استكملت وزارة الصيد البحري والموارد الصيدية كافة التحضيرات الخاصة بالحملة الثالثة لصيد التونة الحمراء، التي قرّر الشروع فيها يوم 26 ماي الجاري على أن تستمر إلى غاية 24 جوان المقبل، وتم تسليم 8 تراخيص صيد لمتعاملين جزائريين ينتظر منهم اصطياد كامل الكوطة المقدرة بـ243 طن، وهذا للحفاظ على حصة الجزائر في انتظار اجتماع اللجنة الدولية للحفاظ على سمك التونة بالمحيط الأطلسي شهر نوفمبر المقبل للمطالبة باسترجاع حصتها التاريخية المقدرة بـ5% من القيمة الإجمالية لحصص الصيد.
قال رئيس ديوان وزارة الصيد البحري والموارد الصيدية، كمال نغلي، في حديث لـ«الشعب”، أن اللجنة الوزارية المختصة في دراسة ملفات المهتمين بصيد التونة الحمراء قد أنهت عملها، حيث وافقت على منح تراخيص الصيد لـ 8 متعاملين من بين 9 أبدوا اهتمامهم للمشاركة في الحملة الثالثة لصيد التونة الحمراء في الفترة من 26 ماي الجاري إلى غاية 24 جوان المقبل، وبالنظر إلى عدد المهتمين نجد أن عددهم انخفض مقارنة بالسنة الماضية حيث أبدى 15 متعاملا اهتمامهم بصيد التونة الحمراء غير أنه تم منح الرخص لـ 4 فقط منهم، نظرا لعدم استيفاء الآخرين الشروط المطلوبة، في حين أبدى هذه السنة 9 متعاملين اهتمامهم بعملية الصيد ومنحت التراخيص لـ 8 منهم، وهذا ما يؤشر على مدى وعي المهنيين وفهمهم الجيد لشروط الصيد كما تبرهن على أن عملية الاختيار كانت جادة، واحترمت فيها الشروط الوطنية المستمدة من القوانين الدولية، فضلا عن عملية التحسيس التي يظهر أنها أتت أكللها حيث قام إطارات من وزارة الصيد-يضيف نغلي- بعملية تحسيس واسعة وسط المهنيين والمهتمين بصيد التونة الحمراء، تمّ خلالها شرح طريقة الصيد والشروط الواجب التقيد بها لإنجاح الحملة، وهي شروط وإجراءات صارمة تنص عليها قوانين المنظمة الدولية للحفاظ على سمك التونة في الأطلسي.
وأشار نغلي إلى أن الجزائر تملك إطارا تشريعيا وقانونيا صارما تسهر الإدارة على تطبيقه، وما على المهنيين إلا احترامه، مضيفا أن اللجنة الدولية للحفاظ على سمك التونة في المحيط الأطلسي تحرص على أن تتقيد كل الدول بالقوانين لمنع الصيد العشوائي للتونة وبالتالي الحفاظ على هذه الثروة التي غالبا ما تتعرض للنهب والتهريب، وبغرض متابعة عملية الصيد تقوم بإيفاد مراقب جهوي يكون من محيط البحر الأبيض المتوسط، كما تستعمل في عملية المراقبة وسائل تقنية متطورة ككاميرات المراقبة تحت الماء، والأقمار الصناعية “الساتيليت”.
ولفت نغلي الانتباه إلى أن عملية المراقبة لا تنحصر أثناء فترة الصيد بل تمتد إلى غاية وصول المنتوج إلى الأسواق الدولية، وهذا منعا لمحاولة أي تهريب أو تلاعب من طرف الصيادين.
نحو تكوين ممنهج
وبهدف وضع مالكي سفن الصيد في الصورة، وكذا المهنيين وإمدادهم بمختلف المعارف والتقنيات الخاصة بعملية صيد التونة الحمراء وإطلاعهم على أدوارهم الرئيسية، شرعت وزارة الصيد قبل انطلاق الحملة السنوية بأسابيع في دورة تكوينية لفائدة المهنيين، أطّرها خبراء أجانب.
واستفاد من هذه الدورة التكوينية حسب قدور عمر، مدير الصيد البحري والصيد في المحيطات 8 ربابين، 4 بحارة، 18 غطاسا، و18 مراقبا.
