طباعة هذه الصفحة

ستواصل المهمّة إلى ما بعد التّشريعيّات المسبقة

حكومة جرّاد أمام تحدّي «فعالية الميدان»

حمزة محصول

بعد التّعديل الذي مس عدد من الحقائب الوزارية، ينتظر أن تواصل حكومة الوزير الأول، عبد العزيز جرّاد، مخطّط عملها تنفيذا لبرنامج رئيس الجمهورية، إلى غاية صدور نتائج التشريعيات المسبقة المقرّر تنظيمها في غضون أسابيع. وإلى غاية هذا الموعد يطالب الجهاز التنفيذي بتحقيق فعالية ميدانية واضحة خاصة في الشقين الاقتصادي والاجتماعي.

 التعديل الحكومي، الذي أجراه رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الأحد، شمل 7 قطاعات وزارية، هي: الصناعة، النّقل والأشغال العمومية، السكن، البيئة، الطّاقة والمناجم، الرّقمنة والإحصائيات والسياحة.
وأسقطت من تشكيلة الحكومة، 4 وزارات منتدبة هي: التّخطيط والاستشراف، التجارة الخارجية، البيئة الصّحراوية، الصّناعة السينماتوغرافية، وأعيد دمج وزارتي النقل والأشغال العمومية، وكذا الطاقة والمناجم.
ولم يمس التعديل، الذي أجري بالتوازي مع توقيع المرسوم الرئاسي المتعلق بحل المجلس الشعبي الوطني، بالوزارات السيادية، فيما جدّدت الثّقة في عبد العزيز جرّاد لقيادة الجهاز التنفيذي كوزير أول.
وسيواصل الطّاقم الحكومي، تنفيذ مخطّط عمله الذي صادق عليه البرلمان، في 16 فيفري 2020، إلى غاية تنظيم الانتخابات التشريعية المسبقة في الأشهر القليلة المقبلة، والتي ستحدّد التّركيبة المقبلة للحكومة، بقيادة وزير أول، في حالة حصول الأغلبية الرّئاسية على مقاعد المجلس الشّعبي الوطني، أو رئيس للحكومة في حالة فوز الأغلبية البرلمانية، طبقا لأحكام الدستور الجديد الذي جرى الاستفتاء عليه في الفاتح نوفمبر من العام الماضي.
ومخطّط عمل الحكومة، هو جملة الاستراتيجيات القطاعية من أجل تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية، في جميع محاوره الاقتصادية، الاجتماعية وعصرنة الإدارة ومكافحة البيروقراطية.
وجاء تعديل الأحد، بعد التقييم السلبي الذي خلص إليه الرئيس تبون، بشأن أداء بعض القطاعات، وقال الخميس الماضي في خطابه للأمة، «إنّها (القطاعات) التي شعرنا وكذلك المواطنين بنقص في أدائها».
ولا علاقة للتعديل الحكومي بالانتخابات التشريعية المسبقة، لأن هذه الأخيرة لم تعد من صلاحيات الإدارة العمومية، وبات الإشراف عليها كلية، يقع على عاتق السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، والتي يمنحها مشروع القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات قيد الإعداد صلاحيات أوسع.
الرّقمنة والإحصائيات
حافظ الرئيس تبون على وزارة الرّقمنة والإحصائيات ضمن تركيبة الحكومة، في وقت تمّ دمج قطاعات وإلغاء وزارات منتدبة، ما يؤكّد حالة عدم الرّضا على وتيرة العمل الذي كان قائما بهذه الوزارة طيلة السنة الماضية.
واتّخذ رئيس الجمهورية في عديد اجتماعات مجلس الوزراء، بتحديث منظومة الإحصاء في البلاد، وتقديم المعلومة الدّقيقة التي تسمح باتخاذ القرار المناسب  في كل القطاعات، مشدّدا على أنّ الرقمنة هي السبيل الأمثل للتحكم في العملية الإحصائية ثم عصرنة الإدارة.
