طباعة هذه الصفحة

لا تسامح مع أخطاء المسؤولين

الرئيس تبون يشهر سيف «العقاب»

هيام لعيون

منذ تولّيه الحكم قبل سنة، أبان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، عن حزم وعزم كبيرين في محاربة السياسات البائدة والضّرب بيد من حديد كل التصرفات التي من شأنها الإساءة إلى «الجزائر الجديدة» التي يطمح الرئيس إلى بنائها استجابة لتطلعات الشعب الجزائري.
لم يتوان في معاقبة مسؤولين لم يلتزموا بقرارات مجلس الوزراء، التي دأب الرئيس على عقدها أسبوعيا لتقييم عمل الطاقم الحكومي.
لم تكن إقالة وزير النقل لزهر هاني، أول أمس، على خلفية استيراد لوازم خاصة بالخطوط الجوية الجزائرية، الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة بكلّ تأكيد.
ولا يزال الرّئيس شاهرا سيفه، مادام هناك من يخالف الأوامر ولا يلتزم بتعليماته، لتسوية كل المشاكل العالقة ومتابعة عمل المسؤولين والوزراء والولاة وحتى رؤساء البلديات، إيمانا منه أن التغيير يأتي باحترام القرارات المتّخذة التي تدخل في الصالح العام.
وتمّ عزل الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الجوية بخوش علاش، ومسؤول خدمات الإطعام بالشركة لعماري منير كمال من منصبهما. وجاء القرار بعد استيراد الشركة لوازم خدمات الإطعام دون الأخذ بالاعتبار الظرف الاقتصادي الوطني، والتوجيهات المالية الرامية إلى تكريس تسيير عقلاني للعملة الصعبة وإيلاء الأولوية للإنتاج الوطني.
ويأتي تحرّك الرئيس بناء على تحقيقات ومتابعة عمل طاقم الجهاز التنفيذي المكلف بتطبيق برنامج رئيس الجمهورية، في وقت تمر البلاد بظرف اقتصادي صعب زادت حدته ظروف صحيّة، أنتجت هبوطا تاريخيا لأسعار النّفط. علما أن الجزائر تسعى، منذ سنوات، لكبح فاتورة الواردات حفاظا على احتياطات العملة الصعبة التي عرفت تراجعا منذ الصدمة النفطية عام 2014.
ويبلغ احتياطي الجزائر من العملة الصعبة نحو 50 مليار دولار، بعد أن كانت 194 مليار دولار عام 2014. وبالرغم من ذلك، يرفض الرئيس، وبشدة، اللجوء إلى الاستدانة الخارجية، حفاظا على سيادة الجزائر كاملة، والاعتماد على المنتوج المحلي لاعتبارات اقتصادية عديدة.
وقبل حادثة «الإقالة»، أمر الرئيس عبد المجيد تبون، بفتح تحقيق قضائي في قضية استيراد القمح المغشوش من ليتوانيا، وذلك على هامش ترؤّسه آخر اجتماع لمجلس الوزراء، الذي خُصّص لتقييم الحصيلة السنوية لمختلف القطاعات الوزارية خلال سنة 2020.
وكلّف الرئيس تبون وزير المالية، بإجراء تدقيق محاسباتي في ديوان الحبوب، حيث من المنتظر أن تفضي هذه التحقيقات إلى معاقبة المتسببين الأوائل عن التهاون في سلامة غذاء الجزائريين، خاصة وأن الرئيس كان قد أسدى تعليمات بضرورة تفعيل القطاعات التي لها أثر مباشر على الحياة اليومية للمواطنين والانتقال إلى السرعة القصوى مطلع العام 2021.
وكان الرئيس تبون قد أبدى عدم رضاه عن تسيير بعض الولاة بخصوص مناطق الظل. وألحّ على ضرورة الفصل بين برامج التنمية المحلية، مع تسجيل بعض المبادرات الإيجابية كالتموين بالماء والغاز عن طريق الخزانات في بعض المناطق الحدودية. كما حذّر من استمرار ظاهرة جلب المياه بالطرق البدائية التي تمثّل مأساة راح ضحيتها الأطفال.
وقبلها وفي شهر أوت 2020، كان رئيس الجمهورية قد أقال مسؤولين محليين على خلفية تسجيل تلاعبات في إنجاز المشاريع في مناطق الظل، يتعلق الأمر بـ12 مسؤولا. وقد مست هذه القرارات عددا من رؤساء الدوائر والبلديات بولايات الشّلف، الجلفة، وهران، غليزان والمسيلة.
وفي نفس الشهر، فتح الرئيس تحقيقا في أسباب حوادث وقعت خلال الأشهر الماضية، وكان لها الأثر السلبي على حياة المواطنين والاقتصاد الوطني.
وشمل التحقيق الفوري، الكشف عن أسباب الحرائق التي التهمت مساحات شاسعة من الغابات، ونقص السيولة في بعض البنوك والمراكز البريدية، وتوقف محطة فوكا لتحلية مياه البحر، وانقطاع الماء والكهرباء عن أحياء في العاصمة ومدن كبرى أخرى يومي عيد الأضحى المبارك الماضي دون إشعار مسبق.
وقبلها، كان الرئيس قد أجرى تعديلا وزاريا جزئيا في حكومة عبد العزيز جراد، شهر جوان 2020، شمل حقائب الطاقة والمالية والزراعة والتعليم العالي. وأبرز المعيّنين الجدد وزير الطاقة عبد المجيد عطار، خلفا لمحمد عرقاب الذي تم تعيينه وزيرا للمناجم، وهي حقيبة كانت تابعة لوزارة الصناعة.
وشمل التعديل أيضا، وزارة المالية، وعين أيمن عبد الرحمان خلفا لعبد الرحمان راوية. وتم تعيين عبد الحميد حمدان وزيرا للفلاحة والتنمية الريفية، وعبد الباقي بن زيان وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي، كما أجريت تعديلات في بعض الوزارات.
«التوبيخات» التي تلقاها مسؤولون وعزل البعض منهم، تنبئ بحدوث تغييرات في القريب، وهذا بعد مرور سنة عن تنصيب الوزراء والولاة، خاصة في القطاعات التي فشلت في التسيير، وحتى في الخطاب السياسي لممثليها، فيما يستعد رؤساء المجالس الولائية والبلدية لانتخابات محلية مبكرة تنتظر صدور القانون العضوي للانتخابات خلال الأيام المقبلة، «لتطهير» المجالس المنتخبة من مخلفات النظام السابق، خاصة وأن معظم المنتخبين متهمون بالوصول الى كراسيهم عن طريق التزوير وشراء الذمم، باستعمال «الشكارة».
كما أن عزم الرئيس على المضي قدما في الإصلاحات التي وعد بها تحتاج الى رجال ثقة، يمكنهم مجابهة التحديات وبقايا بعض المتغلغلين في الإدارة، هدفهم عرقلة عمل وبرنامج الرئيس بأي طريقة.