تسابق بعض الجمعيات الخيرية الزمن، لتتحدى مختلف الظواهر الاجتماعية الصعبة التي يتخبط فيها بعض المواطنين، لتكون لهم السند وتحاول أن ترفع عنهم الغبن والمعاناة في ظل الواقع المزري الذي يعيشونه بسبب الفقر، حيث تحاول هذه الجمعيات الوصول إلى أكبر عدد من السكان الذين يعيشون حياة البؤس في ظل تجاهل السلطات المحلية لمعاناتهم..
جمعيات خيرية ظهرت إلى الوجود ولا همهم لها سوى رسم الابتسامة على شفاه الفقراء، تناضل لأجل أن توفر لقمة عيش ساخنة لهذه الفئة، ولباس دافئ وأفرشه تقيهم البرد في هذا الفصل الشتوي.. عائلات وجدت لدى هذه الجمعيات ملاذها، بعد أن باتت بمثابة المنقذ لها من براثين الفقر، حيث لا تكاد بعض العائلات تطلق نداء استغاثة إلا وتجد أمامها هذه الأذان الصاغية والتي سخّرت نفسها لفعل الخير، خصوصا في فصل الشتاء، وشهر رمضان والأعياد. وباتت بعض الجمعيات الخيرية مثالا يحتذى به في احتواء العائلات المعوزة والفقيرة دون أي مقابل، وشعارها في الحياة فعل الخير ومدّ يد العون لمن هم بحاجة للمساعدة من المعوزين، وحتى من يعانون من أمراض مزمنة فإن هذه الجمعيات تتكفل بهم وتوفير لهم ما يحتاجونه.
حملة رمضان 2021
«جمعية كافل اليتيم الوطنية» مكتب عنابة واحدة من الجمعيات التي تهدف إلى تنمية الاعتزاز بثوابت الأمة، وإحياء قيم التعاون والتكافل بين فئات المجتمع من خلال السهر الدائم على توفير عيش كريم وحياة فاضلة لكل يتيم ويتيمة، وهي تنشط على مدار السنة في مختلف المناسبات. وأطلقت هذه الجمعية مؤخرا «حملة رمضان 2021» للتبرع للعائلات المعوزة بالأطعمة والألبسة والأغذية، حيث لا يتوانى أعضاء «مكتب جمعية كافل اليتيم الوطنية بعنابة» التي يشرف عليها ياسين محرز بإطلاق نداءات لفاعلي الخير والمحسنين تحضيرا للشهر الكريم، لإعانة أكثر من 350 أرملة وأكثر من 500 يتيم مسجلين بالجمعية، والعمل على تقديم معونات من المواد الغذائية التي يقومون بجمعها، إلى جانب ألبسة وأغطية خاصة وهم في فصل الشتاء. ويؤكد القائمون على الجمعية أن كل التبرعات مرحب بها «فمهما كان الشيء الذي يقدمونه صغيرا يعتبر كبيرا لدى هذه العائلات المعوزة»، مع العلم وفي إطار العملية التضامنية التي تقوم بها الجمعية تحت شعار «شتاء دافئ» بادرت بتوزيع أكياس وطرود المعونات على عائلات الأرامل، خاصة المتواجدة في مناطق الظل والمناطق البعيدة.
قفة الشتاء للفقراء والأيتام
كما تعدّ جمعية «بسمة خير عنابة» أيضا واحدة من الجمعيات الناشطة في الميدان، والتي تطلق حملات للتبرع وإعانة العائلات المعوزة.. جمعية يقودها شباب برئاسة عاطف رابح مرغاد اجتمعوا حول مبدأ واحد، مجموعة خيرية تطوعية إنسانية لرسم البسمة، عملت على تحضير قفة الشتاء للفقراء والأيتام، كما تعمل على التحضير سنويا لـ»قفة رمضان» وإحصاء العائلات المعوزة من خلال القيام بجولات ميدانية لمناطق الظل والأحياء الفقيرة، إلى جانب التحضير لموائد الإفطار للأشخاص دون مأوى، و»إفطار عابري السبيل» دون نسيان مناسبتي عيدي الفطر والأضحى، ناهيك عن توزيع الأدوات المدرسية، المحافظ والمآزر على الأطفال المعوزين، وترميم وتهيئة بيوت العائلات من ذوي الدخل المحدود، بهدف إدخال الفرحة على قلوبهم، وجعلهم يتناسون ولو قليلا معاناتهم وظروفهم المزرية.
