تطرّق عالمان روسيان في مجال المناعة والبيولوجيا إلى ظاهرة تعدد سلالات كورونا، وشرحا منشأها وكيفية التعرف عليها، في ضوء السلالة الأخيرة المكتشفة في بريطانيا.
لفت عالم المناعة، فلاديمير بوليبوك، إلى أن «كورونا فيروس قائم على الحمض النووي الريبي، وهو يتحور بشدة. ويوجد بالفعل عدة آلاف من هذه الطفرات النقطية، ولا تؤدي جميعها إلى نوع من التغييرات في الخصائص يستحق الحديث عنه. وإذا ما تفاعلنا في بداية الوباء مع كل تغيير تقريبا، إلا أننا سئمنا منها بالفعل، وهذا هو السبب في أن رد الفعل كان بطيئا للغاية».
وأشار المتخصص الروسي في مجال المناعة البشرية إلى أنه «كان من الضروري التأكد من انتشار هذه الطفرة الجديدة، وإذا ظل هذا الانتشار منعزلا، أو أدى فقط إلى تفشي محلي، فلن يدعو ذلك إلى إعلان إنذار. لكن الفيروس المتحور تمكن من الانتشار، وهذه قصة مختلفة».
وبشأن الأعراض غير المعتادة التي يمكن رصدها مع هذا الفيروس المتحور، قال بوليبوك: «لا داعي للحديث عن أي أعراض جديدة خاصة لدى المصابين بهذه السلالة بالذات، لم يتم تمييزها بالدرجة الأولى في بريطانيا من خلال الأعراض. تقوم المؤسسات الصحية المتخصصة في الفيروسيات للدول باستمرار بمراقبة وتقفي جينومات الفيروس في المرضى (دراسة وفك التشفير). وعندما بدؤوا يكتشفون أنه في كثير من الأحيان يرصد لدى المرضى شيء غير معتاد، أصبح هذا الأمر بمثابة الضوء الأخضر لهم لبدء الحديث عن سلالة جديدة».
أما الأستاذ في العلوم البيولوجية بجامعة موسكو، نيكولاي نيكيتين، فيرى أن «الأشخاص الذين يدخلون العيادة مصابين بعدوى خطيرة يأخذون منهم مسحة، ويجري عزل الفيروس وتحديد الجينوم الخاص به، أي قراءة تسلسل الحمض النووي الريبي الذي يتم فيه تشفير جميع بروتينات هذا الفيروس التاجي. ونجري مقارنة هذه التسلسلات مع تلك الموجودة في قاعدة البيانات. وهكذا يتم التعرف على طفرات الفيروس».
وبشأن الوقت اللازم لفهم خصائص السلالة الجديدة، أشار الأكاديمي إلى أن ذلك «يستغرق في العادة بضعة أسابيع على الأقل، حيث يجب إجراء سلسلة من التجارب المتعلقة بإصابة هذا الفيروس. يحتاج العلماء بادئ ذي بدء إلى قراءة تسلسل الجينوم بأكمله وتحديد كيفية اختلافه عن تلك السلالات المنتشرة الموجودة الآن في المجتمع. في واقع الأمر، لنفترض أن السلالة البريطانية معروفة بالفعل، هناك حوالي 18 طفرة. الآن يتعين على العلماء العمل بجد لدراسة هذا التعديل للفيروس في الحيوانات. من الضروري أن نفهم مدى سرعة تكاثرها (السلالة الجديدة)، ومدى كفاءة تمسكها بسطح الخلية. من الضروري ملاحظة كيفية تأثير ذلك على الناس، ومدى سرعة انتقاله، وكم عدد الأشخاص الذين سيصابون به، وما هي المضاعفات، ومعدل الوفيات، وما إلى ذلك. ولهذه الأسباب لن نتلقى أي معلومات مهمة جديدة قبل حلول العام الجديد».
وعما إذا كانت التطعيمات ضد الطفرات الجديدة تعمل أم لا، أجاب الأستاذ في جامعة موسكو مشيرا إلى أنه «يمكن الحصول على الإجابة النهائية كجزء من البحث الذي سيتم إجراؤه مع السلالة الجديدة. لكن معظم اللقاحات تستهدف مجال ارتباط المستقبلات لبروتين سبايك لفيروس (سارس – كوف- 2) وإذا كانت الطفرة في هذه المنطقة، فسيصبح الفيروس غير معد، ولا يمكن أن يصيب أي شخص. وبما أنها تصيب، فلا ينبغي أن يتأثر أداء اللقاحات. لكن هذا يتطلب أيضا تحققًا إضافيا.
كي بي.رو