طباعة هذه الصفحة

8 مارس..اليوم العالمي للمرأة

يمثّلن 60 بالمائة من عمّال قطاع التّربية

خالدة بن تركي

 معلّمات يرفعن تحدّي مواجهة الجائحة في الوسط المدرسي

 صاحبات المآزر البيضاء يمتهنّ التّمريض في زمن كورونا

 تواجه المرأة العاملة في مهنة التدريس، في الأطوار التعليمية الثلاث، تحديات كبيرة مع أزمة كورونا، تستوجب التفكير جديا في مراجعة النقائص والاختلالات، وكذا الاعتراف بمكانتها ودعمها ماديا ومعنويا لأداء مهامها وتمكينها من مواصلة العملية التعليمية دون عراقيل.
يقرّ الجميع بجهود المعلّمة التي كانت في الصفوف الأولى إلى جانب المعلم في مجابهة الوباء في الوسط المدرسي، حيث عملت على ضمان استمرار الدراسة على ضوء الصعوبات التي أحدثتها جائحة كورونا، من أهمها التعليم بنظام التفويج ومخاوف انتشار الوباء في أوساط التلاميذ.

 في الصّفوف الأولى

رفعت المعلّمات اللّواتي يمثّلن 60 بالمائة من تعداد قطاع التعليم،  التحدي عاليا لتكنّ في الصفوف الأولى لمجابهة الوباء وضمان استمرار الرسالة النبيلة، حيث وظّفت الضمير المهني الذي يضمن العطاء والاستمرار في الدراسة، بالرغم من الصعوبات والنقائص التي عصفت بالمنظومة التعليمية في بداية الجائحة، خاصة مع نظام التفويج المعتمد بسبب الوضع الصحي، والذي  أضحى حتمية لا مفر منها.
قالت عديد المعلمات بالطور الابتدائي إنّهن تحدين كل الصعاب في بداية الجائحة لضمان استمرار الدراسة وتفادي شبح السنة البيضاء، حيث عملن على مراقبة مدى تطبيق الشروط الصحية الوقائية التي تتطلّب التباعد الجسدي الاجتماعي سواء بالأقسام التربوية وفي الساحات وبالمطاعم المدرسية، غير أن نجاحه ميدانيا كان أمرا صعبا.
ويتعلق بجانبين أساسين هما توفير وسائل ومستلزمات الوقاية من الفيروس وتوفير المناصب المالية اللازمة لتوظيف الأساتذة، حتى يتسنى لمديري المدارس تخفيف الضغط المفروض بسبب النقص الفادح في التأطير البيداغوجي، والذي أسفر عن اكتظاظ رهيب على مستوى المدارس سابقا، ما خلق حالة من القلق لدى بعض المعلمات تحولت إلى هاجس حقيقي.

هاجس عدوى الوباء

 بما أن التعليم أصبح تحديا في زمن كورونا، خرجت الكثير منهن إلى الميدان وقت الذروة، حين  تصاعد منحنى الإصابات ليؤكّدن وجودهن ويضمن استمرار التعليم الذي يعد أحد أهم الركائز الأساسية لبناء المجتمع، حيث صرحت أمينة عماش، أستاذة رئيسية للغة الفرنسية بابتدائية مولا همني ببلدية الأبيار «أن الأسلاف ممّن سبقونا من معلّمات ناضلن لإنجاح التعليم في الجزائر والسيناريو يعاد اليوم مع جائحة كورونا التي تعد أحسن اختبار لحب المهنة والوطن».
وأردفت المتحدثة قائلة «المهنة النبيلة تحولت مع كوفيد إلى شاقة، متعبة ومخيفة في نفس الوقت، لأن رائحة الموت كانت تنبعث في كل ربوع الوطن، خاصة في الوسط المدرسي الذي سجل إصابة نحو 23 ألف مستخدم في سلك التعليم» بمن فيهم أستاذتين حملتا العدوى وكافحتا الفيروس إلى آخر دقيقة بالمدرسة السالفة الذكر».

 يقظة على مدار السّاعة

وصفت الأستاذة معاناتهم ويومياتهم في المدارس التي لا تخلو من المفاجئات بـ «المخيفة « أحيانا، فكل تلميذ يحمل أعراضا بسيطة يصبح محل اهتمام الإدارة، وأي شك يؤدي إلى إخراجه من القسم وإرساله إلى المنزل، وهكذا تنسى المعلمة الدرس أحيانا وتركز على الوضع الصحي لتلاميذها، فعلا إنّه موسم دراسي صعب، تقول المعلمة أمينة عماش.
وما سهّل عليهم مهمة تطبيق البروتوكول المدرسي، تضيف المتحدثة توفير الإمكانيات المادية والبشرية التي تكفل التطبيق الصارم للتدابير الوقائية التي تحمي المعلم والتلاميذ من عدوى الفيروس، حيث تكفلت البلدية بهذا الجانب، بإلاضافة إلى مساعدات أولياء التلاميذ الذين ساهموا في إنجاح المخطّط الصحي.

