طباعة هذه الصفحة

استراتيجية تواصل الأجيال لضمان تسجيل النجاحات

جيل جديد من الرياضيات رفعن راية الجزائر في المحافل الدولية

عمار حميسي

مازالت الرياضة النسوية تساهم في رفع الراية الوطنية في المحافل الدولية بفضل إجتهاد وعمل نخبة من الرياضيات اللائي أبين إلا أن يقطعن طريقا شاقا وصعبا، لكن حلاوة الإنجاز والتتويج تنسي هموم المآسي والأزمات، حيث عرفت الرياضة النسوية خلال السنتين الماضيتين في الجزائر، طفرة نوعية من خلال ظهور جيل جديد أبى إلا أن يرفع المشعل ويواصل التألق والسير على خطى بولمرقة وبنيدة وسواكري...

عرفت الجزائر مراحل متنوعة من الإنجازات في مختلف المجالات مثل المجال الرياضي وعلى وجه الخصوص الرياضة النسوية، التي غالبا ما تكون منسية إلى أن تظهر بطلة ترفع التحدي وتحقق ما عجز عنه الكثيرون وتساهم في رفع الراية الوطنية في محفل أولمبي أو قاري أو إقليمي.
لم تنطفئ شعلة التحدي مع مرور الأجيال وفي كل مرة كانت تظهر بطلة وكأنها تقول بنجاحها «هناك الكثير مثلي في الجزائر ونجاحي هو نجاح لهن»... والتتويج في الغالب يكون ثمرة عمل واجتهاد، لكن بالنسبة للرياضية الجزائرية هو ثمرة مأساة وتحدّ ومواجهة الصعاب والعراقيل.
العمل المتواصل كان شعار كل رياضية استطاعت تحقيق إنجاز محلي أو إقليمي أو إفريقي وحتى على المستوى الدولي، خاصة أن العناية التي تحظى بها الرياضة النسوية يبقى قليل مقارنة بما تحظى به الرياضات الأخرى
تحدي المجتمع والذهنيات السلبية
ممارسة الرياضة في الجزائر مكفول للجميع وكل واحد يستطيع القيام بهذا الأمر لأنه مرتبط بالحرية الشخصية، لكن عندما يتعلق الأمر بالمرأة الأمر يتغير والنظرة كذلك، لأن المجتمع الجزائري بحكم أنه محافظ مازال لم يتحرر من فكرة منح الفرصة للمرأة في مجال الرياضة.
العديد من الرياضيات الموهوبات واللاتي كانت لهن فرصة الوصول إلى أعلى المراتب، إلا أنهن لم يستطعن تحقيق ذلك وبقي الأمر حبيس الأحلام والخيال بسبب العراقيل والصعوبات من المحيط القريب بداية بالأسرة وصولا إلى الحي والمدينة هو ما جعل العديد من الرياضيات يتوقفن عن ممارسة الرياضة بعد أن وصلن إلى المستوى العالي.
حققت العديد من الرياضيات إنجازات مهمة في المجال الرياضي على المستويين المحلي والعالمي، لكن هذا الأمر لم يغير نظرة العديد من أطياف المجتمع لممارسة المرأة للرياضة في المستوى العالي، حيث يتوجب البحث عن السبل الكفيلة من أجل رفع نسبة المشاركة النسوية.
نجاحات كثيرة لجيل واعد
عرفت السنتان الماضيتان بروز جيل جديد من الرياضيات في مختلف المجالات حققن الكثير من الإنجازات المهمة، خاصة على المستويين الإفريقي والعربي وهو ما يؤكد أن الرياضة النسوية تسير في طريق التألق مستقبلا، بالنظر إلى توفر المواهب القادرة على رفع التحدي.
يكفي فقط أن نذكر التتويجات التي تحققت في السنة الماضية على المستوى الإفريقي، حيث نالت أمينة بلقاضي ذهبية الجيدو في بطولة إفريقيا وبوعلام رميساء ذهبية الملاكمة، إيمان خليف ذهبية الملاكمة، حاج سعيد كاميليا ذهبية الكاراتي، وداد دراعو ذهبية الكاراتي، صونيا زبوج ذهبية المبارزة الإفريقية، لبنة مقداس ذهبية الكاراتي، ليندة مازاري ذهبية البادمنتون، أمل حميش ذهبية المصارعة.
