دعوة مديرية الثقافة إلى الاهتمام بفئة الحرفيين
عندما تحصّلت سعاد بوشاشي على الشهادة الجامعية تخصّص علوم إسلامية من جامعة قسنطينة في سنة 1994 و من ثمّ امتهانها لعدة وظائف خارج نطاق تخصّصها، لم تضع في الحسبان أنّها ستجد نفسها في يوم ما تتعامل مع فئة تعدّ من بين الفئات الأكثر هشاشة من منظور المجتمع و يتعلّق الأمر بذوي الاحتياجات الخاصّة و لاسيّما الشابات منهم و الشباب من خلال التكفل بتعليمهم الحرفة التي امتهنتها في فن العقد.
لمدة تربو على العشر سنوات تنقلت الحرفية و الناشطة سعاد بوشاشي من مهنة إلى أخرى و من نشاط إلى آخر بحثا عن الذات و عن مستقر مهني لها في حياة صعبة جدا للشباب عموما و للشابات على وجه الخصوص فمن العمل التطوّعي ضمن لجنة الحيّ بعين النعجة إلى دراسة الإعلام الآلي إلى الانخراط في العمل ضمن مدرسة لتكوين البنات و من ثمّ العمل في شركة للتأمين لمدة تجاوزت الثماني سنوات غادرتها لأسباب تقول أنها خاصّة جدّا حيث استقرّ بها المطاف في إحدى الجمعيات الخاصة بالخياطة تعلّمت فيها فنّ العقد بسرعة فائقة مثلما تقول لم تتجاوز الثلاثة أشهر لتتحوّل من متربّصة إلى مدرّسة في نفس الجمعية و تحصّلت على بطاقة الحرفي قبل أن تغادرها إلى وجهة أخرى و هذه المرة كانت جمعية الأمة قالت أنّها تعلّمت فيها الكثير و كانت بمثابة الإضافة التي أثرت من خلالها مسارها الحرفي الجديد.
بطاقة الحرفي التي تحصّلت عليها قبل سنوات سمحت لها بالمشاركة في العديد من المعارض في بجاية و بومرداس و العاصمة و غير ذلك و في هذا الصدد تقول سعاد بوشاشي أن لهذه المعارض جانبان الأول إيجابي بكل تأكيد لكن هناك جانب آخر يمكن اعتباره سلبي فمن جهة تعدّ إيجابية من حيث الترويج للمنتجات، لكن المتابعة للمنتوجات الجيّدة التي يتعب في إنجازها الحرفي تكاد تكون الغائب الأكبر و من ثمّ فإنّ الإحساس و الشعور بعدم تثمين الجهد المبذول معنويّا و ماديّا يمكن إدراجه ضمن السلبيات التي تطبع تنظيم المعارض على حدّ تعبير نفس المتحدّثة.
منذ أزيد من سنتين إلى اليوم انخرطت سعاد بوشاشي ضمن إحدى مدارس التكوين المهني لذوي الاحتياجات الخاصة و بإعاقات مختلفة، تقول كانت مهمتي تعليمهم حرفة فنّ العقد لأفواج و كانت البداية مع الفتيات و رغم إعاقة البعض منهنّ حتىّ على مستوى النظر كخيال الألوان فقط و هي حالة جاءت من تمنراست تمكّنت هذه الأخيرة و من خلال حاسّة اليد التي ساعدتها على تطويرها من تعلّم الحرفة و لكن أيضا تعليمها للصغار و هذا الشيء أسعدها كثيرا و حفّزها على الاستمرار في هذه المهنة التي درّبت عليها أفواج عديدة طيلة ما يقارب الثلاثة سنوات مع الإشارة إلى أنه و بدءا من هذه السّنة لم يعد الأمر يقتصر على البنات فقط و إنّما تمّ إدخال الذكور ذوي الاحتياجات الخاصة أيضا من أجل الاستفادة من تعلّم هذه الحرفة حسب الطريقة المعتمدة و هي اللّمس من خلال الاعتماد عليها و تقويتها و أن لا يستمر الطفل أو المتعلّم في الاعتماد على الأستاذ و إنّما على نفسه و هذا بحدّ ذاته إنجاز يصل إليه المعني بالأمر بمساعدة المركز.
الجوانب الإنسانية في طريقة التعامل مع فئة ذوي الاحتياجات الخاصة هي التي تطغى على اعتبار أنّها لا تزال تعاني التهميش و عدم الاهتمام بها، و لذا فإنّ السّعي يسير في اتجاه كسب ثقتهم أولا و تعليمهم حرفة ما تساعدهم على تجاوز الصعوبات النّفسية بالدّرجة الأولى، التي قد تختفي أمام أيّ إنجاز يحققونه في أيّ مجال كان و لهذا فإن هؤلاء لا يحتاجون إلى مواساة أو دعم نفسي بقدر ما هم في حاجة إلى من يعلمهم حرفة ما بحسب الظروف الخاصّة بهم و من ثمّ تعويدهم على الاعتماد على النّفس و على أنّهم بالإمكان أن يمثلوا الإضافة في قطاعات عدّة و لما لا. و في هذا الإطار تدعو سعاد بوشاشي إلى مساعدة هذه الفئة و توفير كلّ الامكانيات التي يحتاجونها في أي مجال كان.
و إن كانت سعاد بوشاشي تطرح إشكالية فئة ذوي الاحتياجات الخاصّة فإنّها وفي نفس الوقت تطرح المشاكل العامة التي يعاني منها الحرفيون و تشير في هذا الإطار إلى أنّ هذه الفئة لم تتحصّل بعد على حقوقها و أنّ الأغلبية منها قد لا تعرف أصلا هذه الحقوق فضلا على الاستغلال الذي تتعرض له من طرف البعض موجّهة نداء إلى مديرية الثقافة للأخذ بعين الاعتبار لكل المشاكل و الانشغالات التي يواجهها الحرفيون نظرا للدور الهام الذي يقومون به في الحفاظ على الموروث الثقافي الذي تزخر به الجزائر.