، قال لعروسي إن الجزائر عرفت حينها منتخبين في المجالس المحلية والوطنية لا يملكون الكفاءة لإدارة المرفق العام، بل هم غير قادرين على تحمل مسؤولياتهم على المستوى المجالس البلدية والولائية أو حتى على مستوى البرلمان بغرفتيه.
فقد أبانت سنة 2019 من خلال تداعيات حراك 22 فيفري عن فساد كبير لدى الطبقة السياسية، حيث قال لعروسي إن المتابعات القضائية لكثير من الوجوه التي كانت محتكرة للمشهد السياسي، خاصة البرلمانية ورؤساء البلديات، وجود نهب كبير للمال العام، بل أكثر من ذلك أظهرت تلك المتابعات أن هؤلاء المنتخبين وصلوا إلى تلك المناصب عن طريق المال.
تمييع العمل السياسي وإبعاده عن جوهره النضالي، بتحويله إلى مجرد صفقة بيع وشراء، وظف فيه المال لشراء المقاعد البرلمانية، اعتبره لعروسي سببا كافيا لإسقاط صفة النخبة أو النضال السياسي أو صفة الإطار السياسي المؤهل للتسيير عن هؤلاء، فمن يتولى – بحسبه- هذه المناصب يستدعي امتلاكه لمؤهلات علمية ونضال سياسي يجعلانه فوق أي شبهة فساد.
في ذات السياق، ربط لعروسي بين فقدان ثقة المواطن في مختلف مؤسسات الدولة بالفساد الذي أثر سلبا على الممارسة السياسية التي شابها تحالف المال والسياسة، هو المشهد الذي أفرزته الاستحقاقات في فترة الحكم السابقة، مؤكدا في نفس الوقت وجود وطنيين ومخلصين في تركيبة الأحزاب السياسية، رغم انتماء بعضهم إلى أحزاب محسوبة على الموالاة.
ولاحظ المتحدث، أن الواقع أثبت أن صوت هؤلاء الأشخاص كان ضعيفا داخل الأحزاب المختلفة المنتمين لها، بحيث لا يسمع لها صوت، بسبب التمييع السياسي الذي عرفته الساحة السياسية آنذاك.
فرصة التغيير السانحة
اعتبر لعروسي الانتخابات التشريعية القادمة، فرصة سانحة لمختلف الأحزاب، خاصة في ظل تعديل قانون الانتخابات، من أجل تقديم مرشح هو إطار سياسي مؤهل في قوائمها الانتخابية، لأن موعد 12 جوان المقبل سيكون بمثابة انتخابات تشريعية بنكهة محلية. فقانون الانتخابات الجديد يعطى الأولوية لكفاءة المرشح وعلاقته مع المجتمع وكذا نضاله السياسي في الميدان، أكثر من إعطائه قيمة للحزب السياسي كحزب بقانون انتخابي يعتمد القائمة المفتوحة.
 «الكرة اليوم في يد المواطن ليختار الأسماء المشهود لها بالكفاءة والنزاهة والنضال السياسي الشريف». وأضاف لعروسي، أن المسؤولية التي تقع على المواطن كبيرة ولا حجة له في البقاء على الهامش، لأن نظام القوائم المفتوحة سيعطيه الحلول الكافية لاختيار ممثليه.
 في نفس الوقت كشف المتحدث عن وجود نقاش وتنافس كبيرين داخل الأحزاب للبحث عن أسماء لها ثقلها الأكاديمي والمجتمعي والنضالي النظيف الذي يمكن أن تعوّل عليه وتضعه في قوائمها الانتخابية لتخوض التشريعيات القادمة.