طباعة هذه الصفحة

يتضمّن التسييج والحراسة والمتابعات القانونية

برنامج لحماية المواقع الأثرية بولاية بشار

موسى دباب

سطّرت مؤخرا مديرية الثقافة لولاية بشار، برنامجا يهدف إلى الحدّ من الاعتداءات التي تطال النقوش الصخرية والمواقع الأثرية، منها نقوش منطقة تاغيت. وقد عرف هذا المخطط حسبما صرّح به السيد «نوقال عبد الحميد» منسق التراث الثقافي بمديرية الثقافة ببشار، لجريدة «الشعب» تقدما كبيرا واستوفى جميع الإجراءات القانونية والإدارية للانطلاق في تنفيذه.
ويتضمن البرنامج تسييج وحراسة المواقع الأثرية، وكذا المتابعة القانونية إذا لزم الأمر لكل من يتعرّض لهذه المواقع. وأوضح «نوقال»، أن البرنامج يهدف إلى إنقاذ وحماية المواقع الأثرية بعد تعرض العديد منها إلى التخريب والتدخل غير القانوني على مستوى هذه النقوش، لاسيما أن هذه النقوش الصخرية والمواقع الأثرية تعتبر متاحف مفتوحة، مما يجعلها مزارا لكل الناس، ويأتي هذا ـ يضيف المتحدث ـ عملا بتعليمات وزيرة الثقافة التي زارت الولاية مؤخرا ووقفت على حجم الأضرار والتخريب الذي لحق بالموقع الأثري بتاغيت، والتي أهمها هو التعجيل بفتح فرع للديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافة المحمية «OGEPC» على مستوى ولاية بشار، وهو ما لقي استجابة كبيرة على مستوى المديرية العامة للديوان، كما كان لمديرية الثقافة التي قدمت التسهيلات والترتيبات لتعجيل بفتح هذا الفرع من أجل حماية جميع الممتلكات الثقافية المحمية على مستوى الولاية، وبالأخص موقع النقوش الصخرية بمنطقة تاغيت، وأضاف
«نوقال»، أنه مع كل هذه الجهود التي بذلتها مديرية الثقافة يبقى عامل التحسيس والتوعية هما أهم عاملين من أجل المحافظة على التراث بشتى أنواعه بإدراك قيمة هذه المواقع الأثرية والتاريخية والثقافية، وتوحيد الجهود مثلا جهود القطاع وجهود الجماعات المحلية من أجل الوصول إلى هدف الحفاظ على هذه الممتلكات لأنها ممتلكات الأمة، وهي من بين حقوق الأجيال القادمة لتبقى محافظة عليها وعلى عاتقنا جميعا ولا ندخر أي جهد نراه يساهم في الحفاظ على هذا الموقع، خاصة أنه قريب من النسيج العمراني ومنطقة سكنية وكذلك كونه في منطقة سياحية بامتياز.


الجهل والإهمال وراء تخريب الآثار

أبدى السيد «نوقال» أسفه، مما لحق بالنقوش الصخرية بتاغيت، والمواقع الأثرية الأخرى، قائلا «أقولها بكل حزن وأسف، هو أننا بعد تشخيص الوضعية والوقوف على هذا التخريب تبين لنا أن العامل البشري هو العامل الأول»، مشيرا إلى أن التخريب يتمثل في الكتابة بالطلاء فوق تلك الرسومات، وتلوين تلك النقوش، وأنه أي مادة كيماوية تؤثر على النقوش والصخور، وأضاف بنبرة حزينة «هل يصدّق أحدنا أن تحدث مثل هذه التصرفات في زمن الحضارة، رغم أن هذه الآثار ظلّت صامدة منذ ملايين السنين ولا أحد اقترب منها، ثم أنه ليس لدينا الإمكانيات لمراقبة الموقع على مدى الأربعة وعشرين ساعة» لافتا إلى أنه لابد من توعية المواطنين بأهمية المحافظة على المواقع الأثرية ولا يمكن أن تترك عرضة للإهمال، مشيرا إلى أنه «في هذا السياق قامت مديرية الثقافة بتسطير مجموعة من الندوات الثقافية والعلمية، والاستعانة بوسائل الإعلام المحلية «إذاعة بشار» من أجل القيام بعملية تحسيس سواء على المستوى المحلي بمنطقة تاغيت ببشار أو على مستوى الفاعلين والمتدخلين بطريقة مباشرة، لاسيما منهم الوكالات السياحية والمرشدين السياحيين المحليين، ورغم أن هذه المجهودات قد حقّقت مجموعة من الأهداف التي سطّرتها المديرية، إلا أن الموقع في كل موسم سياحي يشهد تدخلات أخرى وتخريب جديد.

المواقع الأثرية فرصة لتوفير مناصب الشغل

قال السد «نوقال» نحن في زمن يفرض علينا استغلال كل الكنوز الأثرية والتحف والقصور المعمارية، ولا يعقل أن نتركها عرضة للإهمال، ومن دون أن نستغلها في تنمية اقتصاد البلد، إذ يمكن للسكان المحليين وحتى المستثمرين، تحويل الأزقة إلى متاحف صغيرة وتنشيط محلاتهم في بيع الأدوات التقليدية، وتحويل ذلك إلى عمل اقتصادي وثقافي في نفس الوقت، لافتا إلى أن هناك دول اعتنت بالسياحة وأعطت أهمية كبيرة لها بشكل ساعدها على رفع اقتصادها، ولذلك فإن الترميم يمكن أن يكون أيضا من أجل هدف اقتصادي، وهو ما يفرض علينا التعامل مع ذلك بتسليط الضوء والتركيز في الترميمات على الأجزاء القابلة للاستغلال مثل قصر القنادسة، حيث قمنا بترميم 12 عمودا من أجل استغلال «الخزانة القندوسية» والتي هي عبارة عن مخطوطات لعلماء ومشايخ المنطقة، في المحاضرات والندوات العلمية.

تاغيت..

تعود النقوش الصخرية بمنطقة تاغيت إلى ما قبل التاريخ، إلى مرحلة البقاريات «les bovidiennes» وتتواجد في موقع الحجرة على بعد 12 كلم جنوبا، ويتم الوصول إليها عبر طريق غير معبّد مشكل من الصخور الكبيرة التي تحمل مجموعة من النقوشات، ولذلك يعرف بموقع الحجرة، أما بلدية تاغيت فتقع في الوسط الشرقي لولاية بشار ويحدها شمالا بلديات بني ونيف، بشار، القنادسة، وجنوبا بلديات كرزاز، الواتة، تامثرت، بني عباس، إقلي وشرقا ولاية البيض وغربا بلدية العبادلة، وتبلغ مساحتها 8040 كلم2 وعدد سكانها حوالي 7000 نسمة