هذا الجيل الجديد من الرياضيات الواعدات إستطعن رفع التحدي والتأكيد على أن النجاح ممكن في حال توفر الدعم المعنوي على وجه الخصوص، لأنه الأهم بالنسبة للرياضية أكثر من أي شيء آخر في ظل الصعوبات التي تلقاها على مستوى المجتمع وأحيانا حتى على مستوى الأسرة.
استغلال التواصل الاجتماعي
وجدت الرياضة النسوية متنفسا مهما خلال الفترة الماضية من أجل الترويج للإنجازات المحققة على المستوى الإفريقي والإقليمي في ظل عدم الإهتمام الكبير الذي يوليه الإعلام الرياضي لمشاركة الرياضيات الجزائريات في المنافسات الدولية عكس ما هو الحال مع بعض الرياضات الأخرى، على غرار كرة القدم التي تحظى بالمتابعة الكبيرة.
تمكنت بعض الرياضيات من استغلال وسائل التواصل الإجتماعي على أكمل وجه من خلال نشر صور التتويج أو فيديوهات للمنافسات وفي ظل الرواج الكبير لوسائل التواصل الإجتماعي في الجزائر وخاصة الفيسبوك نالت بعض الرياضيات شهرة كبيرة وأصبح يشار إليهن بالبنان.
الإعلام الرياضي في الجزائر مازال يركز كل إهتمامه على تغطية منافسة كرة القدم، لكن الرياضات الأخرى لا تحظى بنفس التغطية فما بالك بالرياضة النسوية التي لا تملك أي حيز في البرامج الرياضية او القنوات الخاصة رغم أنها تقدم خدمة عمومية إلا أنها لا تولي أهمية كبيرة للرياضة النسوية.
ضمان تواصل الأجيال
إستمرارية النتائج الإيجابية والنجاحات بالنسبة للرياضية النسوية في الجزائر لم يكن موجودا من قبل، حيث كانت تمر فترات تعرف فيها بروز جيل يحقق إنجازات جيدة ثم يتراجع وتمر بعدها فترة قاحلة وخالية من النجاحات بسبب غياب سياسة تواصل الأجيال لضمان تواصل النجاحات.
بروز جيل مميز وموهوب هو ثمرة عمل تم القيام به من طرف مدربين ومؤطرين من المستوى العالي حملوا على عاتقهم تقديم الدعم المعنوي والفني لرياضيات كانت لهن الفرصة للبروز والتألق فيما بعد، لكن الأمر لم يكن سهلا في البداية ولكن السؤال هو كيف ستكون النهاية؟.
لكل جيل بداية ونهاية لكن نهاية جيل يجب أن تكون بالضرورة بداية جيل آخر حتى تبقى الجزائر حاضرة على مستوى الرياضة النسوية في المحافل الدولية ونتجنب الفترة القاحلة والجرداء التي قد تدوم لسنوات عديدة قبل أن يظهر جيل جديد يحمل المشعل ويعيد الرياضية النسوية للتألق من جديد.
في الفترة الحالية هناك جيل صاعد موهوب وقادر على تحقيق المزيد من الإنجازات، فالرياضيات اللائي تم ذكرهن من قبل مازلن في ريعان الشباب وهن قادرات على مواصلة رفع التحدي وتمثيل الجزائر بأفضل طريقة ممكنة على المستوى الإفريقي على الأقل مع محاولة البحث عن تحقيق الإمتياز على المستوى الأولمبي.
سيأتي يوم على هذا الجيل يكون فيه غير قادر على العطاء وحينها لن ينفع وضع اليد على الخد في شيء، لأن العمل الإستكشافي والنظرة الثاقبة للمدربين يجب أن تبدأ من الآن، من خلال البحث عن المواهب الصاعدة في الرياضة النسوية القادرة على رفع التحدي بعد خمس، ست أو سبع سنوات من الآن.
الأكيد أن الجزائر تزخر بالمواهب في مختلف المجالات منها مجال الرياضة النسوية، لكن هناك أيضا الكثير من المواهب التي أفلت لأنها لم تجد من يخرجها من ظلام الشارع إلى رحابة القاعات الكبرى ومضامير الملاعب من أجل العمل والإجتهاد حتى يكن حاضرات لإستلام المشعل.
لحظة الأمل حاضرة لا محالة وبروز يد تخرج من وسط الظلام لاستلام المشعل للحفاظ على الاستمرارية قد يكون، لكنه قد لا يكون ايضا، لهذا نجاح الرياضية النسوية لا يكون بالحاضر بل يكون دائما بالمستقبل لأنه من يصنع الحاضر.