تزخر الجزائر بإمكانيات هائلة للتموقع مستقبلا كقطب لـ «الهيدروجين الطاقوي»، غير إن هناك إشكاليتان تعترضان صناعة الهدروجين الأخضر، الذي يقلص من الانبعاثات الضارة إلى «الصفر»، ويحافظ على البيئة، حسب ما أفاد به الخبير في الطاقة بوزيان مهماه لـ « الشعب «.
شارك الباحث والخبير بوزيان مهماه بصفته أحد الباحثين الجزائريين الذين اشتغلوا على «الهيدروجين الطاقوي» على مدى 20 سنة الماضية، وممن أشرفوا على مبادرات رائدة وأعمال علمية صنفت من قبل النظراء كمساهمات مبتكرة وتحظى باهتمام المجموعات العلمية والاقتصادية والصناعية الدولية، في ورشة عمل نظمتها اللجنة الاستراتيجية» لـ «مرصد الطاقة المتوسطي».
وأبرز مهماه في حديثه لـ « الشعب « القدرات الجزائرية في مجال إنتاج الهدروجين، وتحدث عن مشاركته في ورشة العمل عن بعد، المخصصة لـ « الهدروجين « المنعقدة مؤخرا من قبل « اللجنة الإستراتيجية لمرصد الطاقة المتوسطي، التي تعمل حول الدور المحتمل للهيدروجين عبر ضفتي البحر الأبيض المتوسط والآثار المحتملة لهذا التوجه الديناميكي فيما يتعلق بالتعاون الإقليمي، مذكرا بالتوصية التي تقدمت بها الجزائر خلال الورشة في إطار مسعى «توسيع نطاق الهيدروجين الطاقوي».
ولفت في هذا الصدد، إلى أن هذه التوصية التي كانت الجزائر سباقة في الاشتغال عليها والعمل بها من خلال المشروع الكبير «ميدي صول: المشروع المغاربي الأوروبي لإنتاج وتصدير الهيدروجين انطلاقا من الجزائر، والذي أعلن عنه في «تصريح الجزائر حول الهيدروجين المنتج من الطاقات المتجددة « المنبثق عن الورشة الدولية للهيدروجين المنعقدة بالجزائر بين 21 و23 جوان 2005، والذي تضمن كذلك العمل على «الآلية البيولوجية لتحلية المياه المالحة» (2008)، ثم مشروع «درومادار أي الجمل الصحراوي الجزائري» (2007) لإنتاج الهيدروجين بالآلية البيولوجية واستخدامه في النقل عن طريق خلايا الوقود، ثم مشروع «هاي سلطان» لإنتاج الوقود الهجين «مزيج الهيدروجين والغاز الطبيعي».
وعرج مهماه في حديثه على توصيات تقرير الوكالة الدولية للطاقة المعنون بـ»مستقبل الهيدروجين» الذي عرضته في منتصف شهر جوان 2019، خلال أشغال «قمة مجموعة العشرين» التي انعقدت في اليابان، ذكر منها أهمية «ضخ الهيدروجين في أنابيب الغاز الطبيعي «وبمستوى « 5 بالمائة بالنسبة إلى حجوم الغاز الطبيعي»، لتسهيل نقل الهيدروجين على مسافات بعيدة من موقع إنتاجه وبشكل ميسور وسهل وسلس وآمن، وتسريع نشر استخداماته على أوسع نطاق من خلال استغلال البنية التحتية المتاحة من الغاز الطبيعي، وتثمينها بما سيساعد على خفض التكاليف الاستثمارية في إطار مسعى «توسيع نطاق الهيدروجين الطاقي».
أول سيارة جزائرية تشتغل بالغاز الطبيعي المضغوط سنة 2009
وأفاد في هذا الإطار أن هذا المزيج قد تم استخدامه في أول سيارة جزائرية تشتغل بالغاز الطبيعي المضغوط (2009)، وأيضا تنظيم أربع ورشات دولية حول الهيدروجين ذي المصدر المتجدد (الجزائر 2005، غرداية 2007، الرباط 2009، سوس 2012) تحت إشراف مركز تنمية الطاقات المتجددة، والمساهمة في تنظيم ورشة «الخبراء العرب حول الهيدروجين» بالجزائر، تحت إشراف المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين.
كما تطرق مهماه في حديثه إلى أهم مشكلتين تعترضان «صناعة الهيدروجين الأخضر» ضمن منظور «الانتقال من مدنية الإلكترون، القائمة على الرفاه الكهربائي « إلى «مدنية منبع الحياة، مدنية الماء، المدنية القائمة على مزيج (الفوتون، والبروتون، والإلكترون)، المدنية التي تتغذى على الماء في إنتاج الطاقة، وتعيد صناعة هذا الماء كمنتوج نهائي، ضمن دورة طبيعية سلسة وصحيّة وآمنة، إنها دورة الحياة «، وتتمثل هاتين الإشكاليتين في وفرة الطاقة ووفرة المياه بعيدا عن استغلال المياه العذبة الثمينة.
