ذكر الوزير الأول عبد العزيز جراد، أمس، أن «المفكر الراحل مالك بن نبي، كان رجلا جيو-سياسيا بامتياز»، استشرف في كتاباته ونظرياته وأطروحاته، في خمسينيات القرن الماضي، الكثير من المتغيرات والظواهر التي عرفها العالم في القرن العشرين».
سلط الوزير الأول، في افتتاح الندوة الوطنية الأولى حول فكر مالك بن نبي، التي نظمتها وزارة الثقافة بالمكتبة الوطنية الحامة، تحت شعار: «في الإصغاء لشاهد على القرن»، الضوء على جانب من فكر مالك بن نبي لا يهتم به كثيرا، وهو فكره الذي يعالج العلاقة بين العالم السياسي والجغرافي».
وأضاف جراد، «نحن نقول نعرف الراحل مالك بن نبي كفيلسوف وعالم اجتماع وعالم اقتصاد، مفكر إسلامي وسياسي، ولكن الكثير يجهل أنه سبق وأن ربط العلاقة الجدلية بين السلطة السياسية والجانب الجغرافي، ويمكن أن نتحكم في الفضاء المحيط المباشر لسياسة ما».
ودعا مالك بن نبي، يضيف جراد، «المسلمين أن يهتموا ويفكروا في بناء ما أسماه إمبراطورية روحية، أو كومنولت إسلامي، لا يقوم على هيمنة دولة ما بل يضمن الحريات السياسية لكل دولة، مع توحيد ديني تحت هيئة روحية».
وتأسف المتحدث لتهميش المفكر الفيلسوف في الثمانينيات من القرن الماضي حيث «لم يكن موجودا في الجامعة الجزائرية وحتى في كلية العلوم السياسية بالرغم من تعريبها».
ويرى الوزير الأول، أن الإشكالية المطروحة اليوم هي: «هل فكر مالك بن نبي متواجد بيننا في الجامعات والمفكرين والسياسيين؟ وهل الرجل المسلم المفكر باق كما كان عليه في الخمسينيات والستينيات ينطلق من نظريات ومقاربات إيديولوجية خارج الفضاء الإسلامي؟
«لقد تأثرنا بالشيوعية ولازلنا نتأثر بالليبرالية كإيديولوجية وليس كسيرورة اقتصادية ولم نتأثر- يقول جراد – بفكر مالك بن نبي للوصول إلى مفاتيح لتحليل مجتمعاتنا وفهم أزماتنا وإيجاد الحلول لشعوبنا»، مضيفا «أن مالك بن نبي لم يعط الحلول، لكنه وضع أطروحات لازالت قائمة».
من جهتها، أشارت وزيرة الثقافة والفنون مليكة بن دودة بالمناسبة، «أن مالك بن نبي، رجلٌ صاغ المعنى في لحظةٍ فارقةٍ من تاريخ الجزائر، وبينما كانَ السّؤال وجوديًّا والارتهان للاستعمارِ والأفق معتم، اختار طرحَ أسئلة جذريّة، وبلغَ الجوهرَ دون انتظار، فكان مفكّرنا يأملُ في عقل ينتمي لفضاءِ التّفكير المُحرجِ، فَضاء انتكسَ وحاصرتهُ أسبابُ اللاتفكير، ثمّ شَاعت فيهِ حالة من المزيجِ غير المسبوقِ بين الوهم والاستسلام، وتحوّلت اليقينيات وعلى رأسها العقل إلى مجال تشكيكٍ، ومجالات السّؤال والشكّ، كالمعرفةِ والوجودِ إلى يقينيات لا تجادل». وأضافت بن دودة، أن مالك عاد اليوم الى الواجهة، قائلة إنه «بيننا لأنّه سعى لتفسير الظّواهر الثّقافيّة والحضاريّة التي تعنينا، واقترحَ من موقعهِ علاجاتٍ عاجلةٍ وأخرى لاحقةٍ لمآزقنا، ونحن فيه كذلك باعتبارنا مجتمعه الذي شغله وحمل همّه».