طباعة هذه الصفحة

كنا نظن

جميلة عبد الله

صدى ضحكات وأجمل الذكريات عبقها الماضي البعيد، حين كنا نظن ببراءة أن العالم كله هو قريتنا ومدينتنا وتلك الجبال المحيطة بنا وكأنها تحضننا بحب وترسم حدودا بين مدينتنا وما يحيطنا من كل الجهات
كنا نظن أن الشمس ملك أرضنا وسمائنا والقمر فقط نحن نراه لا يراه سوانا والنجوم المتناثرة حوله تتأملنا ونحن نستمع باهتمام لحكايا واحجيات الجدات رحمهم الله كنا لا نحس بأحجار الفناء ونحن نفرش بساط يضمنا فنتسابق للجلوس والسهر على ضوء الفنار أو القناديل المضيئة بالزيت قبل وصول حضارة الكهرباء والطرق غير معبدة فكانت معاناة حقيقية أيام الشتاء
 وحده فصل الربيع كان يقنعنا أن الحياة لها ملامح جميلة ولها ألوان غير اللون الرمادي فهناك فرق كبير بين الشتاء بالمدينة والشتاء بالريف.
كم كنا نسعد ونعانق الفرح وأبي حفظه الله يلتقط لنا صور جماعية بعد استعدادنا كأننا نستعد لرفع العلم بالمدرسة ببراءة.
كنا نخط ونرسم على الأرض أشكال هندسية ونلعب ونمرح حتى المساء ونسمع آذان المغرب فتنادينا أمي حفظها الله وكأننا ننسى أنفسنا باللعب
كان يوم ظهور التلفاز أجمل يوم ومحاولتنا إقناع جدي رحمه الله بأن يشتري لنا تلفاز قبل ذلك كنا نتسلل لمنزل الجيران لمشاهدة المسلسل الكرتوني سنديبال هههه ونعود متسللين حتى لا يؤنبنا أبي
 مر زمن وملامح مدينتي تغيرت تغير كل شيئ وبدأت الحضارة المادية تطغى على المظهر العام وفي طريقها سرقت منا الضحكات وحكايا الجدات وربيع العمر ..