شكّل الملتقى الوطني لنوادي وفعاليات القراءة، الذي نظّمته وزارة الثقافة والفنون تحت شعار «القراءة في مواجهة الإكراهات»، فرصة أمام النوادي وجمعيات القراءة لطرح أفكارها والإفصاح عن مشاريعها في مجال تشجيع المقروئية، مشاريع واعدة ومعاصرة تحتاج لمن يؤمن بها ويشجّع تجسيدها في الوزارة الوصية. «الشعب» رصدت البعض منها خلال متابعتها للملتقى الذي احتضنه كل من كل من قصر الثقافة «مفدي زكريا» والمكتبة الوطنية بالحامة وفيلا عبد اللطيف.
يتّفق الجميع على أنّ النهوض بالمجتمع يمر دون أدنى شك من خلال العلم والمعرفة المقترنين بصفة وطيدة بالكتاب.
إنّ الحديث عن إشكالية المقروئية مرهون حسب أسامة شارف ممثل نادي عين الدفلى، بطموح واجتهادات سواء كانت فردية أو جماعية لكن الجماعية منها تكون أشمل وأبرع وأكثر احترافية في زمننا هذا».
ويتجلى يقول «مصير المقروئية في الجزائر بمدى وعي المثقف والقارئ وحتى غير القارئ بأهمية القراءة كضرورة حتمية لمجتمع طموح وطبقة واعية لمدى تطورات العصر ومدى شمولية الفكر الآدمي».
ويستبشر أسامة شارف خيرا بمسار المقروئية «إذا ما توفّر الدعم السيكولوجي ومن الهيئات القائمة على صناعة الكتاب، وكل ما هو مشجّع وكذلك مدى تواجد الإنسان المثقف في ظل النوادي الثقافية الولائية كعنصر داعم ومرتع ثقافي أدبي وعلمي، وكمجموعة مثقفة تساهم في نشر الوعي والقراءة عبر جميع المستويات والأنواع الخاصة بالمقروئية».
ويضيف، «بالتالي فإن آمالنا كرؤساء أندية مساهمة في محو الصدأ عن مشاريع القراءة وأساليبها وتفرعاتها وكل ما يصب في سبيل مجتمع مثقف قارئ وواع هو أن تتقلص الهُوّة بين المثقفين والتشجيع على بناء صرح ثقافي عملي عالي المستوى ومتكامل وطنيا خصوصا مع الدعم الوزاري الذي صارت النوادي تحظى به».
ومن بين المشاريع الواعدة التي سبق وأن عرضت على وزارة الثقافة والفنون، وتمّ التطرق إليها مجددا خلال فعاليات الملتقى مشروع «القراءة التّفاعلية وبناء وجه جديد للنّص والفن «للكاتب القاص سعيد فتاحين، الذي يأملُ أن «يكون له صدى على أرض الواقع».
ويعتبر هذا المشروع همزة وصل بين الكُتّاب الشّباب في الجزائر وبين القُرّاء على اختلاف شرائحهم؛ لاكتشاف وبناء جسر التّواصل بين الهويّة الضّائعة في الأدب والفن والتلقّي»، كونها تمثّل عمليّة معقّدة ومترابطة في آن واحد لإنتاج كائن جديد؛ وكل هذه «الأمشاج» تتلاقح داخل خليّة واحدة هي «اللّغة».
ويرى فتاحين أنّه «آن الأوان لتقوية تلك الرّابطة بين الكتابة والقراءة من أجل تطوير الفن، وإن كان الاشتغال على تطوير الشق الأول (الكتابة) يجري على قدم وساق، والدّليل هو ظهور فئة إبداعيّة شبابيّة راقية في وطننا العربي؛ وفي مقابل ذلك نلاحظ أنّ المقروئيّة في الوطن العربي تسير بوتيرة متباطئة ممّا يقتل روح الفن والإبداع».
وأضافت فتاحين أنّ الكتابة هي التي تصنع الحضارة وتحرّكها، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تتحرّك أمّة لا تقرأ ما كتبت.
وأشار إلى أنه «حان الأوان لتفعيل حركة الأدب والنّزوح من بوتقة المكتوب إلى بؤرة المقروء لخدمة الفن على اختلاف أديانه».
نادي قسنطينة تقرأ: لقاءات شهرية لمناقشة كتاب
اعتبر مصعب غربي رئيس نادي «قسنطينة تقرأ»، أن أهم مشروع اليوم هو الاستثمار في هذا الكم والنوع من النوادي والجمعيات التي شاركت بالملتقى.
ويرى غربي أنه «إذا تمّ تكليف كل النوادي بقراءة عمل أدبي واحد شهريا، ثم مناقشته في آخر الشهر، في اجتماع تسهر على تحقيقه مديريات الثقافة، واحدة منها توفر الفضاء، والبقية توفر النقل للقراء حتى يجتمعوا في الولاية المنظمة ويناقشوا ذلك العمل المقروء من طرف الجميع».
