خلّف قرار اعتماد التعليم عن بعد في الجامعات الجزائرية لتعويض التعليم الحضوري الذي توقف بسبب جائحة كوفيد-19 انتقادات وشكاوى من طرف بعض الطلبة، رغم كل الجهود التي قامت بها وزارة التعليم العالي من دفع للأساتذة في الجامعات بوضع الدروس عبر المنصات الرقمية المخصصة لذلك.
العملية اصطدمت بعدم قدرة الجامعات تعويض التعليم الحضوري بتلك الطريقة حصرا، مما اضطر هذه المؤسسات إلى برمجة دروس حضورية لمراجعة ما تم وضعه من دروس في المنصات سواء كانت على شكل نسخة رقمية أو سمعية أو بصرية.
أرجع عبد الرحمان بوثلجة أستاذ باحث ومختص في الإعلام والاتصال الجامعي سبب غياب التعليم عن بعد إلى غياب عامل مهم يتوفر فقط في الدروس الحضورية، وهو التفاعل بين الأستاذ والطالب والذي يرجع أساسا إلى عدم القدرة على المسايرة والتمكن لدى الطالب خاصة وحتى لدى بعض الأساتذة لتكنولوجيا المعلومات والاتصال، التي تعرف تطورا متسارعا.
ويشير الباحث بوثلجة في تصريح لـ «الشعب» إلى أن التمكن في تكنولوجيا الإعلام والاتصال، لا يطرح في الجامعات فقط، وانما في كل القطاعات التي تعمل على تعميم الرقمنة في تسيير شؤونها، والدليل عزوف الكثير من المواطنين على القيام بعمليات البيع والشراء عن بعد، باستعمال البطاقات البنكية أو البريدية الإئتمانية المخصصة لذلك، رغم ما توفره من جهد ووقت وسهولة في التنفيذ ورغم حاجتنا الى هذا الأمر في هذا الوقت لتحقيق التباعد الاجتماعي لمجابهة وباء كورونا.
وحسب المتحدث فإن أي حديث عن التنمية الاقتصادية والاجتماعية يرتبط بتطوير الاقتصاد الرقمي، الذي وضعته بلادنا في مقدمة الأولويات، والذي لا يكون إلا بتكوين واسع في كل القطاعات وبسرعة وبصفة دائمة في تكنولوجيا الإعلام والاتصال، ويقصد به محو الامية في هذا الميدان، سيما وأننا في عصر شبكة الجيل الخامس 5G، وفق إستراتيجية متكاملة ومستمرة لمسايرة التطور السريع في هذا المجال، ويجب أن يكون هذا معتمدا بطريقة رسمية من المؤسسات وبالتعاون مع الشركات الرائدة في مجال تكنولوجيا الاعلام والاتصال الحديثة والمتخصصة في توفير البنية التحتية لها.
ولتحقيق هذا المسعى، يرى الباحث بوثلجة أنه يجب أن يكون التكوين شرطا لممارسة الوظيفة أو التثبيت فيها كما هو معمول به في الجامعات، من خلال تكوين الاساتذة الجامعيين الجدد على منصة مودل Moodle أو بإبرام إتفاقيات شراكة مع مؤسسات كبرى في هذا المجال مثل ما قامت به جامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا لإنجاح التعليم عن بعد، أو من خلال التحفيز والمنافسة مثل ما قام به العملاق العالمي شركة هواوي من خلال فرعها بالجزائر، على غرار ما تقوم به في دول أفريقية أخرى مثل كينيا وإثيوبيا وجنوب إفريقيا وغيرها.
كما يرى المتحدث استحداث برامج التدريب والتكوين للطلبة وحتى الاطفال في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، أمر محفز ومن ذلك المسابقة التي شاركت فيها 10 فرق من مختلف مؤسسات التعليم العالي، مثل جامعة هواري بومدين للعلوم والتكنولوجيا وسعيدة، واحتل فريقان جزائريان مراتب مشرفة في المسابقة العالمية التي أجريت مؤخرا عبر تقنية التواصل عن بعد، وهو الشيء الذي يبعث روح المنافسة بين الطلبة على المستويين الوطني والعالمي.
وجدير بالذكر أن الشركة تستثمر في البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الجزائر من خلال إقامة اتفاقيات شراكة مع العديد من مؤسسات التعليم العالي، حوالي عشر مؤسسات حاليا، وأسّست أكاديمية هواوي في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الموجه لقطاع التعليم العالي، وهي تقيم معرض التوظيف والتكوين سنويا