طباعة هذه الصفحة

تأثّرت في بداية الجائحة

إعادة بعث المشاريع وسط إجراء صحية صارمة

آسيا مني

 رفع تحدّي استكمال البرامج في آجالها المحدّدة

 ألقت جائحة كورونا بظلالها على مجموعة المشاريع التنموية في 2020، فرهنت الكبرى منها نتيجة الإجراءات الوقائية الصادرة عن الجهات الوصية، وجعلت العمل داخل الورشات محتشما غير أنه بعد دخول الجزائر الشهر الخامس من «زمن» الجائحة لوّحت الحكومة باستئناف بعض المشاريع التي عرفت توقفا مع بداية انتشار الفيروس شهر مارس كالسكن، الصحة، التربية لتتجاوز العجز المسجل..مما أعاد للورشات حركيتها، وحافظت على رزنامة إنجاز ما هو مبرمج بالمناطق المصنفة ضمن خانة الظل رافعة تحدي استكمالها في آجالها المحددة.
عرفت مختلف ورشات المشاريع التنموية مع بداية تسجيل فيروس كورونا في البلاد توقفا، إلا أن الوضع لم يدم طويلا حيث تقرر تحدي الأوضاع وإعادة بعث البرامج من جديد بمباشرة الأشغال بجميع المشاريع، لاسيما المخصصة بالمناطق المعزولة ومناطق الظل وسط إجراءات صحية صارمة على غرار احترام مسافة التباعد الاجتماعي، ارتداء الكمامات والأقنعة الواقية، والحرص على عمليات تعقيم وتطهير بمناطق العمل.
حرصت السلطات رغم الظرف الصحي الصعب التقدم في نسبة إنجاز المشاريع التنموية، على آمل تسليمها في آجالها المحددة وتدارك الوضع خاصة التي لها علاقة بالحياة الاجتماعية المعهودة، وكانت البداية بالتزامها بإنجاز مختلف المشاريع التنموية المبرمجة لفائدة مناطق الظل، هذه الأخيرة التي راهنت عليها الدولة لتعميق التنمية المحلية والتكفل بالمواطنين.
فعملت على ربط هذه الأخيرة بشبكات المياه الصالحة للشرب الكهرباء والغاز، مع تنصيب قنوات الصرف الصحي وإنجاز مختلف المرافق العمومية الصحية والاجتماعية، وتدعيم شوارعها بالإنارة العمومية وإدراج مشاريع خاصة بفك العزلة وتوسعة شبكة الطرقات، إلى جانب بعث عمليات استدراكية لاستكمال المشاريع غير المنتهية بالمناطق شبه الريفية التي يقطنها عدد معتبر من المواطنين، الذين تتمحور طلباتهم عادة حول تهيئة الطرقات وربطها بشبكات الغاز، الكهرباء والمياه.
وركّزت في البداية على مشاريع البنى التحتية كإنجاز السكنات واستكمال مشاريع الطرقات والري، حيث قطعت هذه الأخيرة رغم الوضع الصحي أشواطا معتبرة خاصة ما تعلق بالمشاريع التي لها علاقة بالموارد المائية، الطاقة، التربية، الصحة والتهيئة الحضرية التي كانت من بين أهم انشغالات سكان مناطق الظل التي حاولت السلطات المحلية برمجة لفائدتهم مشاريع تنموية إستعجالية بهدف التكفل بهم من جهة ولضمان بقاء واستقرار السكان من جهة أخرى.
واستبشر في هذا الإطار السكان انطلاق تجسيد هذه المشاريع رغم الظروف الصحية ما عكس التزام السلطات انتشالهم من خانة الظل، كونهم عانوا ولعقود من الزمن من التهميش وغياب التنمية المحلية ما صعّب من يومياتهم كثيرا، وزاد من معاناتهم المعيشية خلقت معها في وقت مضى أزمة ثقة بين المسؤولين المحليين ومواطنيهم.
وإن كان التركيز في البداية على القطاعات الحيوية ومناطق الظل، إلا أن فيروس كورونا المستجد لم يقف عائقا أمام مواصلة المشاريع التنموية، حيث واصل المسؤولون بعث العديد من الإنجازات تحت إشراف السلطات الولائية التي حرصت من خلال خرجاتها الميدانية الوقوف على مدى تقدم المشاريع، على أمل تسليمها في آجالها المحدّدة واستكمال جل البرامج التنمية المسجلة في برنامج 2020 في مختلف القطاعات دون أي تأخر بهدف تلبية انشغالات وحاجات المواطنين بها وضمان حياة كريمة، كما لم يثنِ الوضع على السلطات إطلاق مشاريع جديدة تم التشديد فيها على إحترام آجال تسليمها في وقتها المحدد.
