بعد اكتشاف حالتين جديدتين من سلالة كورونا البريطاني، تجدّدت مخاوف الجزائريّين من عودة الحديث عن احتمال فرض الحجر الصحي صارم، خاصة في ظل عدم تقيد العديد من المواطنين بالإجراءات السلامة والوقاية.
في الوقت الذي تنفّس فيه الجزائريّون الصّعداء جرّاء انخفاض أعداد الإصابات بالوباء وانحساره بالتزامن مع حملة التلقيح ضد الوباء، عاد شبح الخوف من إمكانية العودة إلى فرض حجر صحي شامل، وتشديد الإجراءات الوقائية ليخيّم على المواطنين من جديد، بعد ظهور حالات جديدة من فيروس كورونا البريطاني.
بعد تشديد العديد من دول العالم إجراءات الحجر الصحي، وتعليق بعض الرحلات الجوية الدولية تزامنا مع ظهور السلالة الجديدة لفيروس كورونا، أبدى عدد من الجزائريين في حديثهم مع «الشعب» تخوّفهم من فرض حجر صحي شامل ممّا يقطع الطّريق أمام العودة قريبا إلى الحياة الطبيعية.
بالمقابل، عبّر آخرون عن تخوّفهم من سرعة انتشار السلالة الجديدة، خاصة بعد التراخي في التقيد بالإجراءات الاحترازية بين المواطنين أنفسهم.
وبالرغم من الانخفاض المسجّل في أعداد الإصابات بالوباء، واستقرار الحالة الوبائية بالجزائر، إلاّ أنّه أمام ظهور السلالة الجديدة المتحوّرة، طالبت اللجنة العلمية لرصد ومتابعة فيروس كورونا المواطنين بالالتزام الصارم بإجراءات السلامة والوقاية، وتجنّب التراخي والاستهتار بالسلالة المتحورة من فيروس كورونا.
هواجس تعود من جديد
للوقوف أكثر على ردود المواطنين بعد الإعلان عن تسجيل حالتين من السلالة المتحورة البريطانية، اقتربت «الشعب» من العديد من المواطنين الذين أبدوا مخاوفهم من العودة إلى حجر صحي صارم في حال تفاقم الوضع، وارتفعت أعداد الإصابات بالفيروس البريطاني مستقبلا، خاصة أنّ فترة الحجر كانت لها تداعيات سلبية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.
وفي هذا الشأن، أبدت فاطمة (صاحبة ورشة للخياطة ببلدية جسر قسنطينة)، تخوّفها من إمكانية العودة مرة أخرى إلى الحجر الصحي الشامل، والذي أدخل العديد من المواطنين في وضعية بطالة عن العمل دامت لعدة أشهر، بسبب توقف عدد من النشاطات التجارية والعديد من القطاعات عن مزاولة أنشطتها منذ مارس الماضي، تاريخ تسجيل أولى حالات الوباء بالجزائر.
نفس الرأي شاطرته إيّاها زمليتها بالورشة قائلة «نأمل العودة إلى حياتنا العادية، بعد انحسار الوباء في الآونة الأخيرة، وبدل العودة إلى سيناريو الحجر الصحي الصارم مرة أخرى، فإنّني أفضّل التّعايش مع الفيروس البريطاني والالتزام أكثر بالإجراءات الاحترازية».
وقال نبيل صاحب محل لبيع المواد الغذائية، بأنّه شعر بالخوف عند سماعه خبر تسجيل حالات من كورونا المتحورة البريطانية «لقد أصبت بذعر كبير، خاصة وأنّني أصبت بالفيروس سابقا، وبالتالي فأنا أعلم خطورته، وبما أنّ السلالة الجديدة سريعة العدوى والعديد من المواطنين لا يلتزمون بإجراءات السلامة وبالتدابير الصحية، فإنّني أتوقّع موجة جديدة من الإصابات بالفيروس إن لم يتم حصرها بتدابير صحية صارمة، وإن اقتضى الأمر فرض حجر صحي شامل».
الحجر الشّامل مستبعد
قال الدكتور بن اشنهو، أنّ الطّفرة الجديدة من فيروس كورونا والتي ظهرت في بريطانيا ووصلت إلى الجزائر مؤخرا، أسرع انتشارا بنسبة 50 إلى 70 بالمائة من الفيروس الأصلي بسبب الطفرات البيولوجية التي وقعت على الفيروس الكلاسيكي، مشيرا إلى أن الدراسات لم تثبت بعد أن السلالة الأخيرة ليست أكثر خطورة من سابقتها.
المتحدّث أكّد أنّ الجزائر سجّلت حالتين من السّلالة المتحوّرة فقط، وعليه فإنّ فرض حجر صحي شامل مستبعد حاليا، ولكن إذا ما تفاقم الوضع الوبائي يضيف بن أشنهو، وارتفعت الحالات بشكل يصعب التحكم فيها، فإنّ فرض الحجر الصحي يعتبر الطريقة المثلى للتحكم في انتشار كورونا المتحورة.
ولتفادي العودة إلى الحجر الصحي وتجنّب الإصابة بالسلالة البريطانية من الفيروس، دعا بن أشنهو المواطنين إلى مواصلة الالتزام بالإجراءات الوقاية والسلامة المتبعة منذ شهور، وما تستلزمه من تباعد اجتماعي أو ارتداء للكمامة وتجنّب التجمعات مع الحرص على التعقيم المتواصل لليدين مع تناول الغذاء الصحي والفيتامينات والتعامل مع أي نزلات برد على أنّ كورونا تستوجب العزل.
نجاعة اللّقاح
لفت بن أشنهو إلى أنّه ونظرا لقدرة هذه السلالة الجديدة على الانتقال السريع بين الأشخاص وتستهدف اكثر الاطفال وكبار السن والمصابين بالأمراض المزمنة، حيث تعتبر هذه الفئات الأكثر عرضة للإصابة بالوباء.
وعن نجاعة اللقاح الروسي «سبوتيك-في» الذي تستخدمه الجزائر حاليا ضد فيروس كورونا، وإمكانية مواجهته للسلالة المتحورة الجديدة، أكد بن اشنهو على فعاليته كبيرة، وبأنّه سيوفّر الحماية من فيروس السلالة البريطانية المتحوّرة.
بن أشنهو قال إنّ تخوّف المواطنين من اللقاحات غير منطقي «بفضل التلقيح قمنا بحماية البشرية من مرض الجدري، والأطفال من مرض شلل الأطفال وتقريبا قضينا عليه، كما نحاول أن نقضي على الحصبة الألمانية والنكاف. ولقاح كورونا هو الوسيلة الوحيدة لحماية الناس وأرواحهم».