طباعة هذه الصفحة

«كورونا» تلهب أسعار الأجهزة الكهرومنزلية

أسعـار خياليــة وارتفاع فـاق 30%

علي عزازقة

وصل «ع.ر» لمتجره الخاص ببيع المنتجات الكهرومنزلية، الواقع بشارع عميروش، وسط العاصمة، في حدود الساعة التاسعة من يوم أحد، ليقوم بفتحه بعد أن عقمه تفاديا لأي مفاجأة غير سارة بسبب توحش فيروس كورونا خلال الفترة الأخيرة والتي شهدت حصيلته رقما قياسيا في الجزائر فاق الألف الإصابة في 24 ساعة، ليتنهد قائلا: «لازم ندير هاكد ولا ما نخدمش»، (عليّ فعل هذا أو أنني لن أفتح المحل من أجل العمل).

تعب «ع.ر» من وضعية متجره اندمج معه قرار الوزارة الأولى بتعليق نشاط المتاجر الخاصة ببيع الأجهزة الكهرومنزلية وعديد النشاطات الأخرى على الساعة الثالثة عصرا من كل يوم، لمدة محددة كإجراء وقائي من تفشي فيروس كورونا، حيث زاد من صعوبة التعامل مع الواقع الاقتصادي المنهك الذي تسبب فيه ضعف المداخيل وتقلصها بنسب كبيرة نتيجة ضعف إقبال المستهلكين، وارتفاع أسعار المنتجات بشكل كبير من جهة أخرى.
في السياق، برر التاجر الارتفاع الفاحش في أسعار هذه المنتجات ذات الطلب الواسع من المستهلكين، بالاجراءات الوقائية التي اتخذتها السلطات منذ منتصف شهر مارس المنصرم، حيث كان لها صلة مباشرة بعدم الاستيراد ودخول المنتجات للجزائر، ليضيف: «حتى المادة الأولية لا يمكن استيرادها بسبب كورونا، ما جعلنا نبيع منتجا واحدا دون جديد وحتى منافسة، فقلّ العرض وكثر الطلب حتى انهار الميزان».
وفي خضم حديثنا الذي لم يدم سوى 10 دقائق، دخل مستهلك المتجر وهو يرتدي القناع الطبي ليسأل عن سعر إحدى الغسالات الصغيرة ليفاجأ بسعرها الذي بلغ 8000 دينار، ليقول: «واش هذا طلعت بزاف غير كيما كانت دير 6000 دينار»، (ما هذا؟ ارتفع سعرها كثيرا، حيث لم يكن يتجاوز 6000 دينار قبل مدة قصيرة».

«كورونا» المتهم الأول في رفع الأسعار

أرجع رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين الجزائريين، الطاهر بولنوار، الارتفاع الفاحش لأسعار الأجهزة الكهرومنزلية والهواتف النقالة، إلى الاجراءات الوقائية المتخذة من أجل الحد من انتشار فيروس كورونا في الجزائر منذ 8 أشهر، والتي لها صلة مباشرة كذلك بثقل بيع هذه المنتجات المطلوبة بكثرة من قبل المستهلكين الجزائريين خلال نفس الفترة.
ولم يربط بولنوار، في اتصال هاتفي مع «الشعب»، هذا الغلاء بفيروس «كورونا» فقط، مؤكدا أن عديد الدول التي كانت الجزائر تستورد منها الثلاجات، المدافئ، المواقد وحتى الهواتف النقالة، أوقفت تصدير هذه الأجهزة لأسباب تخصها، مضيفا: «كنا نستطيع تجنب هذا الغلاء بتوفير الانتاج الوطني ولكن لا نملك هذا والموجود لا يكفي الطلب المتزايد على هذه المنتجات».


