إحياءً لرموز الّفكر والثّقافة، احتضنت قاعة المحاضرات بالمكتبة الوطنية بالحامة الجزائر، يومي 09 و10 جانفي، ندوة وطنية احتفاء بالروائي عبد الحميد بن هدوقة بعنوان «الرواية الجزائرية من التأسيس الى التكريس»، من تنظيم وزارة الثقافة والفنون، بالتنسيق مع المكتبة الوطنية، شارك فيها نخبة من الأساتذة والباحثين والكتاب.
بعد الكلمة الافتتاحية لوزيرة الثقافة والفنون مليكة بن دودة، التي قالت فيها إن « رجال المعنى الذين أوقدوا لنا الطريق في اللّحظات الفارقة من تاريخ الوطن لا يحتاجون منا إلا الوفاء لذاكرتهم «مذكرة بذلك على ضرورة منح رموزنا الثقافية تقديرها الواجب، ومؤكدة أن عبد الحميد بن هدوقة من الأدباء الجزائريين الكبار، كما وصفت أعماله بـ «الجبارة، المشبعة بالنضج والبصيرة والواقعية».
بعد الكلمة التي ألقاها منير بلهادي مدير المكتبة الوطنية، باشرت الندوة أشغالها بافتتاح الجلسة الأولى برئاسة الدكتور محمد ساري والدكتور عبد الحميد بورايو، وكذا نخبة من الكتاب كالروائي جيلالي خلاص والكاتب الصحفي عبد العزيز بوباكير الذين تناولوا كتابات الرجل وإسهاماته في حقل الكتابة الروائية الجزائرية وأشادوا بأخلاقه الفاضلة.
أشار الكاتب عبد العزيز بوباكير إلى أهمية تناول إبداع عبد الحميد بن هدوقة في مجال الكتابة الروائية مع ضرورة عدم تجاهل الرجل باعتباره مترجما، وهي النقطة التي يغفل عليها الكثير من الباحثين.
أما الجلسة المسائية فقد نشطها كل من الروائي محمد ساري بتناوله قضية الريف والمرأة في روايات عبد الحميد بن هدوقة، وقال إن هاتين القضيتين صبغتا معظم روايته ودار حولهما الكثير من القضايا الفكرية والاجتماعية والأيديولوجية.
كما ركز الباحث محمد داود في مداخلته المعنونة بـ «توظيف التراث في أعمال بن هدوقة» على البعد الأنثروبولوجي في حيثيات الرواية عند عبد الحميد بن هدوقة.
أما الأستاذ محمد تحريشي فقد قدم في مداخلته قراءة في عناوين روايات عبد الحميد بن هدوقة.
في اليوم الثاني من أشغال الندوة، باشرت الجلسة الأولى التي ترأسها الدكتور محمد داود ونشطها كل من الدكتور اليامين بن تومي الذي وسم مداخلته بـ «السرد والضيافة نحو منظور للآخر في أعمال عبد الحميد بن هدوقة»، وركز فيها على منظورية الغريب وأن الحكاية تستقبل في بيت الضيافة، ومنه موضع الشخصية الرئيسية في رواية ريح الجنوب داخل قيم ثلاث (قيم أخلاقية قيم سياسية وقيم الكلام) منتهيا الى ان الحكاية تصنع الفرد في مقابل العالم. أما مداخلة الأستاذ قلولي بن ساعد فقد اتسمت بطابع «نقد النقد»، حيث أعاد قراءة أعمال الدكتور سعيد بوطاجين التي ركز فيها على أعمال بن هدوقة في مداخلته الموسومة بـ « تلقي بن هدوقة في النقد السيميائي الجزائري».
في الجلسة المسائية التي نشطها كل من الدكاترة توفيق شابو بمداخلته الموسومة بـ « البنيات الثابتة من أجل سردية للتاريخ والمجتمع والثقافة»، وشدد فيها على أن العالم الرؤيوي في روايات بن هدوقة يحتكم الى بنيات ثابتة يمثلها كل من الأرض، الإنسان، الزمن والبنيات الثنائية المتضادة، وأن هذه البنيات تصيغ تصورا لفهم ديناميكية التحوّلات التاريخية والاجتماعية والفكرية في جزائر ما بعد الاستقلال.
أما الدكتور فيصل حصيد فقد أعاد في مداخلته الموسومة بـ « الصوت الاجتماعي في روايات بن هدوقة» استثمار الصوت باعتباره وحدة سردية في بناء عوالم الشخصيات في الرواية، ومنه تحليل وضعياتها ومواقفها.
أما الدكتور رشيد بلعيفة فقد ركز في مداخلته الموسومة بـ «محددات الكتابة السردية عند عبد الحميد بن هدوقة « على طبيعة الاشتغال السردي في أعمال الروائي وأنها لا تحتكم بالضرورة إلى قوالب المناهج الأكاديمية الصارمة بقدر ما تتجاوز إلى أفق أرحب وأوسع.
في نهاية جلسات الندوة تسلم كل من الدكتور منير بلهادي، مدير المكتبة الوطنية، ومحمد ساري كلمة الختام، شدّد فيها منير بلهادي على تثمين أشغال الندوة ومداخلات الأساتذة ووعد بنشرها في كتاب مخصص، أما الأستاذ محمد ساري فشدد على تخليد الذاكرة الأدبية وتوصيل الثقافة للأجيال.