طباعة هذه الصفحة

وزير الإعلام الناطق باسم الحكومة الصحراوية، حمادة سلمى الداف:  

تخليد الذكرى 45 لإعلان الجمهورية لها دلالات في مسار التحرّر

حوار : عزيز.ب

 حقّق الشعب الصحراوي مكاسب تاريخية وأسس دولة قائمة بمؤسساتها  

 تصريح الرئيس تبون يعبّر عن موقف الجزائر الثابث والراسخ تجاه القضية  

 العمليات العسكرية هي استكمال لتحرير باقي الأرضي الصحراوية المحتلة

يرى وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الصحراوية، حمادة سلمى الداف، أن الشعب الصحراوي حقّق مكاسب تاريخية وأقام دولة بمؤسساتها، فضلا عن التعريف بالقضية الصحراوية على المستوى الدولي، مؤكدا أن الشعب الصحراوي متمسك باحترام القانون الدولي والشرعية الدولية وحقّه في تقرير المصير، مشيرا أن جيش التحرير الشعبي الصحراوي الذي يرابط اليوم بإصرار على استكمال مهمة التحرير، يجسد سيادة الدولة الصحراوية على ترابها المحرّر، ويواجه بعزم وحزم سياسات دولة الاحتلال المغربي العدوانية التي تهدّد السلم والأمن والاستقرار في كامل المنطقة.  
 
