أكد رئيس وزراء مالي، مختار وان، أن إعادة بعث تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة الوطنية المنبثق عن مسار الجزائر، «أولوية إستراتيجية رئيسية» للمرحلة الانتقالية على النحو المنصوص عليه في خارطة الطريق المعتمدة في نهاية «المشاورات الوطنية» في سبتمبر الماضي، مشددا على ضرورة الالتزام الراسخ لجميع مكونات المجتمع المالي بتنفيذه.
أكد مختار وان - خلال استئناف أشغال لجنة متابعة اتفاق السلام والمصالحة في مالي في دورتها العادية 41 بمقر بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) مساء الاثنين بباماكو- أكد أن هذه الجلسة «تمثل استئناف عمل لجنة المتابعة بعد عدة أشهر من التعليق «بسبب السياق الاجتماعي والاقتصادي وكذا السياسي المضطرب» الذي شهدته جمهورية مالي خلال الفترة الماضية.
وأضاف في السياق ذاته، أن «تنفيذ اتفاق السلام والمصالحة الناتج عن مسار الجزائر قد سجل بعض التأخير أيضا على خلفية تدهور الوضع الأمني في البلاد».
أولوية المصالحة
وجدد الوزير المالي، بالمناسبة، التذكير بأولوية إعادة إطلاق «مشروع المصالحة الوطنية، باعتباره أولوية استراتيجية رئيسية» للمرحلة الانتقالية على النحو المنصوص عليه في خارطة الطريق المعتمدة في نهاية «المشاورات الوطنية» المالية في سبتمبر الماضي، وهو ما يستدعي -كما قال- العمل على «قضايا العدالة الانتقالية وتهيئة الظروف المواتية لعودة النازحين واللاجئين». كما اغتنم الفرصة للتأكيد بقوة على أن «استقرار مالي سيعتمد على التقدم الذي أحرزناه في مجال المصالحة».
وبعد أن ذكر بأن الأجهزة الانتقالية في مالي عبرت منذ تنصيبها وفي عدة مناسبات، عن «ارتباطها الثابت بهذه العملية»، أبرز رئيس وزراء مالي أن «الفترة القصيرة نسبيا للمرحلة الانتقالية (18 شهرا) تتطلب اتخاذ الخيارات وتحديد الأولويات الواضحة التي سيعطي تنفيذها قوة دفع جديدة لتنفيذ اتفاق السلم والمصالحة».
ولهذا دعا إلى «الالتزام الراسخ لجميع مكونات الأمة المالية»، مشددا على «أهمية إشراك جميع شرائح الأمة المالية في تنفيذ الاتفاقية. من أجل عملية شاملة وسلمية وأكثر كفاءة حقا».
تنشيط عملية نزع السلاح
ودعا مواطنيه إلى «إعطاء الأولوية لأربع نقاط من أجل المضي قدما في تنفيذ اتفاق السلام، لخصها في عملية نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج، وتسريع الإصلاحات السياسية والمؤسسية، ودعم إجراءات التنمية وإعادة إطلاق مشروع المصالحة الوطنية».
واعتبر المسؤول المالي، أن «مسألة تنشيط عملية نزع السلاح وإعادة الإدماج الاجتماعي، من أهم نقاط تنفيذ بنود السلم والمصالحة من أجل تعزيز الأمن في جميع أنحاء البلاد»، وهو من الأولويات التي قال إن حكومة بلاده «تسهر على تحقيقها»، مبرزا أن «عدم فاعلية برنامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج سيبقي مالي في دوامة من العنف وتشكل خطورة على التماسك الاجتماعي والمصالحة».
تسريع الإصلاحات السياسية
وأكد على ضرورة «تسريع الإصلاحات السياسية والمؤسسية» في البلاد، مذكرا في السياق أن «خارطة الطريق الانتقالية تكرس محورا كاملا لمراعاة الإصلاحات السياسية والمؤسسية، من خلال «على وجه الخصوص، استكمال عملية إعادة التنظيم الإقليمي، ووضع واعتماد دستور جديد، بالإضافة إلى استمرار مشروع الجهوية.
ويرى الوزير المالي، أنه في خضم «هذه الديناميكية سيتم إنشاء وزارة مكرسة لإعادة تأسيس الدولة والتي ستقود، بالتعاون مع الإدارات الأخرى المعنية، جميع الإصلاحات المؤسسية اللازمة لبناء دولة جديدة»، لافتا إلى أن «هذا المسعى تنص عليه اتفاقية السلم والمصالحة والبعض الآخر مذكور في قرارات الحوار الوطني الشامل لعام 2019».
خارطة طريق لمواكبة أهداف اتفاق السلام
وفي كلمة خلال افتتاح أشغال الدورة العادية 41 للجنة متابعة اتفاق السلم والمصالحة المنبثق عن مسار الجزائر، جدد وزير الخارجية، صبري بوقدوم، التزام الجزائر، باعتبارها على رأس الوساطة الدولية ورئيسة لجنة متابعة اتفاق السلم، ببذل ما في وسعها لمواصلة تنفيذ الاتفاق «خلال هذه الفترة الحساسة».
واقترح السيد بوقدوم إعداد خارطة طريق جديدة مواكبة لأهداف اتفاق السلم ومسار التحول في مالي، مجددا التزام الجزائر بمرافقة مالي في هذا المسار. وأبرز أن «الجزائر وإذ بذلت مجهودات جبارة من أجل استقرار مالي عن طريق التوقيع على اتفاق السلم والحفاظ على استقرار هذا البلد الشقيق خلال الأشهر الأخيرة، فإنها تلتزم بمرافقة مسار التحول الحالي».
وكانت الوساطة الدولية قد اجتمعت، بداية أكتوبر الماضي، برئاسة سفارة الجزائر بباماكو، لمناقشة تطورات الوضع في مالي، لاسيما فيما يخص تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة على ضوء المستجدات التي شهدتها البلاد.
وحضر الاجتماع، الذي ترأسه سفير الجزائر لدى مالي، كلّ من رئيس بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام (مينوسما) محمد صالح النظيف، ودبلوماسيين وممثلي المنظمات الدولية، من بينهم المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا «إيكواس»، تم خلاله الترحيب بتجديد السلطات الانتقالية في مالي والتزامها بتسريع عملية تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة وتشجيع الأطراف الموقعة عليه على تطبيقه بحسن نية. كما أكدت الوساطة التزامها بمواصلة مرافقة مالي خلال المرحلة الانتقالية الراهنة.