دعا وسيط الجمهورية، كريم يونس، المندوبين المحليّين لهيئة وسيط الجمهورية، إلى أداء مهامهم في إطار «الحياد» و»النزاهة»، وشدّد على الإصغاء للمواطنين والدفاع عن حقوقهم وحرياتهم، وأكد في الوقت ذاته تجنّد الجميع لمحاربة آفة الرشوة التي مازالت «متفشية».
بعد 10 أشهر من استحداث الهيئة، عقد كريم يونس أول لقاء مع المندوبين المحليين لوسيط الجمهورية، أين أسدى تعليمات وتوجيهات تركزت في المجمل على تحديد المهام والصلاحيات المخولة لهم في إطار مهمة مساعدة المواطنين والسلطات العمومية على حد سواء في التغلب على «غول» البيروقراطية.
اللقاء المنعقد، الخميس، تحت شعار «وسيط الجمهورية..مهام وتطلّعات»، حضره وزير الداخلية والجماعات المحلية كمال بلجود، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة عمار بلحيمر، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومسؤولو هيئات اقتصادية واجتماعية.
وبعد بداية مضطربة، خاصة على صعيد وسائل العمل والاعتماد المالية، وجدت هيئة وسيط الجمهورية، أخيرا الطريق نحو الشروع الفعلي في أداء المهام المحدد في المرسوم الرئاسي 20-45 المؤرخ في 15 فيفري الماضي.
وأعلن كريم يونس، أنّه «تمّ وضع النصوص القانونية المسيرة لوسيط الجمهورية وقامت مصالحنا بالتطابق مع المؤسسات والإدارة العمومية، وبدأت في الخطوات التي تستدعيها التسيير المالي في إطار الاعتماد المالية لسنة 2020».
وأوضح المتحدث، أمام المندوبين المحليين على مستوى 48 ولاية و11 مقاطعة إدارية، بأنّ هيئة وسيط الجمهورية تستمد قوتها وشرعيتها من رئيس الجمهورية المنتخب شعبيا، داعيا إلى تشريف هذه الثقة والالتزام بما يلبي مستلزمات هذه المسؤولية.
وحرص كريم يونس على التأكيد بأنّ «وسيط الجمهورية هيئة مستقلة وضعت لدى رئيس الجمهورية، بهدف مرافقة وتسهيل كل إجراء يسمح بضمان كافة الحقوق للمواطن»، مفيدا بأنّ عملها يقوم على تلقي «شكاوي المواطنين المتعلقة بالاختلالات التي تعرفها الهيئات المركزية للدولة والجماعات المحلية والمرافق العمومية، لمعالجتها في إطار الأحكام التشريعية والتنظيمية المعمول بها».
وذكر برسالة رئيس الجمهورية، يوم تنصيبه له كوسيط للجمهورية برتبة وزير دولة، التي أكّد فيها «ضرورة تحسين الخدمة العمومية من خلال الحكم الراشد ومحاربة الفوارق الاجتماعية والظلم الذي يتعرض له المواطن، والناتج عن البيروقراطية ومحاسبة المسؤولين عن ذلك».
وأشار إلى إلحاح الرئيس تبون «على الأهمية القصوى لدور الوسطاء بغرض توطيد العلاقة بين الدولة والمواطن مع احترام مؤسسات الدولة المركزية والمحلية»، بما يمهّد الطريق «لبناء جزائر قائمة على شفافية أكبر واحترم حقوق الإنسان الأساسية»، معتبرا أنّ «السياق مناسب لممارسة الوساطة في ضوء الصحوة الديمقراطية والمطالبة العميقة بالعدالة والمساواة».
من هو الوسيط؟
بعد أن ذكر بأنّ الوساطة قديمة قدم الإنسان، وأنها معتمدة من قبل مئات الدول في أوروبا وإفريقيا، حدّد كريم يونس، للمندوبين المحليين مهمة وسيط الجمهورية «فهو ليس والٍ ولا قاضٍ ولا حاملٍ لصوت الشعب ولا محام» كما أنه «ليس بالموظف البسيط».