قال المتحدث إنه تبين من خلال النقاشات وطبيعة الأسئلة الموجهة للطرف الجزائري ونوعيتها أن هناك اهتمام كبير من قبل المشاركين في هذا اللقاء، بنوعية المبادرات الدولية واسعة النطاق التي قادها الباحثون والخبراء الجزائريون بإسناد من المؤسسات الوطنية الطاقوية الكبرى (سونلغاز، سوناطراك، نفطال» منذ سنة 2001، والتي تؤكد أن الجزائر كانت سباقة في هذا المجال، على الأقل في منطقة حوض المتوسط، في تقديم رؤى علمية وحلول تكنولوجية منهجية مبنية على هندسة فعلية لمشاريع هامة للتعاون العلمي والصناعي في مجال تكنولوجيات إنتاج الهيدروجين وتخزينه ونقله واستخدامه وفي عديد تطبيقاته، وبمبادرات حقيقية ساهمت في اقتراح حلول عملية ذكية لمختلف المشكلات المعقدة التي تعيق التقدم في «تطوير الهيدروجين بشكل ميسور كوقود بتكاليف معقولة الكلفة وموثوق وآمن وفعال.
صناعة الأكسوجين الطبي من الهيدروجين العالي النقاوة
وأضاف أن الورشة شكلت فرصة ليؤكد الطرف الجزائري على أن إنتاج «الهيدروجين العالي النقاوة» من خلال استخدام الأجهزة التي تعمل بالأغشية للتحليل المائي يمثل السبيل الأمثل لتوفير «الأكسجين عالي النقاوة» أي الأكسجين الطبي، الذي يمثل توفيره بـ»كميات كافية وسريعة وفي الحين» تحديا عالميا في فترة جائحة كوفيد-19، وبذلك فإن صناعة الهيدروجين توفر إجابات حقيقية لحاضر البشرية الصحي والطبي قبل التطلع إلى مستقبلها الطاقوي.
وأشار في معرض حديثه أن التجربة الجزائرية تقوم على «كمون هام» من الموارد والمصادر والإمكانات التي تزخر به الجزائر، والتي تمثل مصدر اهتمام عالمي لتطويعها كموارد وإمكانات هائلة في سبيل نشر استخدام «الهيدروجين» على أوسع نطاق، وفي مختلف مجالات الإستخدام الطاقوي المستقبلي.
وذكر أن الطلب السنوي العالمي الحالي على الهيدروجين يقدر بـ 70 مليون طن، منها 10 مليون طن يتم إنتاجها في أوروبا، 76 بالمائة من إنتاجه يأتي من الغاز الطبيعي، و2 بالمائة فقط منه يتم انتاجه عن «طريق الصفر انبعاثات ضارة ضمن السيرورة الخضراء» أي بواسطة «التحليل الكهربائي للماء»، والباقي بإستخدام الفحم.
تجاوب «قلق» لسعر برنت مع اكتشاف اللقاحات ضد كورونا
في سياق آخر وردا عن سؤال حول تأثير إنتاج اللقاح المضاد لوباء كورونا على السوق النفطية، أفاد مهماه أنه يجري الحديث حاليا عن ارتفاع في نسبة شفاء المصابين من الفيروس، ما حمل تباشير بشأن تحسن في أسعار النفط.
قال الخبير إن هذا «ما توقعته وصرحت به منذ 9 أشهر لـ»الشعب «، كنا واضحين في طرحنا منذ البداية»، وأضاف أنه قال حينها «ينبغي تلقيح برميل النفط، فالعالم يتنفس نفطا»، لذلك يتوجب «تلقيح النفط» بدءاً ..!!!
وأفاد الخبير أن تجاوب سعر برميل خام النفط، خاصة بالنسبة لخام البرنت القياسي العالمي حذر، لأنها تجاوبت حسب نمط الترويج لهذه اللقاحات، وهناك ظنون في الأسواق حول هذه التباشير ومدى قدرتها على مباشرة محاصرة «كوفيد-19» وتحجيم أثره، ثم التمكن من اجتثاثه، خاصة مشاكل الكلفة، وحق كل شعوب العالم من الاستفادة من هذه اللقاحات، ومدى «العدالة العالمية الإنسانية» في الحصول عامة على لقاحات بنفس الجدوى الطبية والفعالية، ثم السؤال المهم لأسواق النفط «متى ؟»، أي متى سنفرح بمباشرة التلقيح الواسع النطاق، لأن هناك من يتحدث من المختصين على عدم إمكانية ذلك قبل ثلاث (3) سنوات قادمة، بدء من الإعلان عن الوصول إلى لقاح فعال ..!!
ويبقى سعر برميل النفط ـ حسبه ـ مدعوما بقوة بـ»إتفاق أوبك +» ومدى الالتزام العالي للأعضاء المنضويين تحت سقف الاتفاق، ويجد مهماه هذا «مكسبا مهما جدا لأسواق النفط، ولبرميل خام النفط، ولمجموعة «أوبك +»، ولمنظمة أوبك التي ترأستها الجزائر خلال هذه السنة، ويعتقد كذلك أن هذا نجاح باهر للدبلوماسية الطاقوية الجزائرية.
ولفت في معرض حديثه أن تجاوب سعر خام برنت القياسي العالمي، مع هذه التباشير «بشكل قلق»، حيث سجل ارتفاعا محسوسا وسريعا وصعد إلى مستويات لم نشهدها منذ شهر مارس الماضي، وصعد في غضون ثلاثة (3) أيام فقط، من 22 إلى 25 نوفمبر 2020، بأربعة (4) دولارات، من مستوى 45 دولار إلى سقف 49 دولارا، قبل أن يعاود التقهقر نزولا إلى 47,6 دولار، يوم الجمعة.