للمواطن الحق في المعلومة للتخلص من هاجس الخوف
دعا رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث البروفيسور مصطفى خياطي، إلى تكثيف حملات التوعية والتحسيس في جميع الولايات الوطن، من أجل حث المواطنين على أخذ اللقاح وإقناعهم بأهمية التلقيح، لتوفير الحماية من الإصابة بفيروس كورونا، خاصة بالنسبة للفئات الهشة الأكثر عرضة لمخاطر المرض.
قال البروفيسور خياطي لـ «الشعب»، إنّ المواطن له الحق في الحصول على المعلومات حول مدى سلامة اللقاح للتخلص من هاجس الخوف من امكانية ظهور أعراض جانبية قد تصل إلى الإصابة بمضاعفات بعد الخضوع له، موضحا أن هذه الشكوك تقول إن اللقاح جديد وغير مجرب من قبل واكتشافه تم في وقت قياسي غير مسبوق في تاريخ الطب.
في رأي رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث، فإنه كان من المستحسن إطلاق حملات تحسيسية واسعة خلال الأيام السابقة كون العديد من علامات الاستفهام المتعلقة باللقاحات التي اختارتها الجزائر يحتاج المواطن أجوبة مطمئنة، مبرزا أهمية مضاعفة حملات التوعية لإنجاح عملية التلقيح وتفادي العزوف عن الخضوع له لاسيما الأشخاص الأكثر عرضة لمضاعفات الفيروس المحتملة، وهم كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة والذين يحظون بالأولوية في عملية التلقيح.
في ذات السياق، ذكر البروفيسور التجربة الأمريكية في بداية الترويج للقاحات المضادة لفيروس كورونا، حيث أظهرت النتائج الأولية رفض 70 بالمائة من الأشخاص المستجوبين فكرة أخذ اللقاح لغياب المعلومات، التي تؤكد مدى سلامته وأمنه وفعاليته، مشيرا إلى أن الحملات التحسيسية كانت كفيلة بتغيير آرائهم ومواقفهم حول اللقاح، وساهمت بشكل كبير في تقبل الأمريكيين له.
«استثناء الحوامل حماية من الخطر»
بالنسبة لاستبعاد النساء الحوامل والأطفال من عملية التلقيح، أجاب البروفيسور خياطي أنّه أمر مبدئي ومؤقّت، مفسّرا ذلك بأن أغلب اللقاحات مشكّلة من جينات وفيه احتمال أن هذه الجينات تدخل الخلايا، وتغير التركيبة الجينية للخلية الانسانية، حيث يوجد خطر يمكن أن يهدد صحة المرأة الحامل والجنين ولكن تبقى -على حد تعبيره - مجرد فرضيات إلا أنه لا يمكن المخاطرة بهذه الفئة والأمر يخص حتى على النساء اللواتي لهم نية في الإنجاب.
وعن الأطفال، أوضح أن الأمر مختلف كون الدراسات تشير إلى أن الأقل من 10 سنوات لديهم مناعة ضد الفيروس، وهناك فيروسات أخرى من نفس عائلة كورونا، الأطفال كونوا ضدهم مناعة وتبيّنت أنها تحميهم حتى ضد «كوفيد-19»، لذلك لم يتم إدراجهم في قائمة الأشخاص الذين يجب تلقيحهم لأن لديهم مناعة.
إعادة التّحاليل في المطار
أكّد رئيس الشبكة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث البروفيسور خياطي، أن الجزائر مهددة بدخول فيروس كورونا المتحوّر، والأمر ممكن وغير مستحيل، محذّرا من عدم مراقبة الأشخاص المتواجدين في الخارج ويتم إجلاؤهم إلى الوطن أو من لديهم الرخصة في التنقل والمجيء الى الجزائر.
ودعا البروفيسور خياطي الى عدم السماح لأي شخص بالدخول الى أرض الوطن، الا بعد التأكد من نتيجة فحص الـ «بي - سي - آر»، مع ضرورة فرض حجر صحي إجباري لمدة 10 أيام، مشيرا إلى أن إجراءه قبل الوصول الى الجزائر غير كاف، وإنما من المفروض إعادة التحاليل في المطار ومراقبة جميع الأشخاص القادمين من الخارج قبل تنقلهم إلى المدن الجزائرية.
