بعد إقصاء المنتخب الوطني المبكر من بطولة العالم، وإنهائها في المركز 22، اتصلنا بالدولي الجزائري السابق بطل إفريقيا مع المنتخب عام 1989، محمود بوعنيق الذي عاد للمشاركة الجزائرية في مونديال مصر، وفتح قلبه لـ«الشعب ويكاند» في هذا الحوار:
«الشعب ويكاند»: عاد المنتخب الوطني لكرة اليد للتنافس على المستوى العالي بعد غياب دام 6 سنوات كاملة، وأنهى المنافسة العالمية في المركز 22، كيف تقيّم الوجه الذي ظهر به الخضر؟
محمود بوعنيق: حدثت الكثير من الأمور التي جعلتنا نظهر بوجه شاحب في المونديال في مقدمتها جائحة كورونا، لكن الأخيرة لم تكن حكرا على الجزائر فحسب بل على كل البلدان المشاركة، ومن بين كل المشاركين الجزائر كانت الأقل تضررا من الجائحة مقارنة بالبلدان الأوروبية أتحدث معك بالمنطق وليس بالعاطفة، العامل الثاني هو أن الناخب الوطني آلان بورت جديد على رأس العارضة الفنية، وهناك عامل ثالث هو أن المنتخب الوطني لكرة اليد لقي التهميش، التحضيرات لكأس العالم لا تنطلق ثلاث أشهر قبل المنافسة، وشاءت الصدف أنه أثناء التحضير القصير والمتأخر الذي قمنا به أصيب لاعبونا بفيروس كورونا، وهو ما أجبر الطاقم الفني على إعادة العمل من النقطة الصفر، عوض وضع المصابين في الحجر وجلب لاعبين جدد من القائمة الموسعة لاستكمال التحضيرات مع نواة المنتخب، مثلما تقوم به كل الفرق والمنتخبات في العالم خلال الظرف الصحي الراهن، كانت هناك الكثير من العوامل التي تدخل ضمن سوء التسيير والتهميش، ولهذا الأمر لا يمكننا تقييم أداء ومستوى المنتخب الوطني خلال كأس العالم لكرة اليد بمصر، والتقييم الوحيد الذي يمكن أن نطلقه هو أنه ما شاهدناه كان أمرا كارثيا، والأمر المؤسف أن المشكل ليس بجديد ونعاني منه منذ 15 سنة كاملة، لا يمكن أن تصف الهاوي بالمحترف، في كرة اليد يجب أن يكون هناك احتراف ذهني ويرافقه الاحتراف في المناصب وطريقة التسيير لنتحدث بعدها عن احتراف اللاعبين، لما تتحدث مع المسؤول يقول لك أنا متطوع، يا أخي أنت متطوع ولا تتقن عملك احزم أمتعتك وغادر منصبك.
- بدا اللاعبون كأنهم غير قادرين على العطاء الجيد، ماذا لو كانت التحضيرات في المستوى؟
كل حديثي منذ البداية ليس موجها للاعبين، منذ البداية أتحدث عن المسؤولين أما اللاعبين فقدموا أفضل ما لديهم بالنظر إلى العمل المنجز منذ شهر سبتمبر وهم مشكورون على أدائهم. أتحدث لك بعين التقني كنت لاعبا دوليا وأعي ما أقوله، خلال المباريات كانوا تائهين وقاموا بأخطاء بدائية، مثلا المنتخب النرويجي حضّر أمامنا لمواجهة إيسلندا الثالثة والأخيرة في الدور الثاني من المنافسة، كانوا يعملون على الرواق الأيمن لدفاع الخضر وأعطوا الثقة لشاب صاعد تحضيرا لباقي مشوار البطولة العالمية، كما أنه في نهاية المواجهة أشرك المدرب المنافس سبعة لاعبين وأخرج الحارس لتجريب خطط جديدة تحضيرا لمباراة ايسلندا، الفارق كان كبيرا والطاقم الفني النرويجي كان يحضر للمواجهات القادمة، وهذا الأمر حزّ كثيرا في نفسي، تراجعنا كثيرا إلى درجة أن الخصم لم يبال بتواجدنا على أرضية الميدان.
- هل تعتبر أن هوية اللعب الجزائرية التي افتقدناها في هذا المونديال، بعدم التماسك دفاعيا وغياب لاعب ارتكاز وعدم الاعتماد على الأجنحة والمرتدات أمر مقلق؟
كرة اليد الأقوى هو الذي يفوز، ولا يمكنك تطبيق خطة أو أمر تفتقده ولم تعمل عليه في التدريبات هذا أمر مفروغ منه، نقطة قوتنا في الماضي كانت الدفاع أضعف شيء في مونديال مصر كان الدفاع سواء من الناحية الفردية أو الدفاعية، على الأقل لو لعبنا كان الأجدر اللعب بخطة (3 – 3) التي تعود لاعبونا على تطبيقها في البطولة الوطنية، لأنها خطة كلاسيكية نستخدمها منذ الفئات الشبانية في الجزائر، أما المرتدات فهذا أمر آخر وتأتي بالعمل المتواصل والانسجام العالي ونحن لم يكن لدينا الوقت لذلك، لا يمكننا الحديث عن أي جانب. كل هذه العوامل جعلت الفرديات تبحث عن الحلول في الهجوم لمحاولة تقليل الأضرار، وجاء الحل من أيوب عبدي الذي أخذ المسؤولية، وكان في كل مرة يقوم بعمل فردي ويسجل أهداف كثيرة، ورغم صغر سنّه إلا أنه أخذ الفريق على عاتقه، كل ما شاهدناه في المونديال كانت من فرديات لغياب خطة والانسجام.
