وصف أستاذ العلوم السياسية والمحلل السياسي، إدريس عطية، السنة الأولى من عهدة حكم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بالناجحة، والتي انتصر فيها على أعداء الجزائر بالداخل والخارج، لاسيما وأنه مستمر في تطبيق التزاماته والإصلاحات التي جاء بها من أجل التغيير، وبناء جزائر جديدة يحلم بها كل الجزائريين.
قال عطية في حوار مع «الشعب» إنّ قوى الشر التي تتربص بالجزائر عملت ليل نهار من أجل إجهاض أي مشروع وطني جزائري بإمكانه أن يحدث نقلة نوعية للجزائر، سواء كانت سياسيا أو اقتصاديا أو اجتماعيا، وهذا ما تحدّث عنه الرئيس في كل مرة.
- الشعب: تمر سنة على تولي رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الحكم، كيف تقيّمونها سياسيا؟
الأستاذ إدريس عطية: أعتقد أنّ رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بدأ عمله كرئيس للبلاد بروح سياسية عالية، حيث كانت خطاباته إجابات كافية وشافية لكل الشكوك السابقة وعنوان لمرحلة جديدة عبر عنها رسميا وإعلاميا بالجزائر الجديدة، في شكلها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، كما كان الحضور القوي لرئيس الجمهورية في لقاءاته الدورية مع وسائل الإعلام يعبر عن إرادة سياسية قوية لتطوير البلاد والارتقاء بها سياسيا واستراتيجيا، رغم مرض الرئيس وإصابته بكورونا اللئيمة، إلا أن أصداءه تنبئنا عن صموده ومكافحته المرض، خاصة وأن صحة الرئيس هي أمر يهم كل الجزائريين، ولذلك ينبغي وصف رئيسنا بالرئيس الناجح سياسيا، والمنتصر فعليا على كل أعداء الجزائر في الداخل والخارج.
- الرئيس تحدّث عن 54 التزاما في برنامجه الانتخابي؟
أعتقد أنّه لا يمكن إعطاء نسبة أو تقييم إنجازات الرئيس في ظل هذه السنة الطارئة التي رمت بثقلها على كل العالم، لأن سنة 2020 هي سنة استثنائية بامتياز، فأزمة كورونا حتّمت على الجميع العيش في ظروف خاصة وسياق معين ومحرج، ومع ذلك لا ننكر الإرادة الجبارة التي بذلها رئيس الجمهورية في المسارعة في مباشرة التزاماته الـ 54 الانتخابية، والتي باشرها رئيس الجمهورية في أيامه الأولى منذ توليه الحكم كرئيس منتخب من قبل الجزائريين، حيث شكّل لجنة لمراجعة الدستور، إذ يجب ذكر أن ذلك من وعوده الأولى، وسارع بكل ما أوتي من أجل ربط رمزية نوفمبر 1954، نوفمبر التحرير، بنوفمبر 2020، نوفمبر التغيير، للإعلان على ميلاد الجزائر الجديدة بعد مصادقة الشعب الجزائري الحر على مشروع الدستور، وهذا بعد فسح المجال واسعا لمناقشة مسودة الدستور في وقت مبكر من السنة الحالية وفي ظل ظروف صحية خاصة، ناهيك عن الجوانب الاقتصادية والاجتماعية حيث فسح المجال لروح الابتكار والمبادرة للشباب الجزائري لإطلاق مشاريع جديدة وإنشاء مؤسسات ناشئة وفق تصور اقتصادي وطني جديد، هذا إلى جانب سياسته الاجتماعية المتعلقة بفلسفته الجديدة من خلال إطلاقه لمفهوم «مناطق الظل»، وتركيزه في لقاءاته مع ولاة الجمهورية على إيلاء عناية واسعة للمناطق المغبونة تنمويا في الوطن..
- الدستور مرّ بتزكية الشعب الجزائري، هل سيساعد الرئيس في إكمال عهدته بهدوء؟
نعم الدستور مرّ بمصادقة شعبية حقيقية ونظيفة من خلال استفتاء الفاتح من نوفمبر الماضي، وهذا ما سيفتح للرئيس المجال ليس لإكمال عهدته، وإنما لإكمال برنامجه الإصلاحي، فحزمة الإصلاحات السياسية لا تزال كبيرة، سواء من حيث تعديل أغلب القوانين العضوية والقوانين العادية، وعلى رأسها قانون الانتخابات الذي شكّل له رئيس الجمهورية لجنة خاصة في وقت سابق، وكذلك قانون الجماعات الإقليمية وقانون الإعلام وقانون الجمعيات وقانون الأحزاب وغيرهم وأيضا إصلاحات اقتصادية ومالية سوف تشمل التوجهات الكبرى للجزائر بما فيها إعادة تعريف أهدافنا الوطنية الداخلية والخارجية..
وأخيرا إصلاحات قطاعية سوف تشمل كل القطاعات في الوطن، بداية من إصلاح المدرسة الجزائرية وضرورة تحولها إلى مدرسة مدمجة تؤسس للتربية الذكية، وإصلاح للجامعة الجزائرية من خلال تحديد توجهاتها البحثية والعلمية ورد الاعتبار لكفاءاتنا الجامعية وتصحيح مفهوم التعليم العالي وترشيد مخرجات الجامعة البشرية والبحثية، وإصلاحات في قطاع الصحة وبقية القطاعات الوطنية، خاصة وأننا نعوّل على توجهات طاقوية جديدة قائمة على الانتقال الطاقوي وتحقيق التنمية المستدامة، ناهيك عن توجهاتنا نحو الرقمنة الشاملة ووضع استراتيجيات لتحقيق الأمن المائي وتعزيز شبكة الطرقات ومجالات النقل البري والبحري والجوي، خاصة النقل عبر السكك الحديدية، وغيرها من الإصلاحات التي يجب أن تعكس توجهنا الحقيقي نحو جزائر جديدة يؤمن بها كل الجزائريين..
