تجاوزت حالات «كوفيد ـ 19» عتبة 1000 إصابة يوميا في منحنى تصاعدي كبير وخطير يبعث على الخوف والقلق ويطرح في نفس الوقت تساؤلات حول الإمكانات الموفّرة للتكفل بالمصابين على مستوى المؤسسات الاستشفائية والوقاية منه، لتزامنه مع الدخول الاجتماعي والمدرسي، حيث يكون انتقال العدوى بشكل أوسع وأسرع.
على ضوء هذه المستجدات، تطرح مسألة التكفل بالمصابين في المستشفيات بحدة. واستنادا إلى آخر الإحصائيات المعلن عنها من قبل الوزارة الوصية، فإن نسبة شغل الأسرّة في المستشفيات قد تضاعف شهر أكتوبر الفارط. علما أن الأرقام لم تكن تتجاوز آنذاك 600 حالة يوميا، كيف هي وضعية المستشفيات اليوم وقد صرنا نعد الحالات بأربعة أرقام؟.
اللجنة العلمية تشدد الإجراءات الوقائية
بحثنا عن الجواب ولم نجده، والمعلومات المتوفرة حاليا هي ان كل المستشفيات تقريبا، جهزت لمواجهة العدد الكبير للمصابين بكورونا، طوابير طويلة تنتظر في أروقة المصالح الاستشفائية وأخرى داخل سياراتها في الخارج، بحسب ما صرح به لـ «الشعب» الدكتور إلياس مرابط، رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، مؤكدا أن الوضع صار التحكم فيه صعبا جدا، نظرا لمحدودية الإمكانات التي تتوفر عليها المصالح الطبية على مستوى المؤسسات الاستشفائية، ما جعل البروفسور طواهرية عضو اللجنة العلمية لرصد ومتابعة فيروس كورونا، يعلن، أول أمس، عن التوجه إلى تشديد الإجراءات الوقائية.
وزاد الوضع تعقيدا، الدخول الاجتماعي والمدرسي، على ضوء لامبالاة البعض وحالة التراخي. الأطفال وإن كانوا أقل عرضة للاصابة بالوباء، رغم أن إمكانية حمل الفيروس موجودة عندهم، إلا ان الأعراض لا تظهر عليهم، فهم ناقلون للفيروس، وغير متأثرين به ولذلك يوصي الأطباء بضرورة تطبيق الإجراءات الوقائية على مستوى المؤسسات التربوية في جميع الأطوار التعليمية.
خياطي: حالات الإصابة عند الأطفال 3٪
لكن البروفسور خياطي، رئيس منتدى «فورام»، يعتقد أن البروتوكول الصحي لا يطبقه مفتش التربية، وإنما مصالح الصحة المعنية، مفيدا أنه بالرغم من ان الإصابات لدى الأطفال لا تكاد تذكر، إلا أنهم ناقلون للفيروس، سواء على مستوى العائلة أو في المحيط المدرسي، أي للأساتذة.
واعلن في سياق ذي صلة، أن إصابة الأطفال بالفيروس لا تتعدى 3٪، بحسب دراسة إجريت مؤخرا بالجزائر، في حين ان المعدل العالمي للإصابات لدى الشريحة يتراوح ما بين 1 الى 5٪.
ويرى خياطي انه من الضروري استقراء نتائج البحوث حول تطور الوباء التي تصدر يوميا، ولابد كذلك من تحليلها لمعرفة كيف يتطور الفيروس، لاتخاذ التدابير اللازمة، خاصة وان المعلومات تتغير في كل مرة.
وذكر أستاذ في الطب، عدم وجود الإمكانات لتطبيق البروتوكول الصحي في المؤسسات التربوية، مشيرا أن تمويل المدارس الابتدائية تقع على عاتق ميزانية البلديات، والأخيرة عادة ما تعاني من مشكلة التمويل، فكيف لها ان توفر المعقمات والكمامات لكل الأطفال المتمدرسين؟
ويعتقد أن فتح المؤسسات التربوية في أوج الأزمة الصحية عقد الأمر، لانه يساهم في امتداد سلسلة الفيروس بدل كسرها من خلال التقيد بالتدابير الصحية الوقائية والتباعد الجسدي.
و كان الأجدر تأجيل الدخول حتى توفير كافة المستلزمات الوقائية، فالمحيط التربوي على ضوء نقص الامكانات لا يستطيع ان يكسر سلسلة الفيروس القاتل، لأنه لا يمكن التحكم في سلوكيات الأطفال خارج المؤسسة التربوية، حتى وإن طبقت التدابير الوقائية داخل أسوار هذه المؤسسات.
وبعد الارتفاع غير مسبوق في حالات كوفيد ـ 19، ما يزال الأطباء يرددون ويشددون على نفس التوصيات، متمثلة في الوقاية، من خلال التقيد بالتدابير الصحية، لأنها السبيل الوحيد لكسر سلسلة الفيروس وتقليل العدوى، مشيرين انه كان بالامكان التوصل الى هذا الهدف، خاصة وان الفيروس اصبح «محليا»، والحدود الجزائرية لم تفتح منذ مارس الفائت.