طباعة هذه الصفحة

41 حريقا بعدة ولايات من الوطن

إعادة النظر في تسيير الأخطار الكبرى أصبحت ضرورية

فتيحة كلواز

أبانت الحرائق المهولة التي عرفتها ولايات عدة عبر الوطن، أول أمس الجمعة، عن حقيقة التهديد الذي يعرفه النظام الايكولوجي في الجزائر بسبب الإتلاف المستمر للغطاء النباتي، وعرف تضررا كبيرا في السنوات الأخيرة، بالرغم من الإمكانيات المسخرة لإخمادها تسجل في كل مرة خسائر بشرية ومادية.

لم تستطع خرائط خطر حرائق التي صممها نادي الأخطار الكبرى منذ 2003 إبعاد تهديدها، وسواء كانت بفعل فاعل أو لا يجب تحديد المسؤوليات حتى نتجاوز سياسة اللاعقاب ما يساهم في الحفاظ على الثروة الغابية.
كشف مدير الدراسات بالمديرية العامة للغابات محمد عباس في اتصال مع «الشعب»، في حصيلة أولية للحرائق التي عرفتها مناطق مختلفة من الوطن منذ يوم الجمعة، تسجيل 41 حريقا، تم إخماد 15 حريقا بولاية تلمسان، 4 حرائق بوهران، 6 حرائق بسيدي بلعباس، حريقين بعين تموشنت وحريق واحد بولاية مستغانم، فيما تعكف مختلف المصالح المعنية على إخماد 3 حرائق بولاية الشلف و 9 حرائق بالبليدة.
واعتبر في نفس السياق، حريق تيبازة الأهم لتسببه في وفاة شخصين داخل المدجنة التي اندلعت بها الشرارة الأولى للحريق، ونقل 30 شخصا إلى المستشفى بسبب الاختناق، لذلك تم تجنيد وتركيز الإمكانيات ببلدية قوراية من طرف المديرية العامة للغابات بالتنسيق مع الحماية المدنية.
وأرجع سبب اندلاع الحرائق التي كانت أغلبها في غرب الوطن إلى الجفاف الذي شهدته المنطقة بسبب تأخر سقوط الأمطار في الأسابيع الأخيرة، كما ساهمت قوة الرياح في زيادة شدة سرعة انتشارها، مؤكدا أن التحقيقات هي من ستحدد السبب الحقيقي لنشوبها.
وعن الإحصائيات التي سجلتها المديرية العامة للغابات، قال محمد عباس إنه تم تسجيل في الفترة الممتدة من 1 جوان إلى 31 أكتوبر 3292 حريق، وإتلاف 42338 هكتار.
من جهته، أكد المدير الفرعي للإحصائيات والإعلام بالمديرية العامة للحماية المدنية العقيد فاروق عاشور في اتصال مع «الشعب»، تسجيل حرائق على مستوى 10 ولايات هي سيدي بلعباس، بومرداس، تلمسان، تيزي وزو، وهران، مستغانم، تيبازة، بجاية والمدية، كانت أهمها بولاية وهران، تلمسان والشلف، معتبرا تيبازة أكثرها تضررا حيث تم تسجيل 10 حرائق كانت تهدد 12 قرية على مستوى بلدية قوراية فقط.
وأوضح المتحدث أن خطورة الوضع استدعت إعطاء الأولوية لحماية سكان هذه القرى والمداشر، أين تم إسعاف 25 شخصا ووفاة شخصين داخل المدجنة على مستوى دوار واد مهابة، وعلى إثر ذلك تنقل المدير العام للحماية المدنية رفقة الوالي والسلطات المحلية إلى عين المكان، للوقوف على مدى نجاعة الوسائل المتدخلة، حيث أمر بإرسال دعم من كل من ولاية الجزائر والوحدة الوطنية للتدريب والتدخل.
وأكد في ذات السياق إخماد معظم الحرائق ما عدا 10 حرائق، 3 منها بولاية سيدي بلعباس وحريق واحد بالشلف،و6 حرائق بتيبازة، ما استدعى تدخل مروحيتين لإخمادها.