30 بالمائة نسبة ارتفاع أسعار الهواتف النقالة
وكشف ممثل التجار لـ «الشعب»، بأن أسعار الهواتف النقالة ارتفعت بنسبة 30 بالمائة منذ تطبيق إجراءات الحد من تفشي الفيروس التاجي بداية من منتصف شهر مارس المنصرم، موضحا في هذا السياق: «نفس الشيء ينطبق على المنتجات الكهرومنزلية بجميع أنواعها، والأسعار ستبقى على هذا النحو إلى غاية تجاوز هذه الأزمة الصحية التي أنهكت المستهلك وحتى التاجر».
وذكر المتحدث بشيء من الحسرة بأن أزيد من 50 ألف تاجر على المستوى الوطني جمدوا نشاطهم التجاري خلال فترة الثمانية أشهر الماضية، والعديد منهم في اختصاص بيع الأجهزة الكهرومنزلية والهواتف النقالة ولواحقها سحبوا السجلات التجارية الخاصة بهم بعدما أنهكتهم إجراءات غلق الأسواق والمراكز التجارية في أغلب ولايات الوطن.

تحسن الأسعار سيتأخر لأزيد من ثلاثة أشهر

الخبير الاقتصادي، أحمد سواهلية، وفي حديثه مع «الشعب»، قال إن تحسن أسعار الأجهزة الكهرومنزلية في الجزائر سيتأخر لقرابة 3 أشهر أو أزيد بقليل وهذا إلى غاية انتهاء الأزمة الصحية بسبب تفشي فيروس «كورونا»، متابعا: «بعد ذلك ستكون المؤسسات الصناعية لهذه المنتجات في وضعية مريحة للإنتاج وجعل الأسعار تنافسية وفي متناول المستهلك».
وفي سيناريو تفاؤلي أشار سواهلية، إلى أن العالم يشهد تحسنا ملحوظا في الوضعية الوبائية المرتبطة بجائحة «كورونا»، لا سيما وأن ثورة اللقاح أضحت تبشر بمستقبل أفضل وهذا على المدى القريب، ما سينعكس إيجابا مباشرة على نشاط المؤسسات الاقتصادية التي سيجعلها تتحسن إلى الأفضل بعد ركود مميت دام لأشهر.
وفي السياق، ربط المتحدث تحسن الأسعار وجعلها في متناول المستهلك البسيط بمدى إدماج المكونات الداخلية والخارجية، موضحا: «مع صدور المرسوم الخاص بكيفيات قبول المتعاملين الممارسين لأنشطة إنتاج المنتجات والمعدات الإلكترونية والكهرومنزلية، سيسهل في جوانب عديدة خاصة في الاستفادة من النظام الجبائي التفضيلي، ما سيكون له الأثر المباشر في تحسن الأسعار وعرض المنتجات بأسعار مقبولة للمستهلك الجزائري».

الفيروس التاجي كبح نشاط المؤسسات الصناعية

واتهم سواهلية في مقابلته مع «الشعب» فيروس كورونا وما تبعه من إجراءات احترازية، بكبح وتثبيط نشاط المؤسسات الاقتصادية سواء في الجزائر والخارج، ما خلق نوعا من اللاتوازن في السوق الذي أضحى يهدد ضعيفي الدخل، خاصة وأن الأسعار ارتفعت بنسبة كبيرة جدا، بسبب توقف مؤسسات عديدة عن النشاط وما انجر عنه من تسريح للعمال وقلة العرض وحتى الطلب.
وطالب الخبير الاقتصادي السلطات الوصية بضرورة توفير ملائم للاستثمار لهذه المؤسسات من أجل تفادي مثل هكذا سيناريو مرعب مستقبلا، مشيرا إلى أن إزاحة العراقيل من خلال العقار وضرورة توفير الخدمات الضرورية له، مع تفعيل صناعة المناولة الضرورية جدا وتنشيط الحركة الاقتصادية، سيكون له الأثر الحسن على الاقتصادي الوطني الذي يجب أن يصبح منتجا بعيدا كل البعد عن ثقافة الاستيراد التي اتبعها النظام السياسي السابق.
وفي السياق، دعا المتحدث الجهات العليا في البلاد للبحث عن سوق جديرة باقتناء هذه المنتوجات التي يجب أن تكون ذات ميزة تنافسية في الأسعار وحتى الجودة، وهذه خطوة، بحسبه، توجب توفر إرادة سياسية يبدو أنها موجودة حاليا من أجل الانتقال من الاستيراد إلى التصنيع محليا ومن ثم التصدير نحو إفريقيا والدول العربية.