- الرئيس تحدّث في كثير المرات عن قوى تثبط وتكبح رغبات التغيير، في رأيكم إلى أي مدى عرقلت هذه القوى تطبيق البرنامج؟
قوى الشر التي تتربص بنا هي موجودة وتعمل ليل نهار على إجهاض أي مشروع وطني جزائري بإمكانه أن يحدث نقلة نوعية للجزائر، سواء كانت سياسيا أو اقتصاديا أو إجتماعيا، لأنه للأسف هناك قوى شر تعيش في الجزائر، لكنها مرتبطة عضويا بالخارج وتنفذ أجندات أجنبية خبيثة داخل الوطن، وهناك أيضا قوى أخرى - وهم للأسف جزائريين - لكنهم ضعاف وطنيا وتم توظيفهم خارج الوطن من أجل إزعاج النزهاء في الداخل، وأيضا هناك قوى عربية تتخوف من نجاح الديمقراطية في الجزائر، ولا ترغب في انتقال «العدوى» إليها مما قد يثير شهية شعوبها لمفعول الديمقراطية الجزائري، وهناك فرنسا العجوز الرافضة لأي نجاح جزائري، والتي تتحين الفرصة للتأثير على الجزائر. هناك الكثير من الدول الأخرى التي تحاول إزعاج الجزائر الكبيرة بشعبها وتاريخها وطموحات شبابها وصمود أبنائها وقوة جيشها وفاعلية أجهزتها الأمنية، هذا إلى جانب كم كبير من المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية التي تريد تلفيق التهم للجزائر تحت طائلة حقوق الإنسان أو حرية الصحافة.
- خلال هذه الفترة بزغ نجم المجتمع المدني، هل سيكون له تأثير إيجابي مستقبلا؟
المجتمع المدني كان مختطفا من قبل العصابة في وقت سابق حاله كحال الاقتصاد الوطني وكل المشاريع الوطنية، لكنه كان يوظف في إطار مواسمي وتحت عناوين غير مرتبطة بطموحات المواطنين الجزائريين وعلى رأسهم طموحات الشباب، لكن مع مجيء الرئيس عبد المجيد تبون، وإبرازه لقناعته حول فاعلية المجتمع المدني وضرورة تمكينه قانونيا وسياسيا، ولقد أمر رئيس الجمهورية بتسهيلات كبيرة للمجتمع المدني مثل حق التصريح لإعلان الجمعيات وتبسيط الإجراءات، بل وصل الأمر أن يعين مستشارا خاصا للمجتمع المدني، وهذا ما ينم عن مقاربته التشاركية التي تجمع بين القطاع العام والقطاع الخاص والمجتمع المدني كقطاع ثالث بالإضافة الى وسائل الإعلام والجامعات..
- ينتظرنا في المستقبل القريب تشريعيات ومحليات، هل تغيير تشكيلة البرلمان سيعود بالفائدة على الساحة السياسية؟
نعم تغيير البرلمان سيعطي نفسا جديدا للإرادة الشعبية، خاصة أمام الضمانات الحالية للنزاهة والشفافية وأخلقة الحياة العامة وتمكين الشباب وحمايتهم من المال الفاسد، وإعطائهم فرص المشاركة السياسية وحق الانتخاب والترشح والمقاولة، فالبرلمان الجديد سوف يكون برلمانا قويا يعمل على تجويد التشريف، ويعزز الوظيفة البرلمانية في شقيها النيابي والرقابي، ونفس الشيء سيبرز على المجالس المحلية المنتخبة سواء على مستوى الولايات أو على مستوى البلديات.
- بعض الأحزاب انتقدت رغبة الرئيس بإعطاء قيمة أكثر للمجتمع المدني، ما تعليقكم؟
الأحزاب تتخوف من فقدان مكانتها أمام طوفان المجتمع المدني وتحركاته السريعة، لكن المنطق الواقعي والعقلاني يفصل بين المستويين، فالأحزاب السياسية تشكل المجتمع السياسي وهي وسائط رسمية -سياسية للنظام السياسي، ودورها واضح ومضبوط وهدفها الوصول للسلطة وتحقيق النصر الانتخابي، أما المجتمع المدني فهو مختلف الجمعيات الوطنية والمحلية المختلفة والمتنوعة التي تسعى للممارسة الديمقراطية التشاركية في الإطار المحلي أو الوطني لتقليص الهوة بين المواطن والإدارة وتقريب وجهات النظر بين السلطة والشعب، ومع ذلك فالذاكرة السياسية للشعب الجزائري أصبحت رافضة للأحزاب السياسية، وقد وجد الشعب في المجتمع المدني بديلا عن الأحزاب لأنه بعيد فعلا عن أي ممارسة سياسوية، ومع ذلك وجب على الأحزاب تجديد خطاباتها السياسية، وإصلاح نفسها للتكيف فعليا مع طموحات الجزائر الجديدة.