وتهدف الدورة التكوينية ـ يقول رئيس ديوان وزارة الصيد ـ إلى تلقين المهنيين كل المعارف والتقنيات سواء ما تعلق بقيادة السفن، أو عملية الصيد التي تحتاج إلى وسائل تقنية متطورة، والتخلص تدريجيا من اليد العاملة الأجنبية إذ أثبتت الحملات السابقة لجوء الصيادين الجزائريين إلى الأجانب بحجة نقص الخبرة في عملية الصيد وكذا في قيادة السفن، وهو ما دفعنا إلى تسطير هذه الدورة التكوينية وتوسيعها لتشمل المراقبين والغطاسين بغرض ربط الاتصال بين مراقبي وزارة الصيد البحري ومراقبي اللجنة الدولية في إطار المساعي المشتركة لتبادل المعلومات والإحصائيات الهامة حول عملية صيد سمك التونة الحمراء والتشاور بخصوص الجوانب التقنية للعملية، حيث يقضي القانون في هذا المجال بإرفاق كل باخرة بمراقب واحد وفرد واحد من حراس الشواطئ ومراقب دولي موفد من طرف اللجنة الدولية للحفاظ على سمك التونة في الأطلسي إضافة إلى المستخدمين والغطّاسين، ويتم صيد سمك التونة تحت البحر وتحديد الكميات المناسبة من خلال كاميرات خاصة ووسائل تقنية متعددة للمراقبة والقياس.
ولأن صيد التونة الحمراء يتميز بخصوصية استوجب تحضير الغطاسين الجزائريين والمجهزين لهذه العملية بدقة لتتم بالمواصفات الدولية المعروفة.
وتسعى وزارة الصيد حسبما كشف عنه نغلي، إلى إدماج صيد التونة كمادة في مناهج التكوين على مستوى المعاهد التابعة للقطاع و في الأقسام الخاصة، حيث يستفيد الطلبة والمهنيون على حد سواء من تكوين في هذا الجانب، مشيرا إلى إمكانية الاستعانة بخبراء تونسيين بحكم تجربتهم الرائدة وتحكمهم في هذا المجال.
تحفيز المتعاملين الوطنيين للتوجه إلى تربية سمك التونة
يعترف رئيس ديوان وزارة الصيد، أن الحصة الإجمالية من صيد التونة الحمراء المخصصة للجزائر والمقدرة بـ 243 طن خلقت نوعا من الإجحاف في حق أصحاب سفن التونة الكبيرة، إذ في الوقت الذي يحققون فيه نتائج متقدمة مقارنة بأصحاب السفن الصغيرة يتحصلون على نفس الحصة، كما أن ارتفاع عدد المهتمين بالصيد يخفض حصة الفرد الواحد إلى 30 طن كما هو الحال هذه السنة، وهو ما يشكل ورقة ضغط قد تستخدمها الجزائر في اجتماع المنظمة الدولية للحفاظ على سمك التونة في المحيط الأطلسي المقرر شهر نوفمبر، للمطالبة برفع حصتها.
ولتجاوز هذا الإشكال، قال نغلي أن مصالح الوزارة تبحث عن حل وذلك بالتنسيق مع المهنيين لوضع اتفاق يفضي إلى تشكيل مجموعة للعمل مع بعض وتقسيم الأدوار إذ يمكن أن يكلّف واحد باستكشاف أسراب التونة، وآخر بإطعامه، وآخر بنقله إلى أقفاص التسمين، وذلك لضمان نجاح الحملة، وتشجيع المهنيين على الاستثمار المنتج.
من جهة أخرى، أوضح ذات المسؤول، أن تحصيل الإتاوات المستحقة على السفن سمح بإدخال 6.5 مليون دينار للخزينة العمومية، في حين سيتم تصدير كمية التونة المصطادة نظرا لانعدام سوق داخلية لهذا المنتوج، وارتفاع قيمته الاقتصادية عند بيعه في الأسواق الدولية.
وكشف نغلي، أن التفكير منصب على إقامة مزارع لتسمين سمك التونة مستقبلا، لكن الأمر مرتبط كما قال بمدى رغبة المستثمرين الجزائريين في دخول هذا المجال.