وكان منتظرا، أن يتم صدور نصوص قانونية لضبط قطاع الإحصاء، وإنشاء خلايا إحصائية على مستوى البلديات، والانتهاء من رقمنة كافة الإدارات العمومية قبل نهاية السنة الماضية، ولا يبدو أن الأمور سارت بالشكل المطلوب في هذا القطاع.
ويراهن الرئيس تبون، على الإسراع في تعويض البيروقراطية  المقيتة، بالرقمنة، التي ستشكّل عصب تنفيذ خطّة الإصلاحات الاقتصادية، وبالأخص في ميدان الاستثمار، بما يتماشى وطموح دعم الإنتاج الوطني خارج قطاع المحروقات.
الصّناعة الوطنية
 في السياق، سيتولّى وزير الصناعة الجديد، محمد باشا، ترجمة ورقة طريق تطوير قطاع الصناعة الوطنية، المكوّنة من 5 دفاتر للشروط على أرض الواقع، خاصة ما تعلق بدعم وترقية قطاع المناولة وتمكينه من الاعتماد على المواد الأولية أو نصف المصنعة المحلية.
ويترجم في هذا المجال دفتر الشروط المحدد لكيفيات الاستفادة من الإعفاءات الجمركية والضريبة للمناولين الوطنيين، بما يسمح لاحقا بتموين شبكة التصنيع التي تشترط نسبا معينة من الإدماج.
وقد يكون مطلوبا من الوزير باشا، أن يوجّه الاهتمام إلى النسيج الصّناعي الوطني، وكيفية إعادة ترتيب بيوت المجمّعات الصناعية، وإيجاد حلول عاجلة وناجعة لتلك التي تعرف مشاكل واضطرابات مهنية أو تتعلّق بسلسلة الإنتاج.
كما سيعكف الوزير على ضبط اللمسات الأخيرة، على مشروع قانون الاستثمار ونصوصه التطبيقية، قبل أن يرفع للحكومة للدراسة والمصادقة، ثم الترويج له، بغرض تحفيز الاستثمارات الوطنية والأجنبية، بعد سنتين من الركود، أو العزوف.
وسيكون قطاع السيارات، وبالأخص الاستيراد سواء بالنسبة للمركبات الجديدة أو الأقل من 03 سنوات، تحديا حقيقيا للوزير باشا، مع الاهتمام الشديد من جانب المواطنين بهذا الملف، الذي بات شائكا للغاية، رغم تدني أهميته في سلم أولويات الصناعة الوطنية.
ويرتبط بهذا الملف شبكات مصالح متعدّدة واسعة، تضغط من أجل نيل ما تعتقد أنّه «حصتها» من الكتلة النقدية المخصّصة لاستيراد المركبات الجديدة والمقدّرة بمبلغ 2 مليار دولار، وهو ما يراه بعض الخبراء منطقا ريعيا اعتمدته الحكومات السابقة منذ 2014، وما كان للحكومة الحالية الوقوع فيه.
الاقتصاد والقدرة الشّرائية
بعدما انكبّت طيلة السنة الماضية على مراجعة الإطار المؤسّساتي، من خلال وضع عشرات المراسيم التنفيذية الجديدة والمعدّلة، يقع على حكومة جرّاد، العمل على مواجهة التحدي الاقتصادي، بعد أشهر من الركود وتلقّي الصّدمات القوية النّاجمة عن تفشي فيروس كورونا.
وسيكون التفكير في الصيغ الملائمة لإعادة بعث جميع النشاطات التي توقّفت نهائيا أو جزئيا، حتمية خاصة مع تدني حالات الإصابة اليومية بـ «كوفيد-19»، إلى جانب تشجيع ودعم آلة الإنتاج الوطني خاصة الفلاحي لمواجهة لهيب الأسعار، الذي أرهق المواطنين منذ مطلع السنة الجديدة.
وموازاة مع التعافي الطفيف لأسعار المحروقات في الأسواق الدولية، يبقى الرهان الكبير للطاقم الحكومي، تخفيف أو امتصاص الصدمات التي أثّرت على القدرة الشّرائية، والأخص الانخفاض غير المسبوق لقيمة الدينار مقابل العملات الأجنبية.
وسيشكّل شهر رمضان الفضيل امتحانا حقيقيا للجهاز التّنفيذي، لإثبات مدى قدرته على إعادة التوازن إلى السوق، ومكافحة كل أشكال المضاربة والاحتكار.