واجه مؤسّس فيسبوك مارك زوكربيرغ استجوابا من مجلس الشيوخ الأميركي تمحور معظمه حول مزاعم بأن فيسبوك تُسكِت الأصوات المحافظة في تداعيات الانتخابات الرئاسية.
لكن إحدى اللحظات الأكثر إثارة للاهتمام في جلسة الاستماع التي جرت خلال الأسبوع الماضي كانت عندما سأل السيناتور جوش هاولي من ميسوري زوكربيرغ عن «سنترا» (Centra)، الأداة التي قال إن فيسبوك يستخدمها لتتبع مستخدميه عبر الإنترنت.
وقال المذيع في قناة «فوكس نيوز» (Fox News) تاكر كارلسون، الذي نقل الحوار الذي جرى بين السيناتور جوش هاولي وزوكربيرغ بشأن سنترا، إن زوكربيرغ تهرب من الإجابة عن سؤال السيناتور هاولي بشأن عدد الحسابات التي تعرضت للتحليل والإيقاف بوساطة أداة سنترا في الولايات المتحدة.
وقال مدير الشركة «لست أدري أيها السيناتور لأن تسمية هذه الأداة غريبة علي. إنني واثق بأن لدينا أدوات تعقب تسمح لنا بالعمل على منصتنا لكن هذه التسمية مجهولة لدي».
وأعرب كارلسون عن تشككه في صدق مؤسس فيسبوك، مشيرا إلى أن الناطق الرسمي باسم الشركة اعترف أخيرا بأن سنترا موجودة بالفعل وتستخدم من أجل «تسهيل التحقيقات في موضوعات معقدة مثل سلوكات منسقة أو غير سليمة».
كيف تعمل سنترا؟
شارك السيناتور هاولي صورة للأداة المزعومة على تويتر، التي يقول إنه حصل عليها من مخبر فيسبوك، وتعرض لوحة المعلومات مجموعة من نقاط البيانات التي يمتلكها فيسبوك عن المستخدمين.
والأهم من ذلك أنه يسلط الضوء على مسألة عجز المستخدمين عن الهروب بسهولة من تتبع الشركة حتى لو أرادوا ذلك.
وأظهرت اللوحة أن فيسبوك يمكنه تسجيل نشاط المستخدم نفسه على الجهاز حتى إذا قام بالخروج من فيسبوك، أو قام بتبديل الحسابات باستخدام رقم الهوية الخاص بالجهاز، مثل رقم التعريف الثابت للهاتف الذكي.
بمعنى أنك لو قمت بإنشاء حساب إنستغرام (Instagram) جديد باسم مختلف ودخلت إليه من جهازك، فإن فيسبوك سيتمكن من تحديد هوية الجهاز للتعرف على أنك الشخص نفسه الذي لديه الحساب الآخر على فيسبوك.
فعند تسجيل الدخول إلى فيسبوك على الويب، تقوم الشركة بإسقاط ملف تعريف ارتباط يسمى «داتر» (DATR) سيتتبع نشاطك حتى بعد تسجيل الخروج ولمدة تصل إلى عامين بعد ذلك.
وتم الإبلاغ سابقا أن فيسبوك يستخدم ملفات تعريف ارتباط المتصفح لتتبع الأشخاص الذين لم ينشئوا حسابا على فيسبوك مطلقا، وإنشاء «ملفات تعريف الظل» لأولئك الذين يأملون في إنشاء حساب لاحقا.
وإذا قمت بتبديل الحسابات أو استخدمت الهاتف الذكي والحاسوب المحمول للدخول إلى حسابات مختلفة ولم تتم مزامنة نشاط التصفح عبرهما، فإن المعلنين يحصلون على معلومات أقل بكثير عنك لاستهدافك بالإعلانات.
وتسمح أرقام هوية الأجهزة الثابتة لفيسبوك بتسجيل نشاط المستخدم حتى إذا قام بتسجيل الخروج، أو حذف تطبيق فيسبوك، أو استخدم متصفحات ويب مختلفة.
هل زوكربيرغ لا يعرف حقا عن سنترا؟
وخلال جلسة الاستماع، قال زوكربيرغ إنه لم يكن على دراية بسنترا، ولكن هناك شواهد تؤكد أن معلومات الرئيس التنفيذي في مجال الخصوصية وأمن المعلومات ليست ببسيطة، وأن هذه الأداة هي من الأدوات المهمة في إستراتيجية عمل فيسبوك.
والشاهد الأول على معرفة زوكربيرغ بأدوات التتبع الخاصة بشركته هو انتقاده الشديد تحديث «آبل» (Apple) لنظام «آي أو إس 14» (iOS 14) الذي يطلب من التطبيقات الإذن قبل أن تتمكن من استخدام معرّف الجهاز.
وقال زوكربيرغ إن التغيير يمكن أن يقضي على المليارات من الإيرادات. وقد أوقفت شركة آبل التغيير مؤقتا من أجل منح فيسبوك الوقت لتغيير نموذجها.
أما الشاهد الثاني الذي يعد دليلا على حرص مؤسس شبكة التواصل الاجتماعي الأكبر في العالم على خصوصيته هي صورة تعود لعام 2016، أي قبل تفجر فضيحة كامبردج أنالتيكا عندما تداول مغردون صورة تظهر زوكربيرغ إلى مكتبه ومن خلفه جهاز الحاسوب الخاص به وقد غطى فتحتي الكاميرا والمايك فيه.
وحينها تساءل العديد من المستخدمين عن سبب هذه الخطوة ونجاعتها في حفظ الخصوصية، وبعضهم رأى فيها ارتيابا مبالغا به من قبل زوكربيرغ.
ولكن من يعرف شخصية مؤسس فيسبوك سوف يتأكد بأن زوكربيرغ ليس مجرد رئيس تنفيذي يقوم بأعمال الإدارة العادية لأكبر منصة تواصل اجتماعي، بل هو قبل هذا خبير تقني يمكنه بسهولة معرفة وفهم وحتى استخدام الأدوات التقنية للحفاظ على خصوصيته.
الجزيرة + مواقع إلكترونية