- «الشعب ويكاند»: يخلّد الشعب الصحراوي الذكرى الـ 45 لإعلان الجمهورية الصحراوية المصادف لـ 27 فيفري، هل يمكن استذكار أهم المحطات؟  
 حمادة سلمى الداف: احتفال الشعب الصحراوي بمناسبة الذكرى الـ45 لإعلان الجمهورية العربية الديمقراطية الشعبية لها دلالات بمسار القضية الصحراوية، وكلنا يعلم أن القضية سجّلت في بداية الستينات لدى الأمم المتحدة كقضية تصفية استعمار
وبالضبط سنة 1963، ويجب أن تحل طبقا لنص اللائحة 15-14 الصادرة سنة 1960 والمتعلقة بحق الشعوب المستعمرة في تقرير مصيرها، كما تمّ تسجيل اسبانيا أنذاك كقوة مديرة لإقليم لم تتمّ تصفية الاستعمار منه، وبالتالي كانت مطالبة بأن توافي الأمم المتحدة سنويا بكل ما تقوم به من خطوات لاستكمال تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية. وكان هذا خلال حقبة الكونونيل فرانكو ومن بين القضايا التي تلتزم لها اسبانيا، ولكن مع منتصف سنة 1975 ومع تدهور الوضعية الصحية لفرانكو، وبداية عودة الملكية المطلقة لأسبانيا كحل للمسار الديمقراطي على مستوى الدولة الاسبانية لجأت هذه الأخيرة وبعد وفاة فرانكو إلى التنصّل من كل التزاماتها المتعلقة بالصحراء الغربية وبدلا من أن تنظّم الذي وعدت به الشعب الصحراوي ليقرّر مصيره لجأت إلى تقسيم الصحراء الغربية ما بين المغرب وموريتانيا بموجب اتفاقية مدريد 14 نوفمبر سنة 1975 وهي الاتفاقية التي كانت مشؤومة على الشعب الصحراوي حاولت من خلالها إسبانيا أن تتنصّل من مسؤولياتها التاريخية تجاه مستعمراتها في غرب إفريقيا.
وبدأت آنذاك بالقيام بالخطوات التالية لانسحابها من الإقليم، تحت الضغط الذي مارسته الولايات المتحدة الأمريكية بمعية المغرب لإجبارها على السير على هذا المنحى بعدما قام المغرب بحشد قواته وحتى احتلال مناطق شمالية من الصحراء الغربية في 31 أكتوبر 1975، وتنظيم ما يسمى بالمسيرة الخضراء من طرف الحسن الثاني نحو الصحراء الغربية في إطار مسرحية مخادعة توهّم باستعادة الصحراء الغربية بشكل سلمي.
 وأمام هذه الضغوطات لجأت اسبانيا الى توقيع اتفاقية مدريد وتقسيم الصحراء الغربية ما بين الدولتين المغرب وموريتانيا وأمام كل هذا الوضع برزت الجبهة الشعبية للساقية الحمراء وواد الذهب كقوة سياسية مهيمنة تمثل الشعب الصحراوي من خلال زيارة بعثة تقصي الحقائق التي أرسلتها الأمم المتحدة شهر ماي 1975، والتقرير الذي صدر عنها والتي فجرت الكفاح المسلح ضد اسبانيا منذ 20 ماي 1973 وحررت أغلبية المدن الصحراوية آنذاك، كان عليها ان تحضّر الرد أمام هذه المؤامرة التي استهدفت الشعب الصحراوي بالاتفاق بين القوى المستعمرة والقوة التي تخدم الاستعمار في منطقة شمال إفريقيا على غرار النظام المغربي والموريتاني حينها. وأمام هذه المؤامرة تمّ مواجهتها بإعلان الوحدة الوطنية 12 أكتوبر 1975 بمنطقة عين متيلي توحد فيها الصحراويون، بحيث أعلنت الجمعية العامة عن حل نفسها يوم 28 نوفمبر 1975، وتم تأسيس المجلس الوطني الصحراوي على أنقاضها وتوحّدت كل الأطياف السياسية التي كانت موجودة تحت راية الجبهة الشعبية للساقية الحمراء ووادي الذهب وبالتالي كان لابد من رد تمثل في إعلان الجمهورية الصحراوية كدولة لكل الصحراويين في 27 فيفري 1976، أي بيوم واحد بعد انسحاب آخر جندي اسباني من الأراضي الصحراوية، وهناك قال الشعب الصحراوي لكل العالم أنه قرّر مصيره وأعلن عن قيام دولته الوطنية بعدما خذلته القوى الاستعمارية بعد أن غادرت البلاد دون أن تفي بالتزاماتها وهو ما يعني أن هذه الذكرى تحمل دلالات كبيرة في مسار النزاع الصحراوي، ليبقى الطرح اليوم ما مصير تقرير الشعب الصحراوي في ظل التنفيذ الشكلي للالتزامات القانونية التي ألحت عليها الأمم المتحدة وهي تمكين الشعوب التي تعاني من الاستعمار من تقرير مصيرها أما من الناحية الواقعية فالشعب الصحراوي حقيقة قرّر مصيره في 27 فيفري 1976، حينما أعلن عن قيام دولته.  
- بعد سنوات من إعلان الجمهورية الصحراوية، ماهي المكاسب المحقّقة لحدّ الآن وماذا لم يتحقّق؟
 في الحقيقة الجبهة الشعبية للساقية الحمراء ووادي الذهب تميزت بأنها حركة التحرير الوحيدة التي زاوجت ما بين البناء والتحرير، في سنة 1976  وبعد استشهاد الشهيد مصطفى السيد الوالي يوم 9 جوان، انطلاقنا عسكريا في هجمة الشهيد الوالي بعدما كنا في مرحلة الدفاع الايجابي.
