طباعة هذه الصفحة

بعد مرور عامين.. على الحراك

قطار التغيير يجتاز محطات حاسمة

كريم كالي

 لا يختلف اثنان على أنّ الحراك الشعبي المبارك حقق أشياءً كثيرة، بالرغم من أنّ سقف المطالب التي كان يطرحها كان عاليا وكانت تبدو مستحيلة، الأهم تحقق تنحي بوتفليقة بعد عشرين سنة وطويت معه العهدة التي أخرجت الجزائريين عن بكرة أبيهم يصرخون «جمهورية ليست مملكة» وبدأت بالموازاة مع ذلك حملة مكافحة الفساد التي طالت كبار المسؤولين السياسيين والأمنيين ورجال أعمال.
الخطوة الثانية بعد استحالة إقامة الانتخابات الرئاسية في جويلية 2019 كانت الحوار الوطني ثم بناء نظام سياسي جديد في إطار الشرعية الدستورية وهذا ما كان في 12 ديسمبر من نفس السنة بذهاب الجزائريين إلى صناديق الاقتراع واختيارهم لعبد المجيد تبون رئيسا جديدا للبلاد.
رئيس بدأ على الفور بعد رحيل باقي الباءات التي طالب الحراك بعزلها بتطبيق خارطة الطريق التي وافق عليها الجزائريون في انتخاب نزيه وشفاف فعيّن حكومة جديدة وبدأ في الحوار الوطني مع الفاعلين السياسيين وفتح ورشة تعديل الدستور الذي لم تلفظ السنة الأولى من العهدة الرئاسية أنفاسها حتى أصبح ساري المفعول.
اليوم مع الذكرى الثانية للحراك الشعبي يمضي قطار التغيير للمحطة الرابعة وهي الانتخابات التشريعية المبكرة وتجديد وتشبيب الطبقة السياسية الوطنية، فهل ستكون هذه الحركة المطلبية في الموعد عندما تطلق القاطرة «صافرة» مغادرة المحطة نحو الجزائر الجديدة.
الحراك الشعبي اليوم يواجه حالة من العجز بالرغم ممّا كان يحمله في البداية من زخم سياسي وإعلامي بسبب عدم قدرته على تأطير نفسه أو تعيين ممثلين عنه ليطرح نفسه بديلا عن الطبقة المتآكلة.
وأن تنتج هذه الريادة التي يكون أغلبها من الشباب أرضية منسجمة تدخل غمار المعترك السياسي وتحتل مكانها الطبيعي في المشهد الجديد، رؤية تصطدم مع تجذر الحراك حول فكرة «لا تأطير لا تمثيل» وبأنه ليس حزبا سياسيا.

خارطة جديدة

تمكن الرئيس تبون أن يحافظ على قاعدته الشعبية بالرغم من ضعف الطبقة السياسية وفعاليات المجتمع المدني وعجزها عن مسايرة الحركة الجديدة نظرا لغياب قدرتها على الإقناع وإنتاج خطاب جديد يؤسس للقطيعة المطلوبة.
وعلاوة على ذلك، كسب تبّون الرهان بإحداث التغيير المطلوب من خلال اتخاذ إجراءات حيوية لتنشيط القطاع الاقتصادي الذي طاله الركود ونخره الفساد، حيث عمل تنشيط الاستثمار وبعث الحركية الاقتصادية وترشيد النفقات ووقف الاستيراد الناهب الذي فتح المجال لتهريب العملة الصعبة رغم تراجع عائدات النفط ونقص الموارد المالية.