لا يزال موقف الاتحاد الأوروبي يتّسم بالضبابية حيال الإعلان الرئاسي الأحادي الجانب من طرف الرئيس الأمريكي المنتهية عهدته دونالد ترامب حول الصحراء الغربية، إلا أن مواقف أغلب الدول الأعضاء في التكتل أعربت عن تمسّكها بالحل الأممي، الذي يعتبر قضية الشعب الصحراوي مسألة تصفية استعمار.
خبراء شدّدوا على أهمية إصدار الإتحاد الأوروبي لرفض واضح يمكن من تعزيز مواقف الدول الداعمة للحل الأممي، الذي يدعو لتمكين الشعب الصحراوي من تقرير المصير عبر استفتاء شعبي. ويرى الأستاذ بالمدرسة العليا للعلوم السياسية بجامعة الجزائر، الدكتور نوارة عادل، أن مواقف الإتحاد الأوروبي لطالما كانت غير واضحة بشأن النزاع في الصحراء الغربية بين جبهة البوليساريو والمغرب.
وأوعز الدكتور نوارة هذا التوجه إلى تأثير الدول الكبرى في القرار الأوروبي، ويتعلق الأمر بفرنسا التي تؤثّر بشكل كبير في قرارات الإتحاد كلما تعلق الأمر بأحد مستعمراتها أو بشمال أفريقيا بشكل عام، مشيرا إلى أنها تدعم الاحتلال المغربي منذ سنوات طويلة، وتسعى إلى ثني بروكسل عن اتخاذ مواقف صارمة تجاه قضية الصحراء الغربية، وكذلك فعلت في أروقة مجلس الأمن الدولي ضد كل قرار لصالح الشعب الصحراوي.
وفي نفس الوقت أثار الدكتور قضية وزن ألمانيا داخل الإتحاد الأوروبي وهي تدعم باريس في كثير من القضايا، وبالتالي تأخر إصدار بروكسل لموقف واضح من إعلان ترامب تتحكم فيه القوى الكبرى ذات مصلحة كبيرة في النزاع، وإن كانت فرنسا ضمنيا مستاءة من قرار ترامب الاحادي، في حين إسبانيا أبدت معارضة شكلية بالنظر للإرث الاستعماري في الصحراء الغربية.
ومن الناحية القانونية لا غبار في أن ما قام به ترامب هو موقف أحادي الجانب لا يمت بصلة للقانون الدولي واللوائح الأممية الصادرة في حق قضية الشعب الصحراوي، باعتبار الصحراء الغربية إقليما يقع تحت الاحتلال، وهو البند المنصوص عليه في الميثاق التأسيسي للاتحاد الإفريقي، الذي تعتبر الجمهورية العربية الصحراوية عضوا مؤسسا فيه.
ويعزّز هذا الموقف القانوني والشرعي رأي الخبراء الدوليين، معتبرين أن أكبر دليل على استقلالية الصحراء الغربية عن المغرب، هو اتفاقيات التجارة التي تربط دول غربية مع الرباط ولا تشمل الأراضي الصحراوية، أو المياه البحرية التابعة لها، باعتبار شموليتها انتهاك لحقوق الانسان ونهب صارخ لثروات الشعب الصحراوي.
وعقب إعلان ترامب، أبدت أغلب دول الإتحاد الأوروبي رفضها للقرار كونه يقفز على الشرعية الأممية، كما أنه يعارض سياسة واشنطن المعروفة في ملف النزاع من تسعينات القرن الماضي، واعتبرت عدة دول على غرار ألمانيا السويد، النرويج وإسبانيا، وغيرها من العواصم الأوروبية أن القرارات الفردية باطلة من الناحية القانونية وتفتقد للشرعية الأممية التي تدعمها أغلب دول العالم.