أكدت خبيرة البناء والمختصة في ميكانيك التربة حماش حسينة، أمس، أن الهزات الارتدادية التي ضربت مناطق الشرق الجزائري مؤخرا، على غرار ولايتي ميلة وسكيكدة وما تبعها من هزات ارتدادية تشكل خطرا على المنشآت العمومية والممتلكات الخاصة المنجزة فوق تربة هشة غير مقاومة لثقل البنايات، مشددة على ضرورة اعتماد نمط عمراني يتناسب وطبيعة الأرضية.
قالت حسينة حماش، خلال نزولها ضيفا على «الشعب»، إن الهزات الأرضية التي ضربت ميلة وسكيكدة، أحدثت أضرارا عقب انهيار بعض المنازل وحدوث تشققات في الأراضي وجدران العمارات، غير أنها لا تخص مناطق الشرق الجزائري وإنما الولايات الواقعة على حدود الشريط الساحلي التي أضحت معرضة للهزات حسب القياسات والحسابات التي وضعتها الخبرة واستنادا لمعطيات سابقة.
وأوضحت الأستاذة، أن الشريط الساحلي الجزائري يتموقع بمنطقة معروفة بنشاطها الزلزالي وهو ما حدث في ولاية سكيكدة التي عرفت مؤخرا العديد من الهزات الارتدادية قد تشكل خطرا على البنايات المشيدة فوق أرضيتها معروفة بالتصدعات والتشققات والترسبات، ما يستوجب وضع أرشيف وطني يضم جميع المعطيات الجيو- تقنية والجيولوجية لاعتمادها كمرجع في عملية البناء التي يجب أن تكون مقاومة.
وقالت حسينة حماش، إن البناء والتعمير من المجالات الحيوية التي تتداخل فيها عديد الدراسات العلمية، سواء من الجانب الاجتماعي، الاقتصادي، أو التقني، فالبناء هو عملية إعداد التربة وتهيئة المجال بشكل دقيق يشمل مختلف متطلبات السكان وحاجياتهم على صعيد إعداد البنايات السكنية التي تغيرت قوانين بنائها بتغير المعطيات، وعرف القانون الصادر سنة 1980 تحيين وتجديد على ضوء كارثة 2003 التي استوجبت تغيير طريقة البناء يكون مقاوما للزلازل وتعتمد جدار الحماية كأولوية في البناء ودعامات الخرسانة.
اختيار ودراسة التربة ضروريان قبل عمليات البناء
تدخل في عمليات البناء أيضا- تضيف المتحدثة – اختيار ودراسة التربة لانجاز بنايات تطابق معايير البناء وتقاوم الكوارث الطبيعية، على غرار الزلازل وانزلاقات التربة التي تهدد الكثير من المناطق، ما يستوجب وضع خريطة وطنية تضم المعطيات السابقة وتسمح بتقليص تكاليف الدراسات التي تتطلب أموالا ووقتا كبيرين لانجازها، في وقت لا تسمح فيه الكثير من الحالات انتظار كل هذه الإجراءات لمعرفة أسباب الكارثة.
وشددت الأستاذة على ضرورة وضع نمط بناء يتوافق وطبيعة التربة في هذه المناطق، والاستعانة أيضا بتجارب البلدان الأسيوية المعروفة بالزلازل على غرار نمط البناء الاندونيسي المتحرك الذي يستطع الصمود في وجه الزلازل بسبب قدرة بناياته على «التمايل» عندما تهتز الأرض من تحتها ولا تنهار بفعل الهزة.
وبحسب خبيرة البناء حسينة حماش، فإن النمط العمراني بمناطق النشاط الزلازلي يجب أن يتميز بالمرونة اللازمة للصمود في وجه الهزات التي تضرب من فترة لأخرى، مبرزة أهمية إرسال مهندسين وخبراء الى هذه الدول للاستفادة من تجاربها في مجال البناء والذي يسعى المهندسون لضمانه ببناياتهم المقاومة للزلازل.
وأضافت في ذات السياق، أن دور مهندسي البناء يكمن في الحيلولة دون حدوث أضرار تحتاج للترميم جراء هذه الهزات، وهو ما يعني أن يكون البناء محكما لمواجهة الزلازل دون إلحاق ضرر بطبيعة البناء، مشيرة بخصوص المناطق المهددة بالكوارث قسنطينة التي تعاني مشكل انزلاق التربة، الى جانب تساقط الحجارة في تنس وأوقاس ببجاية.
وبخصوص مخطط البناء الذي شرعت فيه وزارة السكن، منذ سنوات، وباشرت في تطبيقه ميدانيا، قالت حسينة حماش إن المراقبة والمتابعة موجودة ميدانيا، غير أن التطبيق يحتاج الى الاستعانة بالخبرات في مجال البناء لتفادي هذه الصور التي تشوه مخطط التهيئة والعمران، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمدن الكبرى التي تحتاج الى نسيج عمراني متناسق.