أعلنت الشرطة الفرنسية، صباح أمس الجمعة، عن اعتقال رجل يشتبه بأنه على علاقة بالهجوم الذي وقع، الخميس، في محيط كنيسة بمدينة نيس وخلف 3 قتلى وعدة جرحى، فيما انتقد وزير الداخلية الفرنسي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
قال وزير الداخلية، جيرالد دارمانان، إن هناك احتمالا بوقوع مزيد من الهجمات في الأراضي الفرنسية. وأضاف، نحن في حرب في مواجهة عدو خارجي وداخلي، وفي مواجهة «الأيديولوجية الإسلاموية».
ولكنه رأى أنه لا ضرورة لتغيير الدستور لحماية الفرنسيين من الهجمات الإرهابية.
وفي سياق متصل، قال وزير الداخلية الفرنسي «إن تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأخيرة تجاوزت الحدود».
وكان أردوغان انتقد بشدة دفاع الرئيس الفرنسي عن الرسوم المسيئة للنبي محمد، صلى الله عليه وسلم، ووصفه للإسلام بأنه دين يعيش أزمة في كل مكان.
ماكرون متشبّث بموقفه
في وقت سابق، أمرَ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنشر آلاف الجنود من أجل حماية أماكن العبادة. وقال في تصريحات من موقع الحادثة، إن فرنسا تعرضت لهجوم من «إرهابي إسلامي»، وهو وصف أصرّ على استخدامه في حالات مماثلة، بالرغم من إثارته حفيظة الأوساط الإسلامية. وتابع قائلا، إن فرنسا تتعرض للهجوم «بسبب قيمنا، بسبب رغبتنا في الحرية، وبسبب إمكانية التمتع بحرية العقيدة على ترابنا».
وأضاف، «أقولها ثانية اليوم بوضوح كبير: لن نرضخ»، معلنا زيادة عدد الجنود في عملية «سانتينيل» من 3 آلاف إلى 7 آلاف جندي، لحماية مواقع مهمة، منها دور العبادة والمدارس، خصوصا مع اقتراب عيد «جميع القديسين» لدى الكاثوليك الأحد.
أعلى درجات التأهب
من جهته، أعلن رئيس الوزراء جان كاستيكس رفع حالة التأهب الأمني في فرنسا إلى أعلى درجاتها، وهي «طوارئ لمواجهة اعتداء»، في إطار خطة «فيجيبيرات» لحماية الأراضي الفرنسية.
وقال رئيس بلدية نيس كريستيان إستروزي، إن الهجوم في كنيسة نوتردام كان مماثلا لقطع رأس المعلم صمويل باتي في ضواحي باريس في وقت سابق من الشهر الجاري، وذلك بعدما عرض رسوما مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في فصله الدراسي. وأضاف إستروزي، «طفح الكيل… حان الوقت الآن لكي تتبرأ فرنسا من قوانين السلام، من أجل القضاء نهائيا على الفاشية الإسلامية في أراضينا».
ملابسات الهجوم
ووقع الهجوم، صباح الخميس، حيث دخل رجل مسلح بسكين إلى الكنيسة وطعن خادمها (55 عاما) حتى قتله، وقطع رأس امرأة مسنة (60 عاما) وطعن امرأة أخرى (44 عاما)، تمكنت من الفرار إلى مقهى قريب ثم لفظت أنفاسها الأخيرة هناك، وقد وصلت الشرطة بعد ذلك وتصدت للمهاجم وأصابته بالرصاص، وقد نقل إلى المستشفى وحالته حرجة.
وأعلنت مصادر أمنية، أن المهاجم تونسي يبلغ من العمر 21 عاما، وقدم إلى فرنسا من جزيرة لامبيدوزا الإيطالية، نقطة الوصول الرئيسية للمهاجرين القادمين من أفريقيا، والتي وصل إليها في 20 سبتمبر الماضي، وهو غير معروف لدى الأجهزة الأمنية.
ونقلت مصادر أمنية وقضائية، أن المهاجم يدعى إبراهيم عويساوي، وأنه قدم من لامبيدوزا الإيطالية خلال الشهر الجاري، حيث كانت السلطات المحلية ألزمته بحجر صحي قبل أن يرغم على مغادرة الأراضي الإيطالية ويفرج عنه.
مقتل مسلح يميني
وفي غضون ساعات من هجوم نيس، قتلت الشرطة رجلا هدد المارة بمسدس في منطقة مونتفافيه بمدينة أفينيون جنوبي فرنسا.
وأفاد مراسلون بأن هذا الشخص ينتمي إلى حركة «الدفاع عن أوروبا» المنتمية لأقصى اليمين. وقالت وسائل إعلام فرنسية، إن الشرطة أطلقت النار عليه بعد تهديده تاجرا من أصول مغاربية. وكانت تقارير صحفية فرنسية قد زعمت بادئ الأمر أن الرجل هتف «الله أكبر».
وبالتزامن مع هجوم نيس، أعلن التلفزيون السعودي -صباح الخميس- اعتقال سعودي في مدينة جدة بعد مهاجمته حارسا في القنصلية الفرنسية.
غضب المسلمين متواصل
وتأتي هذه الأحداث في خضم غضب المسلمين في فرنسا وفي مختلف أنحاء العالم، بعد دفاع الرئيس الفرنسي عن نشر رسوم مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه، وتصريحه في وقت سابق بأن الدين الإسلامي يعيش أزمة في كل مكان.
تنديد واسع
وقد توالت المواقف المنددة بهجوم نيس والمعبرة عن التضامن مع فرنسا، إذ كتب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تغريدة على تويتر «تقف أميركا مع حليفنا الأقدم في كفاحه. يجب أن تتوقف هذه الهجمات الإرهابية الإسلامية المتطرفة فورا. لا يمكن لأي بلد، فرنسا أو غيرها، تحملها طويلا».
وأدان قادة دول الاتحاد الأوروبي الهجوم بأشد العبارات وعدّوه هجوما على قيم أوروبا المشتركة، وأكدوا -في بيان مشترك- وقوفهم وتضامنهم مع فرنسا حكومة وشعبا، في الحرب المشتركة والمتواصلة ضد الإرهاب والتطرف العنيف على حد وصفهم.
وأعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تضامنها مع فرنسا عقب «الهجوم الوحشي» في نيس. ووصفت روسيا الهجوم بأنه «مأساة مروعة»، وقال الكرملين إن من غير المقبول إيذاء المشاعر الدينية كما أن من غير المقبول قتل الناس».
تركيا ترفض التحريض
من جهتها، دانت الخارجية التركية الهجوم وأبدت -في بيان- تضامن بلادها مع الشعب الفرنسي في مواجهة العنف والإرهاب.
وفي الوقت نفسه، قال رئيس مكتب الاتصالات في الرئاسة التركية فخر الدين ألتون، إنه لا يمكن استغلال الإسلام باسم الإرهاب. وأضاف، «ندعو القيادة الفرنسية إلى تجنب المزيد من الخطاب التحريضي على المسلمين والتركيز بدلا من ذلك على ضبط مرتكبي هذا العمل وأعمال العنف الأخرى».