بدأت ظاهرة حوادث المرور اليومية المسجّلة عبر مختلف الطّرقات الوطنية، التي تحصد يوميا عشرات القتلى والجرحى والتي قدّرها المختصّون بـ 4 آلاف قتيل سنويا على المستوى الوطني و12 معاقا يوميا، تثير الكثير من النقاش والتساؤلات حول السبل الكفيلة التي يمكن اتّخاذها للتّقليل منها بإشراك كافة الفاعلين في الميدان، بهدف غرس الثقافة المرورية في الوسط الاجتماعي والمدرسي، تضاف إلى حزمة القوانين الردعية التي تدعّم بها قانون المرور، إلاّ أنّ الحوادث في ارتفاع مطرد لأسباب عديدة لا يتحمّلها السّائق فقط حسب عدد من المختصين.
بعيدا عن لغة الأرقام التي تقدّمها أسبوعيا مديرية الأمن الولائي لبومرداس، فصيلة أمن الطرقات للدرك الوطني والحماية المدنية، عن الحصيلة المرعبة لحوادث المرور وما تخلّفه من عشرات القتلى والجرحى، والصعود البارز لفئة جديدة من المعاقين كانوا ضحايا لحوادث أليمة سواء كسائقين أو ركاب، وحتى مواطنين عاديين كان ذنبهم الوحيد أنّهم كانوا لحظة الحادث في المكان الخطأ إذا لم نكيّف الحادثة في إطار القدر المحتوم، حيث لم تعد اليوم ظاهرة حوادث المرور المتزايد محصورة في جانب الردع القانوني للمخالفين بعدما اجتهد قانون المرور في تقدير مختلف الأخطاء والتجاوزات المرتكبة من قبل السائقين بمخالفات من كل الأنواع والأشكال، الغرامات الجزافية، سحب رخص السياقة وغيرها من العقوبات، لكن حان الوقت لإشراك جميع الفاعلين في الميدان وتكثيف الحملات التحسيسية التوعوية في الوسط الاجتماعي والمدرسي بالخصوص، من أجل غرس الثقافة المرورية في المجتمع وإيصال رسالة للأولياء لتنبيههم بالخطر الداهم، وضرورة التشبع بمزيد من المسؤولية تجاه أبنائهم باعتبارهم من أكثر الفئات تعرّضا لأخطار حوادث المرور أثناء ذهابهم إلى المدرسة وخروجهم مساءً عائدين إلى البيت.
جمعية السّلامة المرورية لبومرداس..مجهودات لغرس الثّقافة المرورية
تقوم جمعية السّلامة المرورية لولاية بومرداس التي أنشئت سنة 2008 بمجهودات كبيرة للتقليل من حوادث المرور عبر الطّرقات، من خلال تسطير برامج متواصلة وحملات تحسيسية وسط مختلف فئات المجتمع لتنبيههم بالمخاطر المتزايدة الناجمة عن حوادث المرور، وأهم السبل المتبعة للتخفيف منها وغرس مزيد من الوعي والثقافة المرورية للتقليل من حدة الآفة مستقبلا. وفي هذا الشأن يقول السيد علي شقيان رئيس جمعية السلامة المرورية لبومرداس التي توسّعت كي تصبح جمعية وطنية في حديثه لـ “الشعب”: “لقد قامت الجمعية منذ تأسيسها سنة 2008 بعدة أنشطة وحملات تحسيسية متواصلة بالتنسيق مع عدة قطاعات كالحماية المدنية، الأمن، الدرك، وزارة التربية الوطنية والمركز الوطني للوقاية عبر الطرق للتحسيس بخطورة الظاهرة وانتشارها الواسع وحجم خسائرها السنوية التي تصل إلى 4200 قتيل على المستوى الوطني، ومحاولة غرس الثقافة المرورية لدى المواطن مع التركيز أكثر على تلاميذ المدارس عن طريق تنظيم حملات دورية، تخصيص حظائر للتربية المرورية، توزيع رخص نموذجية للأطفال، إنشاء فرع للدراجات النارية يضم حاليا 150 مكون يقومون بتنظيم قوافل متنقلة للتحسيس بمخاطر حوادث المرور وأكثرها الناجمة عن الدراجات النارية نتيجة غياب ثقافة في هذا المجال..”.
وعن أهم المشاريع المستقبلية التي سطّرتها الجمعية للتقليل من الظاهرة وإيجاد بدائل أخرى أكثر أمنا لسلامة المواطنين، أكّد علي شقيان أنّ جمعية السلامة المرورية تحضّر حاليا لإنشاء فرع خاص بأشبال السلامة المرورية، الذين سيتنقّلون عبر مختلف بلديات الوطن لتوعية السائقين والمواطنين بصفة عامة، وتنبيههم إلى حجم الخسائر البشرية والمادية المتزايدة الناجمة عن حوادث المرور، تكوين فرق خاصة في الإسعافات الأولية بالتنسيق مع الحماية المدنية والهلال الأحمر الجزائري، تنظيم حملة وطنية لإقناع السلطات المحلية بضرورة تهيئة الطرقات وتعبيدها، ومحاربة ظاهرة الأشغال العشوائية في الطرقات التي تساهم بنسبة 4,5 بالمائة في حوادث المرور حسب الإحصائيات والدراسات التي أنجزت حول الأسباب الرئيسية للظاهرة، مقابل 91 بالمائة للعامل البشري، داعيا في الأخير إلى أهمية إيجاد بدائل جديدة في وسائل النقل للتخفيف من حجم الاكتظاظ الذي تعاني منه الطرق الوطنية، مع اقتراح فتح مزيد من الخطوط البحرية لنقل المسافرين عبر الشريط الساحلي، وهو ما دفع بالجمعية ــ يقول رئيسها ــ إلى تنظيم رحلة بحرية لفائدة تلاميذ المدارس بالتنسيق مع وزارة الدفاع الوطني، وهي عبارة عن دعاية لإقناع المواطنين والسلطات العمومية بتجسيد هذه الوسيلة للتخفيف من ضغط الطّرقات، وبالتالي التّقليل من حوادث المرور.