طباعة هذه الصفحة

عودة إلى استيراد اللحوم الحمراء المبرّدة

محاصرة الغلاء ومحاربة «حيتان» السوق

هيام لعيون

تشهد الأسواق ارتفاعا في الأسعار بشكل عام، يتفاقم مع حلول شهر رمضان، إذ تشير معطيات السوق حاليا، أن رمضان هذا العام سيشهد ارتفاعا ملحوظا في أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء مقارنة بأسعار العام الماضي، هذا بجانب ارتفاع أسعار جلّ المواد الغذائية. فيما يرجع اقتصاديون السبب وراء ذلك، إلى انخفاض ملحوظ في قيمة الدينار وإلى المضاربة المبكرة، وغلاء المواد الأولية في الأسواق العالمية، الأمر الذي استعجل السلطات وبصفة استثنائية للعودة إلى استيراد اللحوم المبردة، بعد أن مُنع جلبها منذ الثلاثي الأخير لسنة 2020 بهدف حماية الإنتاج الوطني وتقليص فاتورة الاستيراد.
كثفت السلطات العليا من الإجراءات الخاصة بالشهر الفضيل، الذي بات فرصة سانحة للتجار من أجل اقتناص الفرص وركوب «حمّى رمضان»، الذي يعرف في كل سنة ارتفاعا حادا في أسعار جل المواد الغذائية خاصة اللحوم الحمراء، حيث أمر الرئيس تبون خلال اجتماع مجلس الوزراء، أول أمس، الجهاز التنفيذي، خاصة القطاعات المعنية، على غرار التجارة والفلاحة وجهاز الأمن، بتكثيف الجهود أكثر للسيطرة على أسعار اللحوم خلال شهر رمضان ومحاربة ارتفاعها، عبر التّنسيق من خلال شنّ حملات تفتيشية بالأسواق.
وشدد الرئيس على «التكثيف من دوريات التفتيش المشتركة بين مصالح الأمن والتجارة، لكشف التحايل عن طريق التخزين غير الشرعي لكميات اللحوم بغرض توجيه الأسعار»، وهذا من خلال المضاربة واحتكار السلع التي يتولاها عادة «حيتان» السوق، للمساهمة في رفع الأسعار، خاصة في بداية الشهر الكريم، ما يؤثر سلبا على جيوب السواد الأعظم من الجزائريين، ويدرّ أرباحا ضخمة لحسابهم الشّخصي، حيث بات رمضان فرصة للكسب السريع بالنسبة لهم.
ويرى الخبراء والمحللون، أن غياب الرقابة الحكومية وعدم محاسبة التجار في حالة تحكمهم في الأسعار، بالإضافة إلى جشعهم، يقف وراء ارتفاع الأسعار عادة، لذلك فان «التكثيف من دوريات التفتيش المشتركة بين مصالح الأمن والتجارة لكشف التحايل»، سيكون ضربة في وجه المتحايلين والجشعين من المضاربين والمتحكمين في الأسواق، خاصة إذا كانت هذه الإجراءات استباقية، يعني أن تنطلق قبل حلول شهر رمضان، وهذا «لردع» المضاربين ورفع «سيف» العقاب في وجههم، خاصة أولئك الذين بدأوا عملهم مبكرا ككل سنة للتأثير على الأسعار في رمضان، وإجبارهم على إخراج سلعهم من المخازن إلى الأسواق ما يساهم في خفض الأسعار.
وبحسب مختصين في المجال، فإن إغراق السوق باللحوم المبردة ستكون ضربة في وجه «الحيتان» التي تحتكر الأسواق في كل سنة للتحكم في أسعار اللحوم الحمراء، وإيجاد تعويض للمكون الرئيسي لطبق «الشوربة» من خلال اللحوم المبردة، خاصة وأنها كانت ملاذا للكثير من الجزائريين لتعويض اللحوم الطازجة التي تبقى أسعارها خارج طاقة جيوب غالبية الجزائريين. علما أن أسعار الدواجن هذه السنة وصلت إلى أرقام قياسية، تحاول السلطات حاليا إيجاد الحلول لها قبل أن يهلّ علينا رمضان.
في السياق ذاته، تشير تعليمات الرئيس، بـ»ضرورة التمييز عند العرض التجاري عبر كل الفضاءات، بين اللحوم المنتجة محليا وبين اللحوم المستورة»، إلى عزم السلطات حماية المواطنين من الغش، حيث يعمد الكثير من تجار محلات اللحوم لوضع المنتوجين (الطازج والمبرد) مع بعضهما البعض، ما يسهل عملية الخلط بينهما على المواطن، الذي يبقى الضحية الأولى لجشع ونهب بعض التجار خلال الشهر الكريم.
وفي الأسواق لا تزال أسعار اللحوم الحمراء مرتفعة، حيث يصل سعر الكيلوغرام من لحم الخروف إلى 2000 دينار ولحم البقر إلى 1200 دينار للكيلوغرام، كذلك ارتفعت أسعار الدواجن من 270 دينار إلى 460 دينار للكيلوغرام، بحسب جزارين.