 أما على المستوى السياسي والتنظيمي، تمّ تأسيس أول حكومة صحراوية يوم 5 مارس 1975 وتمّ الشروع في بناء المؤسسات الأساسية الضرورية للقيام بمهام وبخدمات للمواطن الصحراوي، خاصة وأن مرحلة تأسيس الدولة الصحراوية تزامنت مع همجية الغزو المغربي التي فرّ في وجهها مئات الصحراويين اللاجئين إلى الجزائر الشقيقة التي احتضنتهم.
وبالتالي، وبدلا أن تبقى الجبهة الشعبية لساقية الحمراء ووادي الذهب حركة تحرير ربما لا تتحمّل مسؤوليات تسيير الشأن العام للمجتمع، ظروف الاحتلال واللجوء فرضت علينا كتنظيم سياسي أن نتحمّل أعباء وتسيير المجتمع وبناء مؤسسات الدولة الناشئة، وهو ما ساهم فيه الكفاءات المثقفة والمرأة الصحراوية على وجه الخصوص، نظرا لانشغال أغلب الرجال في ميدان المعارك والحرب، هذا البناء ركّز على المؤسسات الاجتماعية في البداية كمؤسسات التعليم والصحة والخدمات العامة التي تقدم الخدمات الأساسية للمواطن خاصة ما هو متعلّق منه بالبناء الإداري من بلديات ودوائر والولايات  والوزارات الأساسية التي شكلت آنذاك الحكومة الصحراوية.  
بالفعل اليوم نقف على تجربة 45 سنة بناء إداري  وقانوني متكامل بحيث الدولة الصحراوية لديها علاقات دبلوماسية واسعة الاعتراف بها تجاوز الـ 80 دولة، فضلا عن سفارتها الموجودة في عواصم الدول الشقيقة والصديقة، كذلك كدولة مؤسس للاتحاد الإفريقي، كمنظمة قارية تمارس مهامها كعضو في المجموعة الدولية فاعل في محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة وفاعل في تثبيت مبادئ الديمقراطية والحكامة على مستوى مؤسساته وصيغ اختيار مسيري وممثلي الشعب، دولة كذلك لديها دستور وسلطة تنفيذية وتشريعية وقضائية، إذا بالنسبة لنا التجربة الصحراوية في البناء ينعم المجتمع الصحراوي اليوم من خلال الأعداد الكبيرة للمثقفين والخريجين في مختلف الاختصاصات  والتكفل المجتمع الصحراوي بكل انشغالاته بدون الحاجة إلى اليد العاملة الأجنبية في الكثير من الاختصاصات وهذا في الحقيقة مطمئن.  
- الاحتفال بذكرى إعلان الدولة الصحراوية يتزامن والحرب القائمة بالأراضي الصحراوية لاسترجاع السيادة؟  
 الدولة الصحراوية شكّلت إجماعا لدى الصحراوين على أهمية أن تكون لهم دولة وعدم رضاهم بأي مسار غير الاستقلال وقيام الدولة الصحراوية، هذا الإجماع اليوم في مخيمات العزة  والكرامة للاجئين الصحراويين وكذا للجالية الصحراوية الموجودة في دول العالم، جاء على خلفية ما مارسته الدولة الصحراوية من ديمقراطية من حرية الفكر والتعبير من خدمات حقيقية للمواطن ومن أسلوب في العمل المقدس خدمة للمواطن وإعطاء الأولوية لانشغالات المواطن بالدرجة الأولى، هو ما أنشأ الثقة والاطمئنان في هذه الدولة التي يستعد أبناؤها اليوم لفرضها، ولو تطلّب ذلك تقديم تضحيات قربان لحرية شعبهم واستكمال لسيادة الدولة الصحراوية، وهذا ما عبّرت عنه الهبة الشعبية التي كان العنصر البارز فيها الشباب غداة خرق المغرب لاتفاق وقف إطلاق النار 13 نوفمبر 2020، وتنصله من التزاماته التي وقّع عليها لتسوية القضية الصحراوية، وهذا ما عبرت عنه كذلك قوة المرأة الصحراوية التي تقارع الاحتلال المغربي في المدن المحتلة، وهو ما يعني ان العمليات العسكرية اليومية التي يتم القيام بها هي بداية لسلسة من العمل العسكري الذي يقوده المقاتلون الصحراويون لاستكمال تحرير باقي الأرضي الصحراوية.  
-  الرئيس تبون أعلن في خطابه الأخير، أن النزاع في الصحراء الغربية قضية تصفية استعمار يجب حله من خلال تنظيم استفتاء لتقرير المصير؟  
 لدينا ثقة بالنصر وهذه الثقة يعزّّزها إيماننا بالله ويعززها كذلك ثقتنا بحلفائنا وأصدقائنا الذين يقفون معنا يوميا بالكلمة والدعم المادي والمعنوي وعلى رأس هؤلاء الدولة الجزائرية التي نكّن لها كل التقدير والاحترام، والتي أكد رئيسها عبد المجيد تبون في خطابه الأخير موقفها الثابت الرسمي والراسخ على اعتبار أن القضية الصحراوية هي قضية آخر مستعمرة في إفريقيا وأن الاستعمار لا يمكن أن يزول إلا من خلال ما تقرّره الأمم المتحدة كحق للشعوب المستعمرة وهو حق تقرير المصير كحل وسط يمكن أن يقدم للشعب الصحراوي ليقرر ما يراه، لذلك لابد من المغرب آن يقتنع أن الحل والذي لا يمكن للشعب الصحراوي التنازل عنه هو الاستقلال التام.