نضال فكري وجسدي

 عرجت المتحدّثة في سياق معاناتها اليومية الى الجانب البيداغوجي الذي أثقل كاهلها، حيث تضطر لشرح الدرس مرتين يوميا ، ما أنهكها وأتعبها نفسيا لأن الإعادة تجعل الدروس مملّة ولا تعطيها نفس الاهتمام ولا نفس فرص الشرح، وهو الأمر الذي ينطبق مع التحضيرات التي تتم في المنزل بالنظر إلى ضيق الوقت في نظام التفويج، الذي خلق نوعا من الراحة للتلميذ الذي يملك متسعا من الوقت للمراجعة والحفظ، لكن الأستاذة يضطرون لنقل عملهم اليومي إلى المنزل.
وقالت إنه بالرغم من تأثيره الإيجابي على المدرسة من حيث اعطاء فرصة للتلاميذ للفهم والاستيعاب أكثر، نظرا لأن عددهم بالفوج الواحد لا يتعدى 24، الا انه ولّد ضغوطات كبيرة انعكست سلبا، وبمعنى أدق أضحى الأستاذ يدرس 32 حصة أسبوعيا في الطور المتوسط، الامر الذي كان يستلزم التدخل لتخفيف ساعات العمل عن طريق توظيف أساتذة جدد في بداية العام الدراسي، لكن عدم التحرك جعل المعلمات يتخبّطن في ضغوط العمل ومشاكل الحياة اليومية.
وطرحت الأستاذة أمينة، مراعاة للوضع الاجتماعي والصحي لهن، أن يخصص ملف صحي للاساتذة خاصة المعلمات اللواتي تتعرضن لضغوطات كبيرة تستوجب من ادارة المؤسسة التفكير في هذا الموضوع، الذي أبرزت الجائحة مدى الحاجة إليه، لاسيما وأن الكثير منهن أصبن بالعدوى دون علم أنهن يحملن أراضا مزمنة.

 ضغوط تتحوّل إلى قلق يومي

تتعرض المرأة الاستاذة الى ضغوطات عديدة ترتبط بمحيط العمل وتفاعلها معه، خاصة في ظل أزمة كورونا التي خلقت تدريسا استثنائيا وضغوطات اسرية اثرت على صحتها النفسية وعلاقتها الأسرية. هي آراء أغلب النساء العاملات في التدريس اللواتي أكدن أنها مهنة نبيلة لكنها شاقة تستوجب التحدي في زمن الكورونا.
صرّحت أستاذة اللغة سمية بن دحمان بابتدائية ببومرداس لـ «الشعب»، أن الاساتذة والمعلمات على وجه الخصوص عانين في بداية الجائحة في ولاية بومرداس بسبب نقص الإمكانيات المادية لتطبيق البرتوكول الصحي، بسبب النقص الفادح من حيث وسائل التعقيم والوقاية، مؤكدة أن الأستاذ كان يواجه خطر الاصابة لوحده.
قالت الاستاذة بن دحمان إن توفير الظروف الملائمة للأستاذ يسمح له العمل في أريحية، هذا ما صعب العمل في بداية الجائحة وجعله أشبه من المستحيل، ولكن بمرور الوقت وتقسيم التلاميذ إلى أفواج انطلقت الدراسة بشكل عادي واعتاد الطرفان اي الاساتذة والتلاميذ على البرتوكول الصحي الذي وفر الحماية من عدوى الفيروس.
وما أكّدته أيضا، أنّ المعلمات وقفن وقفة تحدي لمواصلة التعليم في الظروف الصعبة بل أحيانا «خطيرة» لان التدريس في ذروة الوباء يعتبر خطرا على صحة المعلم، وما جعلها تعيش قلقا إضافيا محاولتها الدائمة لحماية تلاميذها من جهة، والقيام بدورها الأساسي المتمثل في تلقينهم تعليما صحيحا في غضون يومين ونصف من الاسبوع.
ومن سلبيات الجائحة - تقول المتحدثة - نظام التفويج الذي لا يخلق المساواة في المعارف العلمية بالرغم من المحاولات لتقديم الدروس بنفس الطريقة لكن تبقى الإعادة حاجزا في حصول التلميذ على نفس درجة المعارف.

 سنة دراسية استثنائية

قالت أستاذة العلوم الطبيعية بمتوسطة سويداني بوجمعة احمد بولاية قالمة، صارة بورصاص، في تصريح لـ «الشعب»، إن الأستاذ كان عليه في تلك الفترة ان يقدم دورا هاما للبلاد يتمثل في ضمان استمرار التعليم رغم الصعاب التي واجهت المنظومة التعليمية، حيث ان الإرادة والعزيمة كانت اقوى واستمرت الدروس وجاءت المخططات الاستثنائية التي وضعتها الوزارة بنتائج إيجابية، رغم تأثيرها السلبي على صحتهم النفسية والجسدية.
وعن الصعوبات التي واجهتهم مع جائحة كورونا، أفادت المتحدثة أنّها كانت أصعب من الطور الاول، لأن نظام التفويج خلق ما يسمى إعادة الدروس 6 مرات، الامر الذي نتج عنه ضغطا وقلقا يوميا، «فإلى جانب مخاوف الكوفيد نعيش دائما على أعصابنا كلما تذكرنا ان الدرس يعاد اكثر من مرة، إلى جانب الحجم الساعي الذي ارهقنا».
وأضافت في سياق موصول، أن ما صعب العمل غياب الإمكانيات لتطبيق البروتوكول الصحي بالمؤسسات التربوية، خاصة في بداية الجائحة، حيث استعان المعلم بأبسط وسائل التنظيف في انتظار احضار وسائل التعقيم التي تضمن الحماية اللازمة في الوسط المدرسي، مشيرة في سياق خبرتها مع التعليم إلى نها كانت سنة استثنائية بكل المعايير.
وأكدت في الاخير، أن المنظومة التعليمية بحاجة لتضافر جهود الجميع للخروج من هذه الوضعية، وأن يكون الجميع أهلا للمسؤولية من أجل إنجاح السنة الدراسية في ضوء المعطيات الصحية التي تعيشها بلادنا على غرار باقي دول العالم.