البروفيسور شلغوم: ضرورة التسيير الايجابي والذكي للحرائق

أوضح رئيس نادي المخاطر الكبرى البروفيسور عبد الكريم شلغوم في اتصال مع «الشعب»، أن الحرائق واحد من الأخطار الكبرى في الجزائر حسب تصنيف الأمم المتحدة لان الجزائر معروفة بحرائق الغابات والمنشآت البيتروكيمياوية، مؤكدا أن خرائط خطر الحرائق موجودة حيث صممها نادي الأخطار الكبرى منذ 2003، ليتم بعدها وضع قانون 04/20 يتناول هذا الخطر.
وشدد على ضرورة التسيير الإيجابي والذكي للحرائق من خلال التحديد الدقيق لمواقعها بكل بلدية، وحشد الإمكانيات لمكافحتها على مستوى الولايات والبلديات، وتوظيف أو وجود تقنيين متعودين على تسيير المخاطر الكبرى بالمديرية العامة للغابات والمديرية العامة للحماية المدنية.
وطالب البروفيسور شلغوم بإنشاء هيئة تتكفل بتسيير المخاطر الكبرى تابعة لرئيس الجمهورية مباشرة، وهي مطلب نادي المخاطر الكبرى منذ 16 سنة، حيث تشرف على إجراء التحقيقات في حالة نشوب أو اندلاع الحرائق، مراقبة كل الإمكانيات المتوفرة في الميدان، تطبيق المقاييس المعمول بها عالميا فيما يتعلق بالأخطار الكبرى كالزلازل والفيضانات، لان لجان التحقيق التي تم تشكيلها تتكون غالبا من إداريين عوض التقنيين.
وشدد المتحدث على ضرورة تجاوز الخطاب الموجه للاستهلاك الإعلامي، لان تسيير المخاطر الكبرى يحتاج إلى تحديد المسؤوليات، لافتا إلى أنه منذ 2001 التي عاشت الجزائر خلالها فيضانات باب الوادي وإلى يومنا، كلفت مئات المخاطر والكوارث الخزينة العمومية ما بين 20 و30 مليار دولار.
وأكد في السياق ذاته، أن تطبيق سياسة وقائية للتقليل من شدة وخسائر الأخطار الكبرى كان سيكلف الخزينة العمومية سوى 1 في المائة فقط، مرجعا السبب إلى سياسة اللاعقاب السائدة، موضحا أن المشكل ليس سياسي بل تقني.
وذكر بتسجيل سبع انفجارات في محطات «سونا طراك» في ستة أشهر الأخيرة بوادي سوف، تقرت، حاسي مسعود، ارزيو، سكيكدة، حاسي رمل، ما يحيلنا إلى واحد من مخاطر الكبرى المنتجات البيتروكيميائية.

وزارة البيئة تكثف جهود إعادة بعث النظام الطبيعي

وتأسفت وزارة البيئة ‎على إثر الحرائق التي عرفتها الغابات بعدة ولايات من الوطن، في بيان لها تسلمت «الشعب» نسخة منه، على مثل هذه الأفعال التي اعتبرتها جريمة في حق الإنسان والبيئة والطبيعة والتنوع البيولوجي الموجود في هذا النظام البيئي.
وكشفت في ذات البيان أنها ستكثف جهودها بالتنسيق مع الوزارات المعنية والجمعيات البيئية والمجتمع المدني لإعادة بعث هذا النظام الطبيعي الهام الذي يعد مصدرا للحياة وجزءا من السلسلة الغذائية، وللدور الايكولوجي والاقتصادي والسياحي من خلال الدور الذي يقوم به الأخير في المحافظة على التنوع البيولوجي والتوازن البيئي والقضاء على الفقر والذي من واجب الجميع حمايته.
وشددت وزارة البيئة في بيانها على ضرورة تكاتف الجهود للإبلاغ عن مثل هذه التجاوزات الخطيرة منوهة بالجهود الجبارة المبذولة من طرف أعوان الحماية المدنية وحراس الغابات لإخمادها.