يبدو أن حبل المصالحة البينية في مالي لم تقطعه بالكامل الأحداث التي شهدها شمال البلاد لدى زيارة الوزير الأول، موسى مارا، إلى محافظات الشمال وعلى رأسها كيدال، التي كانت مسرحا لمواجهات عنيفة بين القوات المالية ومتمردي الطوارق، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا من الجانبين.
الأكيد أن هذه المواجهات أعادت أزمة الثقة إلى الواجهة التي يتطلب استرجاعها بذل مجهودات معتبرة تمهيدا للعودة إلى الطاولة مجددا لاستئناف مفاوضات السلام بين باماكو والمجموعات المسلحة في الشمال؛ مفاوضات كان قد اقتنع الجميع أنها السبيل الوحيد للتوصل إلى سلام شامل في إطار الوحدة الترابية للبلاد، ولهذا الغرض وقصد إعادة قاطرة السلام إلى السكة في مالي عقدت، الجمعة، المنظمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا قمة طارئة تمحورت حول التهديدات الإرهابية لجماعة “بوكو حرام” النيجيرية، كما ناقشت التطورات الحاصلة في مالي وكيفية إعادة الأطراف المالية إلى المفاوضات والتخلي عن لغة السلاح.
وبالمناسبة، صرح الرئيس الدوري للمجموعة الغاني، جون دراماني ماهاما، أنه يجب أخذ المبادرة والتخلي عن الأنانيات الفردية، مذكرا أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا لم تنتظر الأمم المتحدة للتدخل في ليبيريا وسيراليون خلال السنوات الماضية ودعاها لتحمل مسؤولياتها هذه المرة كذلك.
دراماني ماهاما أدان، لدى افتتاح القمة - التي شارك فيه الرئيس المالي أبوبكر كايتا - أحداث العنف التي شهدها شمال مالي، كما أدان عملية اختطاف البنات النيجيريات من طرف جماعة بوكو حرام من مدينة شيبوك شمال نيجيريا منتصف أفريل الماضي.
وعن المصالحة في مالي، حثّ قادة دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا الحكومة المالية على استئناف المفاوضات وتسريع وتيرة إطلاق الحوار البيني، بحسب ما نص عليه اتفاق واغادوغو، كما جددوا الثقة في الرئيس البوركينابي، بليز كامباوري، كوسيط بين الحكومة المالية والمجموعات المسلحة. وحول الانتقادات المتكررة التي وجهتها الحكومة المالية لأداء قوات المينيسما طالبت المجموعة من البعثة الأممية اتخاذ موقف واضح تجاه تلك المجموعات، معتبرة أنه من غير المعقول أن لا تستطيع السلطات المالية بسط سيادتها على كل أراضيها. في الأثناء، وفي سياق ذي صلة، أوردت أنباء عن اجتماع يكون قد عقد، الجمعة، في بوركينافاسو، ضم الممثل الشخصي للرئيس كايتا للمصالحة في مالي موديبو كييتا وممثلين عن المجموعات المسلحة في الشمال بوساطة وزير الخارجية البوركينابي، جبريل بصولي، الذي حث الطرفين على اتخاذ إجراءات ملموسة لاستئناف المفاوضات.