تشكل العدوى المقاومة للمضادات الحيوية خطرًا كبيرًا على سلامة المرضى وحياتهم، ولهذا السبب يعد الارتفاع الكبير في وصف المضادات الحيوية للأسنان مصدرًا كبيرًا للقلق.
كشفت دراسة جديدة أن وصفات المضادات الحيوية التي لجأ إليها أطباء الأسنان في إنجلترا ارتفعت بمقدار الربع في وقت سابق من هذا العام، تحديدًا في الفترة ما بين أبريل ويوليو 2020.
وبحسب ما نشرته «ديلي ميل» Daily Mail البريطانية، زاد استهلاك المرضى في تلك الفترة للمضادات الحيوية بنسبة 25% مقارنة بنفس الفترة من عام 2019 وبلغت الذروة في يونيو حيث حال الإغلاق وحظر التجوال من إمكانية حصول المرضى على مواعيد لتلقي العلاج الملائم في العيادات.
وكشف الخبراء في ورقة بحثية جديدة أن معدلات وصف المضادات الحيوية كانت الأعلى في لندن، بزيادة قدرها 60% في الأشهر الثلاثة من أبريل إلى يوليو 2020.
مضادات حيوية غير ضرورية
وعلى الرغم من حقيقة أن وصف المضادات الحيوية غير ضروري و»غير مناسب» في حالة عدم وجود عدوى، إلا أنه لا يزال يتم وصفها عن طريق الخطأ لأشياء مثل ألم الأسنان والتهاب لب السن، أي التهاب الأنسجة في وسط السن.
وأعرب الباحثون عن قلقهم من أن الإفراط في وصف المضادات الحيوية للمرضى، الذين ينتظرون العلاج يؤدي إلى تفاقم مشكلة أخرى وهي مقاومة مضادات الميكروبات.
وتحدث مقاومة الميكروبات للأدوية والمضادات الحيوية، عندما تتكيف البكتيريا والميكروبات الأخرى وتتطور كرد فعل على المواد الكيميائية والمضادات لها الحديثة المصممة للقضاء عليها، ومن ثم تصبح «جراثيم خارقة» شديدة القوة، لا يمكن التغلب عليها بسهولة.
وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن الجراثيم الخارقة ستؤدي إلى وفاة ما لا يقل عن 10 ملايين شخص سنويًا بحلول عام 2050، وأن حالات الوفاة ربما تحدث بسبب عدوى غير قاتلة أو مؤذية بالأساس.
وتقول الباحثة دكتور ويندي طومسون من جامعة مانشستر: إن «المضادات الحيوية عقاقير منقذة للحياة، عندما يحتاج إليها المريض بالفعل».
وبعد سنوات من الاتجاه التنازلي، أدى الإغلاق وحظر التجوال إلى صعوبة الحصول إلى رعاية مناسبة للأسنان في العيادات والمستشفيات خلال جائحة كورونا.
ولكن يحذر الباحثون من أنه يجب الاحتراس من تكرار ما حدث مرة أخرى إذا ما تم فرض الإغلاق العام مجددًا بسبب تفشي الموجة الثانية من كوفيد-19.
الاقتصار على الالتهابات الشديدة
وينصح الباحثون بأن يقتصر وصف المضادات الحيوية على حالات علاج التهابات الأسنان الشديدة، التي يصاحبها تورم الوجه على سبيل المثال، مع مضاعفات مثل ارتفاع درجة حرارة الجسم.
ويوضح الباحثون أن معظم التهابات الأسنان يمكن السيطرة عليها عن طريق العلاج في عيادات الأسنان بإزالة مصدر العدوى، دون الحاجة إلى مضادات حيوية، ويتم بعدئذ عمل حشو الأسنان، وهو ما لم يكن متاحًا خلال الفترة المشار إليها، لذا لجأ معظم أطباء الأسنان إلى متابعة مرضاهم عن بُعد ونصحوهم بتعاطي مسكنات الألم أو المضادات الحيوية، عندما كانت تقتضي الحالة.
كما أن تقرير صادر عن لجنة الصحة والرعاية الاجتماعية التابعة لمجلس العموم البريطاني أفاد بأن بعض الحالات لم يمكن علاجها بالمضادات الحيوية، من بينها حالات التهاب العصب، والتي ربما تظهر على أنها ألم في الأسنان.
وأوضح التقرير أن وصف المضادات الحيوية لم يؤد إلى علاج الألم وأنها لم تقض على مصدر العدوى بشكل نهائي، مما أدى لتفاقم بعض الحالات.
وصرحت دكتور سوزي ساندرسون من الاتحاد العالمي لطب الأسنان قائلة: «لهذه الأسباب لا يقتصر خطر المضادات الحيوية على عدم حل المشكلة على المدى الطويل، بل إنها أيضا تتسبب في مشكلة خطر فقدان قدرة المريض على مقاومة العدوى».
ومن هذا المنطلق يوصي الباحثون بضرورة ضمان استمرار تقديم رعاية الأسنان بوضع طبيعي الجديد في زمن كوفيد-19، من خلال تأمين الحصول على مواعيد عاجلة لعلاج الحالات المتفاقمة بجودة عالية واستخدام المضادات الحيوية بأقل قدر ممكن.
العربية.نت