ليست ثقافة الطفل أن تضحكه وتبحث عن كيفية رسم ابتسامة موسمية أو مناسباتية على وجهه فحسب، وإنما الثقافة المثالية الموجهة إليه هي تلك التي تأتي بثمارها وغلة وفيرة تضمن نمو الأفكار وتنوير عقول البراءة التي تبقى في الأول والأخير اللبنة الأساسية للمجتمع، وجيل الغد الذي يحمل المشعل في مختلف المجالات والميادين .
أسئلة عديدة تطرح نفسها في ظل الانتاجات الفنية والأدبية الموجهة لهذه الشريحة العمرية الحساسة والمهمة في آن واحد، هل طفل اليوم هو نفسه طفل الأمس، وهو نفسه طفل الغد، الأكيد لا، بحكم التطور التكنولوجي ومتطلبات العصر، فبراعم الأمس كانت القصص التي تصدر من الحكواتي والأسطورة وجلسات الجدة تأتي بثمارها على عقله ويستفيد منها، أما اليوم فالعصر يتطلب الأكثر ومجهودا أكبر، التكنولوجيا الحديثة تهدد أفكاره وهويته، هي تلك المواقع على الشبكة العنكبوتية التي استطاعت أن تقنع البراءة بأفكار ومعلومات غريبة فعلا عليه وبعيدة كل البعد على أخلاقه التي وجد من أجلها، وما يخبؤه الغد قد يضع البراعم في خبر كان أمام الملأ مع البقاء في خانة المشاهد في جو البهرجة والتهريج.
أصحاب المال ورجال الأعمال يبحثون عن ميادين للاستثمار، في حين يتجاهلون الخوض في عالم البراءة، ولكن في الجانب الذي يبنى العقول وينوّر الأفكار، وبالتالي يكون للثقافة نصيب كبير باعتبارها الميدان الحي الذي يحوي عديد الجوانب والأجناس التي يتم عبرها وضع ركيزة متينة وقوية تضمن بناء جيل يعول عليه في أزمنة لا نعرف ماذا تخبئ للأجيال، خاصة وأن العولمة تستمر في نشر ومد جذورها إلى أبعد النقاط التي تمسح الشخصية الوطنية وتهدد الهوية عموما.