90 ألف متر مكعب تهدر يوميا جراء التسربات والسرقات
تعيش ولاية بومرداس الفلاحية تحديات حقيقية، كغيرها من ولايات الوطن، بسبب الظروف المناخية الحالية التي تسببت في ضعف كمية تساقط الأمطار المنقطعة منذ مدة ومؤشرات حالة الجفاف التي بدأت تخيف الفلاحين والمنتجين في مختلف الشعب والمساحات المسقية التي تضاعفت خلال السنوات الأخيرة لتتعدى 26 ألف هكتار، في وقت يعيش قطاع الموارد المائية وضعية لا يحسد عليها بسبب قلة المشاريع المنجزة والخسائر الناجمة عن تنامي ظاهرة الربط العشوائي والتسربات التي تصل الى 90 ألف متر مكعب يوميا.
بومرداس: ز. كمال
تشريح وزير الموارد المائية أرزقي براقي، لواقع القطاع وصعوبة الموسم على ضوء شح الأمطار وحتمية شد الأحزمة بتشديد إجراءات ترشيد وعقلنة عملية استهلاك مياه الشرب التي ارتفعت بنسبة 10٪ منذ بداية جائحة كورونا مع متطلبات الاستغلال الفلاحي المتزايدة، ينطبق تماما على ولاية بومرداس التي تعتبر عينة مصغرة اجتمعت فيها كل هذه الصفات المتناقضة، من قدرات هائلة للثروة المائية التي تتمتع بها، سطحية كانت أو جوفية، بكميات إنتاج تتعدى سنويا 95 مليون متر مكعب ومؤهلات فلاحية كبيرة في مختلف الأصناف والشعب الانتاجية.
لكن مقابل ضعف الاستغلال وعدم التحكم الجيد في تسيير وضمان ديمومة هذا المورد الحيوي، جراء ظاهرة التسربات والربط العشوائي التي تكبد القطاع 90 ألف متر مكعب يوميا. في حين يبقى موضوع المشاريع غير المنجزة المقدرة بـ40 مشروعا هاما استفادت منه الولاية، إلى جانب أزمة الصيانة وتراجع قدرات استيعاب السدود الثلاثة الكبرى، حديثا آخر من التحديات الراهنة.
أمام هذه الوضعية المتذبذبة المنذرة بحالة جفاف مبكرة، في حالة استمرار احتباس الأمطار التي قد تأتي على الموسم الفلاحي ومحاصيله الزراعية لعدد من الشعب الرئيسية التي بدأت فصولها شبه عرجاء، لم يعد الحديث اليوم، بحسب المختصين والمنتجين من أصحاب المستثمرات وحقول الأشجار المثمرة والمساحات المسقية، على ضرورة تحريك مدونة المشاريع العالقة التي استفادت منها الولاية أيام البحبوحة المالية ومنها مشروع سد وادي جمعة بحوض وادي يسر لمضاعفة طاقة التخزين وإنجاز حواجز وسدود جديدة في عز الأزمة الاقتصادية، بقدر ما هو مرتبط بأولوية تعجيل مشاريع الصيانة وتجديد قنوات الجر وشبكات التوزيع المهترئة عبر البلديات التي تشهد الكثير من النقاط السوداء وتسرب المياه دون أن يستفيد منها المواطن.
كما تبقى أيضا أهم السدود المائية المعروفة بولاية بومرداس كسد قدارة، الذي يعتبر من أهمها بطاقة استيعاب تصل الى 142 مليون متر مكعب، سد الحميز بطاقة 16 مليون متر مكعب وسد بني عمران بطاقة 12 مليون متر مكعب، الى جانب الحواجز الصغيرة كسد وادي عمارة برأس جنات، وادي الأربعاء بسيدي داود وسد الناصرية، بحاجة إلى أشغال صيانة مستعجلة لإخراج آلاف الأطنان المكعبة من الطمي التي قلصت طاقة الاستيعاب الى حدود كبيرة، من اجل توسيع عملية تجميع المياه المتساقطة خلال فصل الشتاء والربيع.
إضافة إلى المشاريع المتعلقة بتهيئة وتجديد الآبار الارتوازية لتجميع المياه الجوفية المخصصة للسقي الفلاحي، التي تعاني الإهمال هي الأخرى، وهذا كمصير شبكة السقي الفلاحي لمنطقة الوسط وحوض وادي سيباو الذي تفاقمت به ظاهرة السقي العشوائي وحفر آبار بطرق غير قانونية وأحيانا بدون تراخيص وبيع صهاريج المياه لسقي حقول العنب بالمناطق الجبلية.