- أثناء المنافسة ألم يكن الطاقم الفني قادرا على تصحيح بعض الأخطاء التي كان يقع فيها المنتخب في كل خرجاته؟
الأخطاء كانت في كل الجوانب عن أي أخطاء تتحدث؟
في كل مواجهة كنا نتلقى الكثير من الأهداف، ألم نكن قادرين على ضبط خطة لتقليل فارق الأهداف؟
في المستوى العالي الأخطاء تصحح قبل المنافسة وليس أثنائها، خلال المنافسة يمكنك القيام ببعض التعديلات عندما يكون كل شيء مضبوط وقمت بتحضير جيد، الانسجام دفاعيا لا يمكن أن نصححه خلال المونديال لأنه يتطلب أشهرا من العمل، يجب الاشتغال كثيرا على كل الوضعيات الدفاعية، عندما تكون الكرة على الجهة اليمنى واليسرى وكيفية صد المهاجم قبل ارتقائه، كما تعمل على كيفية تدارك خطأ زميلك في الدفاع قبل بلوغه المنطقة، وكل هذا يتطلب وقتا كثيرا وللأسف نحن لا نعير أي قيمة للوقت ونحضر دائما في الأشهر الأخيرة.
- في كل منافسة دولية نتحدّث وبعد نهايتها يعود كل شيء إلى نقطة البداية؟
حتى نحن تعبنا من تكرار نفس الكلام ليس هناك آذان تنصت إلينا، يجب أن يتدخل مسؤولون كبار لحل مشكل كرة اليد نهائيا، نحن في الهاوية وفي كل الرياضات نجد نفس المشكل.
- محطة جديدة تنتظر في شهر أفريل المقبل في تصفيات أولمبياد طوكيو، هل ترى بأنه على المنتخب الوطني العودة للتحضيرات سريعا لتجنب أخطاء المونديال، خصوصا أن البطولة لم تعد بعد؟
لو نبدأ العمل من اليوم لا يمكننا تدارك التأخر الذي نحن فيه قبل الشروع في التصفيات المؤهلة لأولمبياد طوكيو المقبلة، كنا وسنظل متأخرين في العمل لأن المنتخبات العالمية لم تتوقف ولديها برنامج عمل مسطر لسنوات، قبل بطولة العالم تحدثت وقلت أن انطلاق التحضير المتأخر خلال شهر سبتمبر ستظهر تبعاته خلال المنافسة، والآن أقول نفس الشيء عن تصفيات الألعاب الأولمبية، سنستمع لنفس الحجج، مثل لم نتمكن من الحصول على التأشيرات، لم نتمكن من حجز الرحلة، ألغينا التربص الفلاني، وغيرها من الحجج غير المقنعة تماما، وهنا أوجه أصابع الاتهام للمسؤولين من الذين لا يؤدون عملهم على أكمل وجه. كما أنه للأسف الإعلام مهتم بأدق التفاصيل في كرة القدم، ويتذكر كرة اليد إلا أربع أيام قبل انطلاق بطولتي إفريقيا والعالم، وبعدها تعود الأمور إلى ما كانت عليه في السابق، السؤال الذي يجب أن يطرح هو أن كرة اليد هي الرياضة الثانية في الجزائر، كما أنها الرياضة الجماعية الأولى التي جلبت أكبر عدد من الألقاب إلى الجزائر وأسعدت الجزائريين كثيرا، كنا الأفضل قاريا ونشرف القارة السمراء في كل مشاركاتنا بالمونديال، لكن كيف أصبحنا اليوم بهذا المستوى، البرتغال عشر سنوات للوراء كانوا لا يدركون معنى كرة اليد، اليوم فازوا علينا في المونديال وأنهوا المنافسة في المركز العاشر في الترتيب العام، البرازيل أصبح ينهي المنافسة أفضل منا في الترتيب رفقة الأرجنتين، وعكس ذلك تونس قدمت مستوى عال جدا لكنها لم تتأهل والأمر مقبول خرجوا بشرف وقدموا أشياء جميلة ويملكون المستوى العالمي.
- ما هو النداء الذي تريد أن توجّهه بعد المونديال؟
كل المختصين وجّهوا نداء للمسؤولين بضرورة منح الإمكانيات لكرة اليد، وعندما تمنح الإمكانيات دون مراقبة كأنك لم تمنحها، يجب أن تكون مراقبة وصرامة وانضباط في العمل واحترافية لإعادة هيبة كرة اليد الضائعة، أفضل مثال على ما أقوله، إن كرة القدم الجزائرية هي الأخرى في الحضيض، لكن قدوم بلماضي بجديته وصرامته وذهنيته الاحترافية أعاد هيبة المنتخب الوطني في اقل من سنة، أما نحن همشونا وأهل البيت هم من يفسدون في لعبتنا المفضلة.
- وعن عمل الاتحادية ودورها؟
لا أتحدث عن الاتحادية إذا غادرت فذلك لا يهمني، أنا متخوف من الذي سيكون بديلا للاتحادية الحالية، الموجود حاليا أعرفه وأعرف ما يقوم به وما يمكنه أن يحقق من أهداف خلال عهدة أولمبية، المستقبل يخيفني ولهذا الأمر طلبت من وزير الشباب والرياضة التدخل وعليه أن يضرب بيد من حديد لحلّ مشكل كرة اليد نهائيا.. عبدي ذكرني بلاعب مولودية الجزائر بن شيخ يراوغ الجميع فوق الميدان ويسجل، القائد بركوس في أول لقاء اعتذر للجزائريين بعد لقاء المغرب.