ورغم كل الجهود المبذولة لتدارك الوضع العام الذي فرضته جائحة كرونا مع بداية انتشارها، إلا أن السلطات أكدت تأثير هذه الجائحة بشكل سلبي على مختلف البرامج التنموية المسطرة، وذلك في ظل التدابير الوقائية وعلى رأسها فرض الحجر الصحي، الذي تسبّب في شل العديد من الورشات التنموية التي كانت مبرمجة على مستوى عدة مناطق من الوطن لأكثر من شهر، حيث تمّ تأجيلها تماشيا مع تعليمات الحكومة المتعلقة بتأجيل إطلاق المشاريع المسجلة أو قيد التسجيل ما عدا مشاريع قطاعي الصحة والتربية والمشاريع الموجهة لمناطق الظل كما تمّ على أساس ذلك تكييف البرامج المحلية، وتمّ تأجيل بعض المشاريع لتوجّه أغلفتها المالية لإنجاز المشاريع الأساسية.
ووفقا لتقرير الورشة المخصصة لتقييم مراحل تنفيذ برامج التنمية المحلية بمناطق الظل، تم تسجيل خلال الـ 6 أشهر الأولى من عام 2020، 11815 مشروع تنموي بغلاف مالي يقدّر بـ 207 مليار دج، مست من خلاله 9502 منطقة ظل بما يعادل 8.4 مليون مواطن، وقدّر العدد الإجمالي للعمليات المنتهية في هذا الإطار بـ 1014 منطقة لفائدة 716 ألف مواطن، مسّت عدة مجالات على غرار المياه الصالحة للشرب (208)، تحسين ظروف التمدرس (136)، تنصيب قنوات الصرف الصحي (293)، فك العزلة (170)، التزويد بالكهرباء والغاز الطبيعي (91)، الإنارة العمومية (73)، التكفل بالصحة الجوارية (60) وتهيئة فضاءات رياضية وترفيهية للشباب بـ 31 مشروعا.
وفي آخر تصريح لإبراهيم مراد، مستشار رئيس الجمهورية المكلف بمناطق الظل، كشف عن إطلاق 53 بالمائة من المشاريع المسجلة لصالح هذه الأخيرة خلال السنة الجارية، كما أنه ومن ضمن 480 مليار دينار كتكلفة كلية للمشاريع المسجلة في مناطق الظل المحصاة تمّ توفير 188 مليار دينار لتغطية 12831 مشروع بقدر 39.22 بالمائة خلال 2020. ونجد في هذا الإطار 3916 مشروع قيد الإنجاز و2887 مشروع ستنطلق، ما يعني أن أكثر من 53 بالمائة من المشاريع الخاصة بالحاجيات الأساسية التي تم تسجيلها تم الشروع فيها. ونذكر أنه ومع إعطاء رئيس الجمهورية تعليمات صارمة للتكفل بمناطق الظل خلال إشرافه على اإجتماع الحكومة - الولاة تم تسجيل 15044 منطقة ظل يقطن بها 8 ملايين ساكن، في حين تم تسجيل 32700 مشروع يحتاج إلى تمويل ورصد أغلفة مالية.
وقد شكّل بذلك ملف مناطق الظل عنوان محليات 2020، حيث حرصت السلطات على بعث مشاريع تنموية على مختلف الأصعدة تطبيقا لتعليمات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي حرص منذ توليه الحكم في البلاد على إعادة الاعتبار لهذه الأماكن من الوطن، التي طالها التهميش والإقصاء منذ عقود خلت ليطرح معاناتهم خلال اجتماع صنع التميز بريبورتاج تلفزيوني صادم أبرز الواقع المعيشي الأليم لأكثر من 8 ملايين نسمة ليتم على إثره إتخاذ قرارات هامة في مجال التنمية المحلية ليكون بذلك الملف الأبرز على طاولة الحكومة في 2020.  
 تكريس اللاّمركزية في التسيير المحلي
 لعل من بين أهم ما حملته سنة 2020 في الشق المتعلق بالتنمية المحلية هو تزكية الدستور الجديد، الذي كرّس في طياته مبدأ اللامركزية في التسيير المحلي بما يسمح بتوسيع صلاحيات الجماعات المحلية، حيث يمكن عبر مواده القانونية أن تلعب المصالح البلدية دورا رئيسيا في مجال التنمية المحلية نظرا للاحتكاك المباشر لمسؤوليها بالمواطن ومعرفتهم عن قرب لاحتياجاتهم. كما يسمح الدستور الذي تم انتخابه في الفاتح من نوفمبر بزيادة صلاحيات المجالس المحلية لاسيما في مجال المراقبة واتخاذ القرار، والبحث عن موارد التمويل.
ويحرص الدستور على منح المزيد من الصلاحيات للمجتمع المدني في المشاركة في الشأن العام، ما من شأنه إنشاء الوعي بالتحديات التي يجب رفعها في بناء الجزائر الجديدة مع إشراك النخبة في مقترحات تصب في خدمة المجتمع، ناهيك عن إنشاء المرصد الوطني للمجتمع المدني، الذي يسمح للشباب بلعب دور قيادي مستقبلا تصب كلها في خدمة المجتمع.