مازال الصراع في ليبيا متواصلا والتهديدات قائمة، والخطير في الأمر أن قوة الحرب لا تعصف بهذا البلد وحده وإنما بالمنطقة كلها، على خلفية فشل كل محاولات رأب الصدع بجدار إسمنتي، عمق من الانسداد وأفشل جهود شق الطريق الحقيقي نحو حلول التسوية التي تعيد توحيد البلد تحت قيادة شرعية واحدة تجتمع وتتوافق عليها جميع مكونات الشعب الليبي.
فمن مازال من مصلحته أن تبقى ليبيا ممزقة؟.. ومصرّ على إبعاد جميع سبل حلحلة الأزمة التي لم تنفع معها كل الجولات الماراطونية واتضح أنه توجد صعوبة كبيرة للوصول إلى حل سياسي.
الظاهر أن ليبيا المنهكة من الدمار وفرقة أبنائها، صارت ضعيفة بسبب غياب قيادة توحدها بعد أن سقطت في ظروف أمنية وسياسية معقدة، وباتت في الواقع تواجه سلسلة من التناقضات ومحاصرة بمحاولات الشد والجذب المعرقلة والمجهضة للحلول الناجعة، وعلى الشعب الليبي في هذه المرحلة الصعبة التفطن أن مصالح وتحركات من الخارج قبل الداخل، تعتبر أن الاستقرار يعد نهاية لأحلامهم في الهيمنة على الثروات الليبية وموقعها الاستراتيجي في البحر المتوسط، إنه استعمار من نوع خاص مغطى بالفوضى والعنف والترهيب.
الشعب الليبي الذي في كل مرة يترقب تسوية لأزمته ويصاب بخيبة أمل، يواجه حربا نفسية حامية الوطيس تستخدم فيها الأخبار الكاذبة والمعلومات الخاطئة التي ترمي بثقلها في تأجيج النزاع، الذي يواصل الأبرياء دفع ضريبته من جيوب خيراتهم وسلمهم واستقرارهم، لأن استمرار عبث الإرهاب المدعوم بشبكات المصالح لا ينهى إلا بإرادة وأيادي الليبيين بعيدا عن الانقسام والاختلاف المؤدي للتفرقة، وإدراك جيدا حتمية أن»مبدأ الحرب تقود إلى الحرب».
رسم مستقبل مشترك يحلم به جميع أبناء الشعب الواحد تعد من الحلول المصيرية القادرة على وقف صوت المدافع، وشل الأيادي التي تحرق الأرض. والخطوة الأولى تبدأ بالتوافق حول بناء مؤسسات وطنية موحدة تقطع الطريق في وجه مصالح الدول الأجنبية التي تدعم الأطراف المختلفة في الداخل، وإطلاق مصالحة ليبية مازال الشعب يتطلع إليها لكنها تأخرت كثيرا.