قال الكاتب والباحث الأكاديمي المختص في حل النزاعات الدولية بلة لحبيب أبريكة، أن موقف الإدارة الأمريكية من مسألة اعتراف ترامب بسيادة المغرب على الصحراء الغربية يحمل خيارين لا ثالث لهما، فإما أن يلغي الرئيس الجديد، جون بايدن القرار لأنه لا يتماشى مع سياسة أمريكا التقليدية بخصوص النزاع الصحراوي وينتهك القانون الدولي، أو يبقي عليه ما دام الأمر مرتبط بمصالح إسرائيل.
يرى الباحث بلة لحبيب أبريكة، أنه في كل الأحول إدارة بايدن أمام امتحان صعب، خاصة أنها ترفع شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان واحترام القانون الدولي. مشيرا إلى أن إدارة ترامب ستترك خلفها الكثير من الملفات المعقدة المرتبطة بالسياسة الخارجية، يتحتم على الرئيس الجديد جون بايدن التعاطي معها. مبرزا أن سياسة الولايات المتحدة ظلت في السابق تدفع الأطراف إلى إيجاد حل يحترم حق شعب الصحراء الغربية في تقرير المصير، وتحاول اتخاذ موقف متوازن بين الطرفين جبهة البوليساريو والمملكة المغربية.
وعن الجدل القائم حول قانونية قرار ترامب، أفاد الباحث الأكاديمي، أن الاحتلال المغربي يعتقد أن إعلان ترامب الاعتراف بسيادته على الصحراء الغربية سينهي القضية وفق رؤيته للحل، ويريد أن يستغل وزن واشنطن لخرق القانون الدولي. لكنه يلقى رفضا واسعا من قبل المجتمع الدولي، سواء من طرف الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي أو من دول مثل روسيا وبريطانيا وإسبانيا والجزائر والسويد وغيرهم.
كما تم استنكاره من طرف شخصيات دولية وازنة على غرار رئيس لجنة الدفاع في الكونغرس جيمس انهوف ووزير الخارجية الأمريكي الأسبق المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء الغربية جيمس بيكر، وكذلك المبعوث الأسبق للأمين العام كريستوفر روس وآخرون. قائلا: «إن قرار ترامب كانت له نتائج عكسية على المغرب، إذ ساعد على نشر قضية الصحراء الغربية على نطاق واسع، وأحدث استنكارا من هيئات مغربية مناهضة للتطبيع مع إسرائيل ومن غالبية الشعب المغربي».
وقف الحرب مرهون بإقرار الحلّ العادل
ومع استمرار شن الجيش الصحراوي هجمات على جيش الاحتلال المغربي على طول الجدار العازل وتستّر الأخير على خسائره، قال المختص في حل النزاعات الدولية بلة لحبيب أبريكة: «من المرجّح جدا أن تظل المملكة المغربية تتنكر للحرب مثلما فعلت في السابق، فطوال 16 سنة من الكفاح المسلح (1991- 1975) لم تعترف بها، حتى أنها تنكرت لأسراها لدى البوليساريو الذين فاق تعدادهم ثلاثة آلاف».
وفيما يتعلق بتداعيات الحرب، يعتقد الباحث أن انعكاساتها ستكون خطيرة على المنطقة قائلا:»الحرب عندما تندلع لا أحد يعرف متى تتوقف»، وأضاف: « في كلّ الأحوال سنرى ما ستسفر عنه الأيام القادمة من تطورات، إلا أن المسؤولين الصحراويين يرون أن توقف الحرب مرهون بانسحاب المغرب من الصحراء الغربية، ومن دون شك الأوضاع في المنطقة قد تتجه نحو المزيد من التصعيد».
وحول مستقبل النزاع، يرى الباحث، أن المؤشرات تظهر أن المغرب يجنح نحو التصعيد بسبب المأزق الذي وقع فيه بعد خرقه لوقف إطلاق النار. وهناك أنباء تفيد أنه يعتزم اقتناء أربعة طائرات مسيرة ومعدات عسكرية بقيمة 1 مليار دولار من الولايات المتحدة الأمريكية، مضيفا أن التطورات التي آلت إليها قضية الصحراء الغربية تعود بالدرجة الأولى إلى تهاون مجلس الأمن الدولي والإتحاد الأوروبي والأمين العام للأمم المتحدة، لأنهم لم يتحملوا مسؤولياتهم في تطبيق الشرعية الدولية، وبدل ذلك انساقوا مع المغرب في خرقه للقانون الدولي وفرض سياسة الأمر الواقع.