احتفلت القناة الفضائية الجزائر «نون وان » على طريقتها بالذكرى 66 لاندلاع ثورة نوفمبر المجيد، متوقفة عند دلالاتها ومرجعيتها في التأسيس لمشروع الدولة الوطنية الحديثة.
جرى هذا في ندوة تاريخية خاصة نشطتها بتمايز وامتياز أمينة يونسي، سهرة الاثنين، حضرتها وجوه تمثل مختلف مكونات المجتمع، لها علاقة مباشرة بالحدث التاريخي الذي حرر الوطن وغيّر مجرى علاقات دولية وأسس مفاهيم جديدة لحقوق الإنسان، يتصدرها الحق في الحياة وتقرير المصير.
في شهادة مثيرة عما يحمله نوفمبر الماضي، الحاضر والمستقبل، قال المجاهد مسعود نملة، وهو من الرعيل الأول للثورة التحريرية بالولاية التاريخية الثانية، إن احتفالية ذكرى التحرر الوطني محطة لاستلهام العبر والدروس لمواصلة بناء الجزائر وتطورها والحفاظ عليها أمانة مثلما أوصى به شهداء الحرية.
وأضاف نملة، الذي التحق بجيش التحرير وعمره لا يتجاوز 17 سنة، واختص في نزع الألغام بكتيبة مجاهدين يتولون مهام جلب الأسلحة من تونس عبر بوابة القاعدة الشرقية، أن الوظيفة التي كلفوا بها لم تكن سهلة، لكن إرادتهم وحبهم للوطن وتفانيهم في إنجاح الثورة كانت أقوى وأكبر محفزا لقطع أسلاك مكهربة لخطي شال وموريس.
من جهته، أبرز الأستاذ غرداوي رئيس مصلحة التاريخ بجامعة الجزائر-2 ببوزريعة في العاصمة، عظمة الثورة الجزائرية التي انتصرت على دولة استعمارية مدعمة من الحلف الاطلسي، داعيا الى تسجيل شهادات من صنعوا ملحمة نوفمبر المرجعية، منتقدا جرائم فرنسا ضد الإنسانية بالجزائر التي لن تسقط بالتقادم.
ودعم هذا التوجه الممثل حسان بن زيراري، الذي برز دوره في فيلمي «دورية نحو الشرق» و»العقيد لطفي»، قائلا بتأثر إن الثورة الجزائرية لم تستثمر كما يجب في السمعي البصري، بدليل قلة إنتاج أفلام وطنية تعرف الأجيال بكفاح بطولي لمنتفضين ضد الخوف والتردد لإعلاء شأن الوطن.
وقال بن زراري، إنه لم يتوقف لحظة عن مناداته لصناع القرار بوجود التكفل بهذا الملف بصفة جدية وجادة ومنحه حقه في الاعتبار، بإنجاز أفلام ثورية تعرف الآخر بكفاح شعب ثائر بتاريخ بلد مجيد صنعه أبناء صغرت أمامهم الأشياء وكبرت الجزائر.
على نفس المنوال، سارت البيضاء مسعي، رئيسة الاتحاد الوطني لتطوير وتنظيم العائلة الجزائرية، كاشفة عن جدوى الاستثمار في السينما لإظهار أن الاستقلال كان ثمار مسار نضال طويل وضع أسسه نوفمبر.
هكذا، إذاً، انتصرت الثورة الجزائرية التي وظفت وسائل الكفاح ولم تسقط الإعلام من معادلة استعادة السيادة الوطنية ومواصلة مسار التجدد والتقويم ما بعد الاستقلال.
مرافقة هذا المسار تتولاه يومية «الشعب» بأمانة وتلتزم به، مذكرة النشء في كل مناسبة بمحطات مضيئة من تاريخ الجزائر البطولي.
تواصل أم الجزائد، بجريدتين ورقية ورقمية وبصفحاتها بمواقع التواصل الاجتماعي، تأدية مهامها الإعلامية في مد جسور تواصل واتصال مع مجاهدين ونخب للتعريف بالتاريخ الوطني والمساهمة في تدوينه حماية للذاكرة. وترى الجريدة، التي تأسست في الذكرى الثانية لمظاهرات 11 ديسمبر 1960 الخالدة التي أوصلت دويها الى مانهاتن، ان هذا العمل الإعلامي، الذي يحتل الأولوية لها، ضروري لإطلاع الرأي العام بعدالة القضية الجزائرية، والرد بكل اللغات والإشارات على حملات دوائر فرنسية لم تحفظ الدرس الجزائري ولم تهضم الاستقلال الوطني وتتمادى عبر أجهزة إعلامية وغير إعلامية في مسعى تبييض وجه استعمار بالادعاء الخاطئ أنه حمل رسالة تحضّر وتمدّن وتجاهل جرائم الإبادة التي لن تسقط بالتقادم.