طباعة هذه الصفحة

الجزائر أمام موجة ثانية «شرسة»

المؤسسات الصحية والأطقم الطبية تحت الضغط

صونيا طبة

تشهد أغلب المراكز الاستشفائية بالجزائر العاصمة، ضغطا شديدا في الأيام الأخيرة بسبب ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا، حيث وصل الأمر إلى حد رفض المستشفيات استقبال بعض الحالات الخطرة بكوفيد -19 والذين يعانون من صعوبات في التنفس، نظرا لعدم توفر أسرة إضافية في قاعات الإنعاش.
وباتت الأقسام المخصصة لتشخيص فيروس كورونا، في مختلف المستشفيات ممتلئة عن آخرها بالمصابين، والذين يحملون أعراض الإصابة بالوباء، وفي غالب الأحيان يقوم الأطباء بتوجيههم إلى الصيدليات لاقتناء بروتوكول العلاج «كلوروكين» وتناوله في البيوت ونصح المصابين بعزلة تامة لتفادي نقل عدوى الفيروس إلى الآخرين، في حين يضطر الأطباء إلى استقبال الحالات الحرجة فقط في المستشفى دون سواها.
وبحسب العديد من المواطنين الذين تقربوا إلى المستشفيات بغرض تلقي العلاج، بعد تأكد إصابتهم بكوفيد-19، فإن الأطباء أكدوا لهم عدم وجود أماكن لاستقبالهم في المستشفى حتى وإن كانت الحالة خطرة، لأن الأمر خارج عن نطاقهم، إذ يكتفي الأطباء بتوجيه المرضى ووصف الدواء لهم، قائلين إن بعضهم يعانون من ضيق حاد في التنفس ووجع على مستوى الصدر وأعراض صعبة ولكن لا يتم استقبالهم في مختلف المؤسسات الصحية.
وشكل الوضع الوبائي الصعب ضغطا كبيرا أيضا على الطاقم الطبي وشبه الطبي الذين يعيشون حالة من الإرهاق والتعب الشديد في مختلف المؤسسات الصحية، العمومية منها والخاصة، بعد عدة أشهر من العمل المتواصل دون توقف، ولكنهم مستمرون في التكفل بجميع المرضى، بالرغم من أنهم معرضون لخطر الإصابة ويعيشون قلقا وخوفا من نقل العدوى إلى أسرهم.
وأجمع الأطباء الذين تحدثنا اليهم، أنهم مطالبون بتشخيص جميع المرضى الذين يأتون إلى العيادة، ولكن لا يمكن استقبال كل الحالات وإنما يضطر الطاقم الطبي لاختيار بين من يتلقى العلاج، وهم الأشخاص الذين بحاجة إلى تكفل استعجالي لإنقاذ حياتهم، أما بقية المرضى توصف لهم الأدوية اللازمة ويقومون بتناولها في المنزل، مع عدم الاختلاط بغير المصابين حفاظا على سلامتهم.
وأكدت الدكتورة ليلى قبلي لـ «الشعب»، أن عيادة الأزهر تستقبل في الأيام الأخيرة عدة حالات تعاني من أعراض الإصابة بكوفيد-19 كالحمى والإسهال وفقدان حاستي الشم والذوق وآلام في الرأس ومختلف العلامات التي تشير إلى الإصابة بكورونا، مشيرة إلى أن أغلبية المرضى الذين يتم فحصهم باستعمال السكانير للصدر تكشف النتائج عن إصابتهم بالفيروس، بالإضافة إلى فحوصات» بي.سي.أر» التي توفرها العيادة، كاشفة أن 25 مريضا بفيروس كورونا ممن تم تشخيصهم قبل عدة أشهر، ظهرت عليهم أعراض الكورونا مرة أخرى.
وحذرت الدكتورة قبلي من موجة ثانية أكثر شراسة من الأولى، والدليل على ذلك ارتفاع عدد الإصابات بالفيروس وزيادة الحالات الخطيرة التي تتعرض إلى مضاعفات، خاصة لدى كبار السن والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة كالسكري والضغط الدموي وأمراض القلب، مرجعة تصاعد منحنى الوباء إلى عدم الالتزام بالقواعد الوقائية نتيجة الاستهتار بخطورة هذا الفيروس الذي يخلف يوميا عدة وفيات.
ودعت المواطنين إلى تحمل المسؤولية في الأيام القادمة وعدم التهاون في ارتداء الكمامة التي، على حد تعبيرها، تحمي الأشخاص من التقاط العدوى بنسبة عالية، مقدمة نصائح بتغييرها كل 4 ساعات وتجنب استعمال الكمامة المصنوعة من القماش لعدم فعاليتها في الحماية من الإصابة بالفيروس مقارنة بالكمامة الطبية، بالإضافة إلى ضرورة تفادي التجمعات والاكتظاظ.
 وكان مدير المعهد الوطني للصحة العمومية وعضو لجنة متابعة ورصد وباء كوفيد-19، إلياس رحال، قد كشف أن عدد المصابين بفيروس كورونا والمتواجدين في مصالح الإنعاش تضاعف مرتين منذ بداية شهر أكتوبر.
كما أشار إلى تخصيص 16 ألف سرير للتكفل بمرضى كورونا، مشيرا إلى توفير 87 سريرا في المستشفى الجامعي مصطفى باشا، منبها أنها امتلأت مع بداية انتشار الوباء بنسبة 27 بالمائة، قبل أن تتضاعف في شهر أكتوبر، بسبب تسجيل ارتفاع في عدد الإصابات اليومية، قائلا إن 50 بالمائة من المرضى متواجدون في المستشفيات لتلقي العلاج.