جيمس بيكر: القفز على الشّرعية يعطّل مسار التسوية
يناقش مجلس الأمن الدولي مسألة الصحراء الغربية الإثنين المقبل، للمرة الأولى منذ انتهاء وقف إطلاق النار قبل أكثر من شهر والاعتراف الأمريكي في 11 ديسمبر الجاري بسيادة المغرب على الإقليم الصحراوي المحتل.
خلال الجلسة التي تعقد بناءً على طلب ألمانيا، ستعرض نائبة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية روزماري ديكارلو الوضع في الصحراء الغربية التي يتنازع عليها المغرب والشعب الصحراوي بقيادة جبهة البوليساريو.
يسيطر المغرب على 80 % من الصحراء الغربية التي تبلغ مساحتها 266 ألف كيلومتر مربع، ويقترح منحها حكماً ذاتياً تحت سيادته، وتدعو جبهة البوليساريو إلى إجراء استفتاء لتقرير المصير على النحو المنصوص عليه في اتفاقية وقف إطلاق النار الموقعة العام 1991 تحت رعاية الأمم المتحدة بعد حرب استمرت 16 عاماً.
تتولى الولايات المتحدة صياغة قرارات الأمم المتحدة، ويمكن لأعضاء مجلس الأمن أن يطلبوا إسناد المهمة في هذه القضية المتعلقة بتصفية الاستعمار إلى دولة أخرى، بعد اعتراف دونالد ترامب بقرار أحادي خارج الشرعية بسيادة المغرب على المنطقة، ما يعني أن الولايات المتحدة فقدت صفة الدولة المحايدة واصطفّت إلى جانب الاحتلال.
وقال ريتشارد غوان، المتخصص بشؤون الأمم المتحدة في مركز أبحاث مجموعة الأزمات الدولية، «يعتقد معظم أعضاء الأمم المتحدة أنه من الأفضل الانتظار لرؤية ما سيفعله جو بايدن العام المقبل»، وأضاف أنه في هذه المرحلة لا جدوى من مناقشات تتخللها مواجهة في مجلس الأمن أو الجمعية العامة. وتابع أن «مهمة بعثة الأمم المتحدة «مينورسو» تستمر حتى أكتوبر المقبل، لذا فإن هناك متسعاً من الوقت لدى بايدن للعودة عن موقف ترامب أو إيجاد صيغة لتجنب الخلاف في مجلس الأمن العام المقبل».
بيكر ينتقد إعلان ترامب
من ناحية ثانية، أكد وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، المبعوث الأممي إلى الصحراء الغربية خلال الفترة ما بين (1997 - 2004)، جيمس بيكر، أن «الخطوة المتهورة» التي قام بها الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، بالاعتراف بـ «السيادة» المزعومة للمغرب على الصحراء الغربية، من شأنها أن تسهم في حالة الجمود التي تشهدها مسألة تسوية النزاع الذي طال أمده.
قال بيكر، في مقال رأي بعنوان «اعتراف ترامب بالصحراء الغربية ضربة خطيرة للدبلوماسية والقانون الدولي»، نشرته صحيفة «واشنطن بوست»، أن «هذه الخطوة المتهورة المتخفية في صورة دبلوماسية، ستسهم في المأزق القائم في حل النزاع الذي طال أمده بين المغرب وشعب الصحراء الغربية بخصوص وضع تلك المنطقة».
وشدّد في هذا الصدد، على أنّ إعلان الرئيس ترامب يشكّل «تراجعا مذهلا عن مبادئ القانون الدولي والدبلوماسية التي تبنتها الولايات المتحدة واحترمتها لسنوات عديدة»، ويمثّل «تغييرا كبيرا ومؤسفا في سياسة الولايات المتحدة طويلة الأمد في ظل كل من الإدارات الديمقراطية والجمهورية».
وأوضح في هذا السياق، أن «تلك السياسة تبنّت دائما موقفا محايدا إلى حد ما، في دعم جهود الأمم المتحدة لتحديد مستقبل ذلك الإقليم وشعبه، بطريقة تدعم مبدأ تقرير المصير وهو المبدأ الأساسي الذي تأسست عليه الولايات المتحدة، والذي يجب أن تظلّ وفيّة له».
ويضيف الدبلوماسي الأمريكي المحنك، قائلا: «ربما لم يفكّر مؤيّدو هذه الخطوة في العواقب المحتملة التي قد تترتب عن تراجعهم عن هذه السياسة، لكنها يمكن أن تكون بالغة الخطورة وبعيدة المدى.
لا للتّطبيع على حساب الصّحراويّين
في إشارة منه إلى تطبيع النظام المغربي وعدد من الدول العربية لعلاقاتها مع الكيان الإسرائيلي، أكّد بيكر أن «الخلط بين اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل ونزاع الصحراء الغربية، الذي يعد مسألة تقرير المصير بشكل واضح لا لبس فيه، لن يقوي أو يوسع الاتفاقات».
واستطرد قائلا: «لا ينبغي لنا ببساطة أن ندير ظهورنا لشعب الصحراء الغربية بينما نحاول تعزيز علاقات أفضل بين إسرائيل وجيرانها العرب»، مشيرا إلى أن هذا ما فعله قرار الرئيس ترامب.
ودعا بيكر إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن القادمة، إلى «إلغاء هذا الإجراء المتهور والساخر»، مؤكّدا أن القيام بذلك «لن يقوّض الاتّفاقات» مع إسرائيل، على حد تعبيره.
التّضامن مع الشّعب الصحراوي يتزايد
في السياق، سلّمت أمس المنظمات والهيئات المنضوية في حركة التضامن مع الشعب الصحراوي بفنلندا رسالة إلى عضو البرلمان الفنلندي، ورئيسة المجموعة البرلمانية للصداقة مع الشعب الصحراوي، بيا لوهيكوسكي، تدعو إلى حشد الدعم للشعب الصحراوي وإستخدام كل الوسائل الممكنة والمشروعة من أجل إيصال صوت الشعب الصحراوي ورفع مستوى الوعي بكفاحه العادل.
من جانبهم وصف نواب ألمان إعلان ترامب بالقرار المؤجج للوضع في الصحراء الغربية وطالبوا برلين بالتصدي له على مستوى مجلس الأمن والإتحاد الأوروبي.
البوليساريو تحشد ضد إعلان ترامب
بعث عضو الأمانة الوطنية لجبهة البوليساريو وممثلها لدى الأمم المتحدة، الدكتور سيدي محمد عمار، رسالة إلى الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، اعتبرت موقف ترامب انتهاكاً لميثاق ولقرارات الأمم المتحدة بما في ذلك قرارات مجلس الأمن التي صاغتها الولايات المتحدة نفسها، وصوتت عليها على مدى العقود الماضية، مشدّدةً على أن هذا الإعلان المؤسف يبتعد عن السياسة الأمريكية التقليدية فيما يتعلق بالصحراء الغربية.