ويكون اللقاء حسبه، بشكل دوري «أي في كل مرة تسافر جموع القراء في مختلف الأندية إلى ولاية مختلفة حتى لا نجعل النشاط مقتصرا على ولاية واحدة فقط على حساب البقية».
ويعتقد رئيس جمعية نادي قسنطينة تقرأ «أن هذا التكليف إذا ما تمّ الحرص عليه والعزم على تجسيده بجد وصرامة، سيؤدّي إلى بيع عدد كبير من الكتب ومنه المساهمة في تحريك سوق الكتاب أولا، وإلى الترويج للأعمال المقروءة، ومنه التعريف بكتابها. وسيخلق حميمية بين القراء والكتب الجزائرية، وفوائد كثيرة جدا لا يمكن إحصائها.»
و»بالطبع هذا المشروع يجب أن يكون مرفوقا بمتابعة حريصة من طرف الكتاب، الذين لديهم باع في الساحة الأدبية، كل مجموعة من الكتاب تقف على مجموعة القراءة في ولايتها، وأيضا تجند الأكاديميين حتى يقيّموا القراءات في النهاية».
وقال المتحدث في هذا السياق، إنّ «مرة في الشهر لا أعتقد أنها ستتعب لا القارئ ولا الكاتب ولا الأكاديمي، ولا الجهة التي سترعى كل هذا بصرامة، فهي خطوة مثمرة وستحدث ثورة حقيقية في مجال الكتاب ومستوى ومسار المقروئية، إن بدأنا فيها الآن ستظهر نتائجها مبهرة وعظيمة في غضون أشهر، وذلك طبعا سيكون أفضل لو تكون هناك إغراءات ومحفزات للمشاركين. وسيكون لمعرض الجزائر الدولي للكتاب والمعارض الوطنية والدخول الثقافي السنوي طعم آخر وحقيقي».
نادي تاجنانت تقرأ: التركيز على الطفل أولا
كشفت فوري خولة ممثلة نادي تاجنانت تقرأ: «عن تسطير برنامج يكون التركيز فيه أكثر على تنشئة الطفل وتكوينه تكوينا صحيحا باعتباره هو الأساس وهو الفرد الذي يمكن من خلاله صنع جيل قادم محب للقراءة والثقافة دون تناسي بعض النشاطات المهمة في صنع الكاتب الحقيقي».
واعتبرت فوري أن الملتقى الوطني كان «مساحة لتبادل المعارف والخبرات بين النوادي الثقافية الوطنية، وأيضا فرصة لبداية عمل جدي على أرض الواقع للتحسين من الوضع الراهن الذي تعاني منه أغلبية النوادي».
نادي أولاد جلال تقرأ: التغيير يبدأ بتشجيع المطالعة
يحمل نادي أولاد جلال تقرأ شعار «التغيير يبدأ منك»، ويعزم أعضاؤه برئاسة حبيبة كوثر تتاي تجسيد فكرة التغيير على منصاته الرقمية ونشاطاته لتعمّم الفكرة والتشجيع على القراءة بالموازاة لأنه لا تغيير للوضع دون الاطلاع والمطالعة..».
ويعتبر - تقول كوثر تتاي - «نادي أولاد جلال أول نادي من نوعه في مدينتنا يعمل بنفحة شبابية من أجل التغيير»، كما أفصحت عن تصورها اليوم «لمستقبل واعد للمقروئية في الجزائر، سيبني بشبابها الحالي الحالم، كون ثقافة القراءة والكتاب أصبحت أكثر اتّساعا عن ذي قبل».
«لقد كشف الملتقى عن الكثير من انجازات رواد النوادي والجمعيات التي حضرت ونظّمت الدورات والورشات، وعبّرت من خلال ذلك عن اهتمامها بكل شرائح المجتمع بدءا من الصغار وحتى الكبار»، تقول كوثر تتاي.
وأضافت المتحدثة «أنس وكتاب، طفلي يقرأ، مراجعات كتب لعناوين محلية وعالمية، مقاهي ثقافية، منصات تفاعل، كل هذا وأكثر لمسته عند معظم النوادي المشاركة في هذا الملتقى».
نادي نجوم سيتيفيس سطيف: مشروع تحفيز سلوك القراءة
تبنى نادي نجوم سيتيفيس سطيف «مشروع تحفيز سلوك القراءة بين مختلف أفراد المجتمع، لاسيما الأطفال، وتفعيل اللقاءات الدورية بين الفاعلين بالمجال الثقافي سواء كان قراء أو كتابا، والتقريب بينهم عبر احتفاليات موسمية منظمة بالتنسيق مع الهيئات الوصية محليا»، حسب تصريحات ممثله شمس الدين بلعتروس.
واعتبر بلعروس أن «نوادي القراءة التي تم انشاؤها على مختلف ولايات الوطن، قاعدة مهمة لإعداد خارطة طريق وحجر أساس لمشروع متكامل يهدف جوهريا إلى ترقية القراءة وتأطيرها وتشجيعها».