ليؤكّد أنّه «شخصيا اختير من طرف السيد رئيس الجمهورية يؤدي مهامه في الولاية بكل احترام»، مشيرا إلى حالات قليلة «لم يحصل فيها مندوبين محليين على الاحترام اللائق على مستوى بعض الولايات».
وأضاف بأنّ وسيط الجمهورية «مسهل ومصلح بين الأطراف أحيانا وقد يكون موجها في أحيانا»، وحذّر من استغلال المنصب في أغراض سياسية أو التجوال الإعلامي على حساب واجبه ومسؤوليته في خدمة المواطنين.
وقال: «إن المندوب يجب أن يكون حياديا في الولاية لا ينتمي إلى حزب أو آخر ولا ينحاز للمواطنين أو الإدارة، ويتحلى بواجب تحفظ ويترك ما للسياسة للسياسيين أو الجمعيات».
وحسب كريم يونس، فإنّ الأداء الناجع لوظيفة الوسيط، لا يقتصر على الالتزام بالمهام والصلاحيات المحددة قانونا «فيجب الحرص على الامتثال بالأخلاق الفضيلة، وعدم ممارسة بيروقراطية الإدارة مع المواطنين بتأجيل استقبالهم، بأن يكون التواصل معهم سهلا ومرنا».
محاربة الرشوة
مدة 10 أشهر، كانت كافية لكريم يونس، للإطلاع على طبيعة المشاكل التي يعنيها المواطن الجزائري مع المرفق العمومي، على اختلاف وظائفهم، فبعيد عن معضلة السكن استقبل وسيط الجمهورية مستثمرين وأصحاب مؤسسات يتعرضون للرشوة والابتزاز.
وقال: «يأتي إلينا مستثمرون، حصلوا على الترخيص بانجاز المشاريع ويتقدمون في مراحل الإنجاز، وعندما يصل الأمر إلى القرض البنكي الذي هو من حقهم، تبدأ متاهة البيروقراطية والتعطيل».
وأضاف في السياق: «نعم، أقولها، الرشوة موجودة، ويجب التجند للقضاء على هذه الآفة، واستقبلنا أشخاصا تعرّضوا للمساومة»، واستدلّ بصاحبة صيدلية، تعرضت للغلق التعسفي وطلب منها شخص مبلغ مليار سنتيم على أن يضمن لها إعادة فتحها في أي مكان أرادت عبر 48 ولاية.
كريم يونس، الذي أكّد امتلاكه دليلا على الواقعة، لا يرى في إبلاغه أو المندوبين بهكذا حوادث مجديا، «فينبغي التوجه مباشرة إلى مصالح الشرطة أو الدرك ورفع دعوة قضائية ضد هؤلاء المبتزين».
وشدّد في السياق، على وسيط الجمهورية «آلية» أوجدها رئيس الجمهورية للدفاع عن المواطن والمستثمرين وكل فئات المجتمع.
تقرير في طور الإنجاز
على صعيد آخر، كشف كريم يونس أن التقرير السنوي، الذي سيرفع إلى رئيس الجمهورية، في طور الإنجاز وسينشر للرأي العام للإطلاع على كافة المهام التي قمنا بها «بالتفصيل»، على أن يتضمن أيضا اقتراحات وتوصيات تساهم فيها مختلف القطاعات وكل أصوات المجتمع.
وكشف أن الإدارة المركزية لوسيط الجمهورية تلقّت منذ 17 فيفري الماضي الى غاية 2 ديسمبر الجاري، 4793 عريضة (شكوى)، مفيدا أنه «استقبل شخصيا 2793 مواطن من كل فئات المجتمع ومن كل أنحاء الوطن».
وقال إن: «أكثر من 29 بالمائة من العرائض الواردة إلى مكتبه، تخص قطاع الداخلية والجماعات المحلية أغلبها تخص السكن الاجتماعي»، وتتصدر ولاية الجزائر القائمة بـ 883 عريضة تليها ولاية وهران بـ 102 عريضة، ثم سطيف بـ 76 عريضة وولاية سكيكدة بـ 75 عريضة.
من جانبه، اعتبر رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بوزيد لزهاري، استحداث هيئة وسيط الجمهورية، إضافة نوعية تسمح بتحقيق كل ما يتضمنه الدستور الجديد على صعيد تعزيز الحقوق والحريات.