في ذات السياق، أفاد خياطي قائلا «وضع إجراءات وقائية صارمة سيقينا من تفشي السلالة الجديدة من فيروس كورونا، ولا يجب التهاون والاستهتار في الالتزام بقواعد الوقاية، خاصة وأن خطورة الفيروس المتحوّر تكمن في سرعة نقله للعدوى، والدليل على ذلك تفشيه في الكثير من البلدان في العالم.
اللّقاح لا يعني القضاء على الفيروس
أكّد أنّ توفير اللقاح في الجزائر لا يعني أنه سيتم القضاء نهائيا على فيروس كورونا، موضّحا أنّه لن يتم تلقيح جميع المواطنين، والخطر يبقى قائما كون اللقاحات ستستفيد منها الفئات الهشة من كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة والطواقم الطبية والشبه الطبية، ولن يتم تغطية كل الحاجيات الوطنية.
وحسب البروفيسور خياطي، فإن توقيف زحف الفيروس يتطلب تلقيح 70 بالمائة من الجزائريين، وبلوغ هدف تحقيق مناعة جماعية ضد الفيروس قد يستغرق وقتا طويلا، كون عملية التلقيح مستمرة إلى غاية نهاية 2021، مشدّدا على الاستمرار في الالتزام بقواعد الوقاية والإجراءات الرقابية التي تبقى سيدة الموقف، ووسيلة فعالة لتفادي تفشي الوباء على نحو يصعب التحكم فيه.
في سياق آخر، لفت الى أهمية أخذ الجرعة الثانية بعد 3 أسابيع من التلقيح الأول، مشيرا الى أن التجربة التي قامت بها المخابر أثبتت أن جرعة واحدة غير كافية لتعزيز المناعة، ومن أجل توفير حماية أكبر تأكّدت الحاجة الى جرعة ثانية، مضيفا أنها لو لم تكن ضرورية لما تم تحديدها، خاصة وأن أقل سعر جرعة لقاح 7 دولار والأكثر ارتفاعا يقدر بـ 30 دولار.
مفاجآت في الأشهر القادمة
توقّع خياطي أن يكشف فيروس كورونا عن مفاجآت بعد الشروع في عملية التلقيح، خاصة ما تعلق بامكانية تحوله الى فيروس موسمي كالانفلونزا الموسمية أو سيختفي تماما، قائلا إن
كوفيد-19 انتشر في كل المواسم واخترق الحدود وانتشر في جميع القارات، ما يؤكد اختلافه عن جميع الفيروسات التنفسية.
ومع ظهور السلالة الجديدة المتحورة، يرى محدثنا أن البحوث يمكن أن تأخذ منعرجا آخر ومغايرا في الأيام القادمة، مشيرا الى خطورة الوضع في انجلترا وفرنسا وبعض الدول التي تشهد انتشارا كبيرا للفيروس المتحور وكوفيد-19 مخلفا عدة إصابات ووفيات.
وسيتم أيضا حسب البروفيسور خياطي، تحديد مدة المناعة التي يوفرها اللقاح بعد خضوع المواطنين له لأنه لحد الآن لا توجد أية معلومات دقيقة تثبت مدة صلاحية اللقاح في الجسم.
واختلف العلماء في هذا الشأن، فبعض المخابر حددتها بـ 6 أشهر، كون المناعة الطبيعية حسب دراسات علمية تضمن حماية من الإصابة مجددا بالفيروس لمدة 3 أشهر، لذلك فإنه يتوقع أن توفر المناعة الاصطناعية مدة أكبر من المناعة الطبيعية.
فيما يخص تنويع اللقاحات، يرى خياطي أنه لا يوجد فيه أية مشكلة، ولن يؤثر سلبا على حملة التلقيح إذا تم اقتناء كميات قليلة من اللقاح، وجلب 500 ألف جرعة - حسبه - غير كاف لتلبية جميع الحاجيات.