طباعة هذه الصفحة

البروفيسور إدريس عطية لـ «الشعب»:

بداية حقيقية لتجسيد بنود دستور 2020

فتيحة كلواز

 حل الغرفة السفلى فقط يمنع شبح الفراغ المؤسساتي

 العفو خطوة لمنع استغلال أبناء الجزائر لصالح أجندات أجنبية

أبرز المحلل السياسي إدريس عطية، أن خطاب رئيس الجمهورية للأمة، جاء ملامسا للواقع بكل تفاصيله، حيث أعلن عن تعديل حكومي قريب بسبب الأداء الباهت لبعض القطاعات. فيما يأتي إعلان حل المجلس الشعبي الوطني، ومن ثمة الذهاب إلى تشريعيات مسبقة وتحويل المجلس الدستوري إلى محكمة دستورية وأخلقة العمل السياسي، بالإضافة إلى إنشاء مجلس أعلى للشباب ومرصد وطني للمجتمع المدني، تجسيدا لما نصت عليه بنود دستور نوفمبر 2020. أما العفو الرئاسي عن موقوفي الحَراك، فيرى أنه بمثابة صفحة جديدة لتلاحم أبناء الوطن الواحد ترسيخا لسياسة التسامح.
أوضح المحلل السياسي البروفيسور ردريس عطية في اتصال مع «الشعب»، أن خطاب رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون جاء ملامسا للواقع، متماشيا مع مطالب الشعب والإرادة الجماهيرية العالية التي يتحلى بها، ومن ثمة كان الخطاب مركزا على عدة نقاط سيطرت على اهتمام الشارع الجزائري، بل وكانت محل تساؤلاتهم. كما شكلت رمزية التاريخ فارقا، حيث صادف 18 فيفري، اليوم الوطني للشهيد، وعشية الذكرى الثانية للحراك يوم 22 فيفري.

بداية تجسيد دستور 2020

ولاحظ البروفيسور، أن رئيس الجمهورية ركّز في خطابه على عدة نقاط، من بينها تمكين الشباب سياسيا، من خلال اقتحامهم العمل السياسي، مع إعادة تأكيده على التزام الدولة بالتمويل الجزئي للحملات الانتخابية للشباب الراغبين في الترشح، كاشفا عن تأكيده أيضا على التزام الدولة بعدم السماح بعودة المال إلى السياسة، سواء كان فاسدا أو نظيفا، وهو تصريح واضح وجلي على أخلقة الحياة السياسية تجسيدا لما جاء في الدستور الجديد.
في ذات السياق، اعتبر المتحدث إعلان رئيس الجمهورية تحويل المجلس الدستوري إلى محكمة دستورية تجسيدا حقيقيا وفعليا لما جاء في بنود الدستور، قائلا إن الجزائر تعمل وفق دستور نوفمبر 2020 بشكل كامل وبكل حذافيره من البداية إلى النهاية، ما يعني أنها بداية تطبيق مواده في الميدان، نظرا إلى أن تحويل كل الهياكل يحتاج إلى مهلة يقدرها المختصون بأقل من سنتين، وكذا تحيينها وفق مخرجات الدستور الذي استفتي فيه الشعب الجزائري في 1 نوفمبر الماضي. لذلك، أصبحت المحكمة الدستورية أكثر من ضرورية، لأنها من تنظم الانتخابات التشريعية المسبقة، حيث ستقوم بدور مهم جدا، لأنها تمثل ما يسمى بـ»المراقب الشعبي» لتحقيق كل سياسات الدولة.
وأكد البروفيسور، أن حل المجلس الشعبي الوطني، في الأساس، استدعاء للهيئة الناخبة لإجراء انتخابات تشريعية مسبقة، ما يعني إبعاد شبح فراغ مؤسساتي في هذه الحالة، ما يعكس أيضا رغبة وإرادة الرئيس في تجديد دماء المجالس المنتخبة يشكل فيها المجلس الشعبي الوطني مرحلة أولى منها، تليها المجالس المحلية المنتخبة، كالمجالس الشعبية البلدية والولائية.

نبض الشارع يتحقق

فيما يخص أداء الحكومة وبعض القطاعات التي لم ترقَ لتطلعات المجتمع، أشار إدريس عطية إلى أن رئيس الجمهورية خاطب الوعي الجمعي للمجتمع الجزائري. في هذا الصدد، ربط البروفيسور تراجع أداء بعض القطاعات بتصريحات بعض القائمين عليها، مؤكدا في الوقت نفسه ارتباطه في بعض الأحيان بالشارع وليس بالحكومة، نظرا لحجم التطلعات، بالرغم من إمكانية وصف أداء بعض القطاعات بالجيد، إلا أن تصريحات مسؤوليها لم تخدم هذا الأداء، بينما عرفت أخرى ركودا وشللا في مختلف مديرياتها.
وقال عطية، إن بعض القطاعات عرفت حالة تضخم، كقطاع الصحة الذي أصبح ثلاثة قطاعات، إلى جانب قطاعات أخرى تم تقسيمها وتجزئتها الى أكثر من حقيبتين وزاريتين، مؤكدا ضرورة جمع ودمج حقائب متشابهة ومتقاربة، بالإضافة إلى توجه ميزانية الدولة إلى تخفيض عدد الحقائب الوزارية التي لا تأتي بالمردودية المرجوة لخدمة الشعب، كاشفا أن شكل الحكومة المستقبلي رهان كبير.

المعادلة السياسية

قال المحلل السياسي، إن الإعلان عن تشكيل مجلس أعلى للشباب بعد وضع قانون أساسي ينظم عمله، سيجعل من المجلس بمثابة هيئة استشارية شبانية لدى رئيس الجمهورية، التي من المفترض أن ترافع لصالح الشباب وتحاكي تطلعاته وأماله، حيث تكون قريبة من كل القواعد الشبانية في كل ربوع الوطن على اختلاف مجال نشاطاتهم.
وأكد المتحدث، أن القرار جاء في سياق ما ينص عليه الدستور، حيث سيكون البيت الذي يفكر فيه المجتمع المدني، ليحاول مساعدة كل من ينشط في هذا المجال. ويتشكل هذا المرصد من الفاعلين في الميدان، يتميزون بدراية واسعة بكل طموحات المجتمع المدني، مؤكدا انه سيكون بمثابة الجهاز الذي يفكر ويقدم الحلول، وفي مراحل معينة سيعمل على التنسيق مع المجتمع المدني، في كل ما يمكنه تقديمه خدمة للمجتمع.
 في السياق نفسه، أوضح إدريس عطية استحالة أن يحتل المجتمع المدني مكان المجتمع السياسي المتمثل في الأحزاب السياسية، وإنما سينحصر دوره في تقريب العلاقة بين الإدارة أو المسؤول والمواطن، بينما المجتمع السياسي هو شريك.
وأبان خطاب رئيس الجمهورية أيضا، من خلال إعلانه عفوا رئاسيا لصالح موقوفين، عن منطق تصالحي يشتغل عليه الرئيس، حيث قال البروفيسور في هذا الصدد، إن هذه الخطوة أعطت الجزائر صورة الأم التي تصالح بين أبنائها وتحتضنهم في وطنهم لإبعادهم عن شبح الاستخدام الخارجي أو توظيفهم فيما لا يخدم مصلحة الوطن، فحتى من أخطأ في حقها عفت عنه، لأنها تريد جمع أبنائها في وطن واحد.