شعارهم «ابتسم.. فغيرك بحاجتك»
أما مجموعة «ابتسم الخيرية» فهي مجموعة تطوعية بولاية عنابة، هدفها اجتماعي وبيئي، تضم مجموعة من الشباب هدفهم الأسمى السعي من اجل إدخال السرور والبهجة على الفقراء والأيتام. انها مجموعة أعطت من وقتها وجهدها لغيرها، لا لشيء إلا لأنها تؤمن بأن قمة السعادة تكمن في العطاء، شعارها «ابتسم.. فغيرك بحاجتك».
تنظم مجموعة «ابتسم الخيرية» خرجات تضامنية للتكفل بالأشخاص من دون مأوى، من خلال تزويدهم بأغطية ووجبات ساخنة، توفر لهم نوعا من الدفء والطاقة لتحمل قساوة البرد، خاصة أن أغلبهم يبيتون في الشوارع ويرفضون التنقل إلى المراكز التي تأوي أمثالهم، كما تعمل على توزيع وجبات الفطور على عمال النظافة ومرافقي المرضى بالمصالح الإستعجالية، دون أن تنسى فئة الأطفال، حيث قامت بتوزيع المحافظ والأدوات المدرسية على مستوى عديد المناطق النائية في ولاية عنابة، في إطار مشروع الدخول المدرسي 2020 - 2021، لفائدة اليتامى وأطفال العائلات المعوزة القاطنة في المناطق النائية والريفية، وقد مسّت هذه المبادرة المتمدرسين في الطورين الأول والثاني والثالث من التعليم الابتدائي، المتوسط والثانوي.
كما لم تفوت جمعية «ابتسم الخيرية» جمع أكبر عدد ممكن من أضاحي العيد، وتوزيعها على العائلات التي لم تسمح لها حالتها المادية وفي ظل جائحة كورونا بشراء أضحية العيد، كما برمجت عملية جمع صدقات اللحوم من عند المحسنين، وتوزيعها على الأيتام.
جمعيات متنفس العائلات المعوزة
وجدت عائلات في الجمعيات الخيرية متنفسا لها للخروج من الظروف الاجتماعية التي تعانيها، والابتعاد على الفقر ولو لأيام معدودة، أُسر معوزة رسمت هذه الجمعيات البسمة على شفاهها وشفاه أطفالها، وهو ما تحدثت عنه عائلة «صيام محمد» والتي تقطن بأحد البيوت القصديرية ببلدية سيدي عمار، رب البيت عاطل عن العمل ويعاني من إعاقة في إحدى قدميه بسبب إصابة قديمة أحالته على التقاعد، تقول «أمينة» زوجة المعني أنها تعيش فقرا مدقعا رفقة أطفالها الثلاثة أصغرهم لا يتجاوز الثلاث سنوات، إلى درجة أنها لا تجد ما تسدّ به رمق أبنائها الذين يضطرون للمبيت تحت وطأة الجوع.
وأضافت هذه السيدة أنها لم تجد من خيار آخر أمامها سوى الاتصال بإحدى الجمعيات الخيرية لمساعدتها على تجاوز محنتها، بعد أن سدت في وجهها جميع الأبواب هي وزوجها بحثا عن عمل من جهة وطلبا لسكن لائق لعائلتها الصغيرة من جهة أخرى، مشيرة إلى أن جمعية «بسمة أمل» تكفلت بهم، في مختلف المناسبات، على غرار الدخول المدرسي، حيث استفاد طفليها الذين يدرسان في الطور الابتدائي، من محافظ ومآزر وملابس ومختلف مستلزمات الدراسة، كما استفادت سابقا من كبش العيد وقفة رمضان، وأضافت بأن أحد المحسنين حمل على عاتقه مسؤولية التكفل بوضعية زوجها الصحية، قائلة بأنه لولا هذه الجمعيات لما وجدت العائلات الفقيرة والمعوزة من يأخذ بيدها وينسيها متاعب الحياة.
من جهتها أكدت عائلة «منصوري مصطفى» على تكفل بعض الجمعيات الخيرية بوضعيتهم المزرية، حيث يفترشون بيتا هشا يضم 12 فردا، والأب عامل بسيط لا يكاد يتمكن من توفير قوت يومه لعائلته، غير أنه حسب هذه العائلة، فإن بعض الجمعيات الخيرية بعنابة لم تتوان في مساعدتها بما يلزم من ملابس لأطفالهم، ومن بعض المؤونة، لا سيما خلال الشهر الفضيل، والتصدّق عليهم بأضحية العيد، والتي كانت هذه العائلة فيما قبل يتعذر عليها شرائها، غير أن هذه الجمعيات كان لها الدور الكبير في تحقيق أمنية أبنائها وزرع البسمة على شفاههم على غرار غيرهم من الأطفال.